هدية عيد العمال.. التفريط فى حقوق العمال من أجل المال - فاطمة رمضان - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 10:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هدية عيد العمال.. التفريط فى حقوق العمال من أجل المال

نشر فى : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 9:55 م
يهل علينا عيد العمال هذا العام والشارع عاد للامتلاء بالناس فى العديد من المحافظات، وذلك احتجاجا على تنازل النظام المصرى عن جزيرتى تيران وصنافير للنظام السعودى. ولا تخلو مظاهرة من هذه المظاهرات من عدد من العمال والموظفين، الذين خرجوا لرفض التنازل عن الأرض، وإعلان أن النظام الذى يبيع الجزر مقابل المال، هو نفسه الذى خصص الشركات بالفساد، وشرد العمال أيضا مقابل المال، وفى النهاية لا نعرف أين يذهب المال الذى يتحدثون عنه، سواء كان قرضا أو منحة، أو مقابلا للتنازل عن الأرض. كما أننا لا نعرف أين يذهب المال الذى تجمعه وزارة القوى العاملة والهجرة باسم العمال.

فى الجزء الأول من المقال والمعنون بـ«مسودة قانون العمل تعيدنا للعبودية»، أوضحنا كيف أن مسودة قانون العمل المقدمة من قبل وزارة القوى العاملة والهجرة لمجلس النواب استعدادا لإقراره لا تقودنا لمستقبل فيه علاقات عمل مستقرة وعادلة، بل إنه خطوات للخلف بالنسبة لحقوق العمال حتى بالمقارنة بقانون العمل الجائر المطبق حاليا ق12 لسنة 2003. كما أننا لاحظنا أن من وضعوا القانون لم يكن يشغلهم كيفية تنفيذ القانون أو تفعيله، فلم يضعوا عقوبات رادعة تضمن التنفيذ، رغم أن مراقبة تنفيذ قانون العمل هى الوظيفة الأساسية لوزارة القوى العاملة صاحبة المسودة المقدمة.

فى الجزء الحالى نرصد حرص من وضعوا المسودة على جمع الأموال بمسميات مختلفة بدون أى ضمانات لصرف هذه الأموال فى خدمة العمال، أو حتى فى سبيل وجود عمالة مدربة، على قدر عالٍ من المهارة تستطيع أن تنافس فى سوق العمل، وتنتزع حقوقها فى الأجر وغيره من الحقوق.

يبدو أن عقول موظفى الوزارة وغيرهم من المستشارين الذين تستعين بهم الوزارة فى العديد من المهام كانت تعمل فى اتجاه كيف تزداد الأموال التى تدخل للوزارة وبالتالى تزيد حصصهم منها. خصوصا لو وضعنا فى اعتبارنا قضية الفساد التى ظهر جزء صغير منها فيما يخص أموال صندوق واحد فقط، وهو صندوق الطوارئ، والتى جاء فى تقرير مباحث مكافحة الاختلاس أن أعضاء مجلس إدارة الصندوق وعددهم 13، بالإضافة لممثلى النقابات العامة وعددهم 7، قاموا بصرف مبالغ مالية مبالغ فيها منذ عام 2007 حتى عام 2014 من حساب الصندوق تحت بند مكافآت بلغت نحو 40 مليون جنيه. كما ذكرت تحريات مباحث الأموال العامة أنه تبين قيام أعضاء مجلس إدارة الصندوق وعلى رأسهم الوزيرة ناهد العشرى بصرف شيكات بتواريخ لاحقة عن يوم 3/9/2014 بإجمالى 2 مليون و360 ألف جنيه مقابل انعقاد 8 ساعات اجتماع على مدى عام 2014، وانتهى الموضوع بالتصالح معها ومع غيرها من أعضاء مجلس إدارة الصندوق. وربما يفسر لنا ذلك لماذا يوافق الاتحاد العام لعمال مصر على قانون يتعسف بهذا الشكل بالعمال وحقوقهم، فهم مستفيدون كونهم يمثلون فى مجالس إدارات كل الصناديق واللجان وبالتالى المكافآت.

***

بالعودة لمسودة القانون، فقد بدت وزارة القوى العاملة والهجرة وكأنها وزارة للجباية، وفيما يلى سوف أذكر مصادر الجباية سواء كانت مستجدة أو موجودة فى القانون الحالى وتمت زيادتها.

1ــ أموال الغرامات: بداية من م4 من مواد الإصدار والتى تعطى الحق للوزارة للاستيلاء على كل أموال الغرامات، بشرط أن تعطى ثلثها للمؤسسة الثقافية والعمالية، والتى لا نرى لها دورا فى خدمة العمال.

2ــ صندوق العمالة غير المنتظمة: استحدثت المسودة فى م33 صندوق للعمالة غير المنتظمة الرسوم المقررة له لا تقل عن 1%، ولا تزيد عن 3% من جملة الأجور، وهى الأموال التى يتم جمعها الآن رغم عدم ورودها فى قانون العمل الحالى، وبالتالى غير واضح فى أى قانون كيفية التصرف فى هذه الأموال، ولم يرد ذكر للخدمات التى تقدم للعمالة غير المنتظمة.

3ــ صندوق التدريب: نصت م18 على إنشاء صندوق للتمويل والتدريب والتأهيل وتنمية الموارد البشرية، وجاء فى م19 أن أحد موارده 1% من إجمالى الأجور الأساسية الشهرية التى تحسب على أساسها التأمينات بمنشآت القطاع العام والأعمال العام والخاص، والتى يعمل بها ثلاثون عاملا فأكثر بحد أدنى 5 جنيهات وحد أقصى 20 جنيها عن كل عامل. على الرغم من أن هذا الصندوق منشأ منذ عام 2003 طبقا للمادة 133 ق12 لسنة 2003، وتجمع له الأموال ونسبتها 1% من أرباح المنشآت إلا أننا لا نلمس له أى دور، ولا يخرج أحد ليقول لنا مقدار الأموال التى تم جمعها، وفيما يتم صرفها.

4ــ رسوم ترخيص عمل الأجانب: م65 تحدثت عن الرسم المقرر للترخيص والتجديد لعمل الأجانب بما لا يقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا يزيد عن خمسين ألف جنيه.

5ــ رسوم الوساطة والتحكيم: نصت م179 على إنشاء مركز للوساطة والتحكيم بالوزارة المختصة، والرسوم المقررة على خدماته بما لا يجاوز خمسين ألف جنيه، وفى الحقيقة أن هذه الرسوم سوف تكون عقبة فى لجوء العمال لمسألة الوساطة والتحكيم، خصوصا مع فشل المفاوضات بشكل مباشر كما أوضحنا سابقا بسبب عدم وجود أى عقوبات على من يعطل المفاوضة الجماعية، أو على من يمتنع عن تنفيذ اتفاقية العمل الجماعية.

6ــ الرسوم المستحقة للترخيص: ونصت م204 على اللجان المركزية التى تضع الشروط للجان التراخيص، وجاء فيها أن اللائحة الخاصة بعمل هذه اللجان سوف تحدد الرسوم المستحقة للترخيص بما لا يزيد على عشرة آلاف جنيه.

7ــ رسوم ترخيص معاهد السلامة والصحة المهنية: نصت م222 على أن الوزير المختص يصدر قرار بقواعد منح الترخيص للكليات والمعاهد والجمعيات الأهلية لتقوم بتدريبات السلامة والصحة المهنية، كما يقرر الرسم للترخيص بما لا يزيد عن 50 ألف جنيه سنويا، وفى م223 الرسوم المقررة لشركات الخبرة والاستشارات فى مجال السلامة والصحة المهنية بما لا يزيد على 5 آلاف جنيه سنويا.

8ــ رسوم صندوق الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية: جاء فى م234 إنشاء صندوق للخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية، أن المنشآت التى يبلغ عدد عمالها عشرين عاملا فأكثر ملتزمة بدفع مبلغ لا يقل عن ثمانية جنيهات، ولا يزيد ستة عشر جنيها عن كل عامل سنويا.

هذا الصندوق ليس بجديد حيث إن القانون 12 لسنة 2003 قد أنشأ الصندوق، ونص على أن من موارده مبلغ خمسة جنيهات على الأقل لكل عامل من عمال المنشآت التى يزيد عدد عمالها عن 20 عاملا. ولكن رغم جمع الأموال منذ عام 2003 إلا أن م223 لم تحدد الخدمات التى يقدمها الصندوق للعمال، حتى أن مجموعة شركات فاركو للأدوية قد استندت على ذلك فى الوصول للمحكمة الدستورية وذلك لإبراء ذمة الشركة من دفع أموال الصندوق، وصدر حكم المحكمة الدستورية فى القضية رقم 21 لسنة 30 قضائية فى 22 ديسمبر 2014 ومما جاء فى حكمها «عدم دستورية الفقرة رقم 3 من م223 فيما لم يتضمنه وضع حد أقصى للاشتراك السنوى الذى تلتزم المنشآت بسداده عن كل عامل، مع تحديد لتعداد الخدمات التى يقدمها الصندوق على المستوى القومى...ثالثا: بعدم دستورية نص الفقرة الخامسة من م223 ذاتها فيما لم يتضمنه من بيان كيفية التصرف فى الموارد المالية لهذا الصندوق...».

وكما هو واضح فإن واضعى المسودة قد راعوا حكم المحكمة الدستورية فيما يخص وضع حد أقصى لاشتراك الشركات، ولكنهم لم يراعوه فيما يخص تعديد الخدمات التى يقدمها الصندوق، وكذلك لم يتم بيان كيفية التصرف فى الموارد لا فى هذا الصندوق ولا فى بقية الصناديق.

9ــ رسوم ترخيص وكالات الاستخدام: حددت م40 من المسودة أن ترخيص وكالات الاستخدام يجدد كل ثلاث سنوات، وأن الوزير المختص سوف يصدر قرارا بقواعد وإجراءات الترخيص، ويكون رسم الترخيص أو تجديده مقابل أداء رسم بما لا يتجاوز 20 ألف جنيه.

10ــ رسوم شهادات مستوى قياس المهارة للحرفيين: حتى العمال غير المنتظمين لم ترحمهم المسودة فقد نصت م25 على أن على كل من يرغب فى ممارسة العمل الحرفى التقدم للجهة الإدارية المختصة بطلب الحصول على شهادة قياس مستوى المهارة، وذكرت بأن الوزير سوف يحدد فى قراره ما يدون بها، كما يحدد الرسم المقرر عن الشهادة بما لا يجاوز 100 جنيه، وليس ذلك فحسب بل أنه يرفق بها ترخيص مزاولة مهنة جاء فى م26 أن الرسم لا يتجاوز 50 جنيها، وانتهت المادة بـ«ولا يجوز تشغيل العامل إلا إذا كان حاصلا على هذا الترخيص»، وتطلب هذه الشهادة من العامل فى كل مرة يحتاج فيها تجديد البطاقة أو جواز السفر أو أى شىء، أى أن العامل يكون لديه ترخيص مزاولة المهنة كسباك، وعندما يذهب لتجديد البطاقة يطلب منه مرة أخرى نفس الترخيص.

كما رأينا أن البيروقراطية بوزارة القوى العاملة قد خلقت مصادر للدخل للوزارة، وبالتالى لأنفسهم بالإضافة للموجود حاليا، وصلت لعشرة مصادر اهتمت بأن تذكر نسب الأموال المقتطعة لكل منها، وكيفية عمل ذلك، بدون أن تهتم بتحديد موارد الصرف، أو بتعداد الخدمات التى تقدم فى كل منها، ورحلته لقرارات وزارية، ضاربة بذلك عرض الحائط بحكم المحكمة الدستورية فيما يخص أحد هذه الصناديق وهو صندوق الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية.
فاطمة رمضان باحثة في الشئون العمالية ومدير برنامج المشاركة السياسية للنساء والشباب في مؤسسة قضايا المرأة المصرية
التعليقات