مصر والاحتباس الحرارى - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 12:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر والاحتباس الحرارى

نشر فى : الخميس 2 سبتمبر 2021 - 8:50 م | آخر تحديث : الخميس 2 سبتمبر 2021 - 8:50 م

فى الأسبوع الماضى تحدثنا عن معنى الاحتباس الحرارى، وأهم البلدان المسببة له. اليوم نتناول أثر هذا الاحتباس على مصر، وكيف لها أن تحد منه.

بداية يشار إلى أنه طالما أن الاحتباس الحرارى مرتبط بالانبعاثات الحرارية المتصلة بسياسات التصنيع سواء المحلى وهذا تأثيره محدود بسبب محدودية النشاط الصناعى فى مصر، أو الدولى وهذا تأثيره كبير للغاية على مصر بسبب النشاط المكثف للدول الصناعية فى المعمورة، فإن هذا الاحتباس سيكون له تأثيرات سلبية على مصر، خاصة مع ضعف الإمكانات التى يمكن من خلالها مواجهة هذا الاحتباس. رغم تفاعل مصر مع تلك الظاهرة منذ مشاركتها فى قمة كيوتو للمناخ 1992 وقمة باريس 2015 وقمة نيويورك 2019.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغت التقديرات الكمية لغازات الاحتباس الحرارى المنبعثة مصريا 197 مليون طن عام 2013، ارتفعت إلى 197,1 مليون طن عام 2014. ورغم كبر تلك النسبة إلا أن مصر تتأثر بالانبعاثات الحرارية الخارجية بدرجة أكبر بكثير، لأن تلك الانبعاثات لا تعدو أن تكون 5.%؟؟؟؟ من الانبعاثات العالمية، وهى انبعاثات لا تعرف الحدود السياسية بين الدول.
واحد من أهم القطاعات المتأثرة بالاحتباس الحرارى فى مصر هو قطاع الزراعة وقطاع الرى، لأنه أكثر الأنشطة تأثرا بالمناخ، ثم الأحوزة العمرانية فى بعض المناطق.
ولعل تأثر قطاعى الزراعة والرى بشكل أكبر من غيره، يرجع إلى أن هذا الاحتباس مرتبط بارتفاع درجة حرارة الجو والتربة ومياه الرى، بسبب التأثر الشديد بانتشار غازات أول وثانى أكسيد الكربون والميثان وأول أكسيد النيتروز. وكلها ناتجة عن مخلفات المصانع بشكل أساسى.

كل ما سبق من أمور يؤدى إلى تغير طبيعة الدورات الزراعية، التى تعتمد على وجود غذاء يزرع شتاء وآخر صيفًا، ما يجعل هناك حالات ارتباك محصولى، بسبب ارتفاع درجات الحرارة فى أوقات غير معتادة فى فصل الشتاء، وارتفاعها بشكل كبير للغاية فى بعض أيام الصيف، وكذك هطول الأمطار فى أوقات غير طبيعية أو فى أماكن غير مألوفة، أو زيادة شح المياه. وإذا ما قوبل كل ذلك بعدم وجود قدرة على مواجهة تلك التغيرات بسبب ضعف الإمكانات، أو الفساد الإدارى والوظيفى لتبين شدة وطأة المسألة. هنا من المهم أن نتذكر ظاهرة ارتفاع الحرارة بشكل كبير جدا فى بعض أيام فصل الربيع فى السنوات القليلة الماضية، وزيادة عدد مرات السيول كظاهرة لم تعرفها مصر إلا فى العقدين الأخيرين فقط، ضاربة مناطق البحر الأحمر وبعض مدن الصعيد، فى ظل وجود جهد محدود لمواجهتها أو حتى الاستفادة منها.

إذا أضيف إلى كل ما سبق تغير خواص مياه الرى بسبب انخفاض تركيز الأكسجين المذاب فى نهر النيل بسبب الانبعاثات الحرارية، لاكتملت الصورة، فى أثر تلك المياه على إنتاجية الفدان، خاصة بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية التى تسعى مصر فيها لتقليل الاعتماد على الخارج، ويقصد بها تحديدًا القمح.
المؤكد أن ما سبق من مشكلات لن يؤثر فقط على إنتاجية الفدان، بل على وجود خواص غريبة فى المحصول من حيث النضوج واللون وغيره، إضافة إلى أن تلك التغيرات تسبب ظهور عديد الآفات التى لم يعد بسهولة مقاومتها، وإذا أضيف إلى كل ما سبق المشكلات الموجودة فى البيئة الزراعية المصرية بداية، كتفتيت الحيازات، ومشكلات توزيع الأسمدة والفساد الكبير فى الحصول عليها، ما أدى لوجود سوق سواء فيها، لتبين مدى عمق المشكلة التى نواجهها بسبب الاحتباس الحرارى وتداعياته.
وبطبيعة الحال تزداد المشكلة الغذائية كبرًا بانخفاض الإنتاج السمكى بسبب ارتفاع درجة حرارة الماء، وتأثر الأسماك بنقص نسبة الأكسجين فى الماء، ما ينذر بتقليل الإنتاج السمكى من النيل ومن البحار المصرية.

غير الزراعة تبرز تأثر الأحوزة العمرانية بالاحتباس الحرارى، وعلى رأس ذلك مسألة نحر البحر عند الدلتا والمدن الشاطئية كالإسكندرية ورشيد والعريش وغيرها والتى أصبحت مبانيها تتأثر تربتها بمياه البحر تأثيرًا مباشرًا.
فى مواجهة كل ذلك سعت الدولة للخروج من الأزمة، منذ سنوات قليلة، بتشكيل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية عام 2015، وعديد اللجان الوزارية للتعامل مع المشكلة. لكن رغم ذلك لا يبدو سوى وزارتى الزراعة والرى هما الأكثر إدراكًا بالمخاطر، لكن وسط إمكانات محدودة للغاية.

أبرز وسائل مكافحة تلك الظاهرة مصريًا، تتمثل فى مواجهة الحرائق المتعمدة، كحرق القمامة وقش الأرز، والانتقال إلى المدن الجديدة بدلا من الاكتظاظ السكانى المولد للانبعاثات الحرارية، وإقامة المصانع خارج الأحوزة العمرانية، وتبطين الترع والمصارف حفاظًا على خواص المياه، واستنباط أصناف من الحبوب تستطيع مقاومة التغيرات المناخية الحارة والباردة ونقص المياه. والاستفادة من مياه السيول.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات