سلام على المحبين الأوفياء - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلام على المحبين الأوفياء

نشر فى : الجمعة 3 فبراير 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الجمعة 3 فبراير 2023 - 8:45 م
جاءنى متهلل الوجه رغم كبر سنه، قابلته بابتسامة غير مصطنعة رأيتها ارتسمت على وجهى تلقائيا، مازحنى ومازحته، تبين أنه يعانى رغم هذه الابتسامة من حزن دفين، قال لى: إن الحزن لن ينفك عنى أبدا رغم أننى أغالبه وأهزمه ودائم الابتسام.
علمت أنه فقد ابنه الشاب وهو يسبح فى الساحل الشمالى، كان يذهب كل عام للساحل الشمالى صيفا، كان الأمر عاديا فى كل عام ولكنه غرق مع آخرين فى عامه الموعود بنكبة هذه الأسرة فى وحيدها، مات منذ عدة أعوام مع بعض أصدقائه.
قلت له: الغريق شهيد ولعله يسوقك وزوجتك إلى الجنة.
قال: المشكلة أننى فقدت ابنى الوحيد بعد أن كبرت زوجتى وأصبحت لا تستطيع الإنجاب، بكت زوجتى كثيرا لفقد ابنها الوحيد، ثم بكت عاما كاملا وهى تلح علىَّ أن أتزوج ليكون لى أولاد عوضا عن ابننا المفقود، ولكنى رفضت بإصرار، فإذا بها تتوسل لى كثيرا لكى أقبل الزواج دون جدوى فساقت إلىَّ معظم أقاربنا لإقناعى ولكنى رفضت وما زلت مصرا على الرفض.
قلت: سبحان الله، هذا موقف نبيل لم نعتده من الرجال فى مثل هذه المواقف، حيث إنهم يسارعون فى الزواج من فتاة قادرة على الإنجاب والجميع يبارك لهم هذا الأمر إلا زوجته الأولى ترفض ذلك، ولكن الأمر فى حالتك مختلف، كما أن هذا الموقف لم نعتده أيضا من النساء، فلا ترضى بغياب زوجها بعد فقد ابنها، ولكن زوجتك نوع نادر من الوفاء والحب مثلك.
قال: عشت معها أجمل أيام عمرى وكانت نعم الزوجة والصديقة ورفيقة العمر والكفاح، ولن أرضى أن أجرحها بشىء أو أخدش سعادتها حتى لو كانت موافقة، هذا نصيبنا فى الحياة، أعطانا الله شيئا ثم استرده، ليس لنا نصيب فى الأولاد، هى تريد سعادتى حتى لو ضحت بنفسها وسعادتها.
قلت له: أول مرة أقابل مثل هذه الحالة فالرجال أكثرهم لا يهتمون بمشاعر الطرف الآخر حينما تشتد حاجتهم للزواج أو الإنجاب، ويبررون ذلك لأنفسهم بسهولة ويسر، أما حالتك هذه فنادرة جدا، أن تهتم بمشاعر دقيقة جدا لزوجتك التى تحثك على الزواج وإنجاب أولاد آخرين يمكن أن تتسلى وتتسرى بهم عن ابنها الشاب.
قال: لم تجرحنى من قبل ولن أجرحها اليوم، لم يعد فى العمر متسع لجراحات وآلام، وما يسرى عليها من أقدار يسرى علىَّ، قدرنا صعب ولكننا سنغالب الجراحات حتى نلقى الله.
ودعته بحرارة وإعجاب وتمنيت له تمام الرضا عن الله وأقداره، وتمام الصبر والعافية.
وأنا أقول لنفسى: هذه الأمة ما زال أبناؤها تخفق قلوبهم بالحب الصافى والوفاء النادر وإن غطى على ذلك نماذج الأنانية والأثرة والغدر.
سلام على المحبين، سلام على الأوفياء والصابرين.
التعليقات