بايدن عاجز.. أم أنه لا يريد وقف حرب غزة؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بايدن عاجز.. أم أنه لا يريد وقف حرب غزة؟

نشر فى : الثلاثاء 5 مارس 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 5 مارس 2024 - 7:50 م

نشر موقع 180 مقالا للكاتب سميح صعب، يتناول فيه عددا من الأدلة على عدم نية بايدن فى وقف حرب غزة منها، تراجعه عن الموعد الذى سبق واقترحه لوقف نار مؤقت فى غزة (يوم الإثنين الماضى). كذلك يشكك الكاتب فى حقيقة النفور بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكى جو بايدن... نعرض من المقال ما يلى:
لعل أبلغ وصف للواقع الدامى فى غزة منذ خمسة أشهر ونيف هو المرافعة التى ألقاها ممثل أيرلندا أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى المحامى بلين نى جراليج الأسبوع الماضى بقوله: «الأسرة الدولية تواصل خذلان الشعب الفلسطينى، وبرغم فظائع الإبادة الجماعية التى يتم بثها مباشرة من غزة إلى هواتفنا المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وشاشات التلفزيون، إنها أول إبادة جماعية فى التاريخ حيث يبث ضحاياها دمارهم فى الوقت الحقيقى فى أمل يائس وعبثى حتى الآن، فى أن العالم قد يفعل شيئا ما».
تراجع الرئيس الأمريكى جو بايدن عن موعد كان اقترحه لوقف نار مؤقت فى غزة الإثنين، متعللا بـ«تعقيدات» فرضتها المجزرة التى ارتكبها الجيش الإسرائيلى فى «دوار النابلسى» شمال القطاع عندما كانت حشود يائسة من الفلسطينيين تنتظر أول قافلة مساعدات إنسانية تصل إلى المنطقة للمرة الأولى منذ 23 يناير. عوض أن يتخذ بايدن من المجزرة حافزا لفرض وقف نار فورى، إذا به يتراجع ويمنع صدور بيان رئاسى عن مجلس الأمن يكتفى بابداء القلق العميق إزاء ما حصل، ثم يذهب إلى خيار المشاركة فى إلقاء المساعدات الإنسانية من الجو، وهو إجراء لا تراه المنظمات المختصة بأنه مجد، ولن يبدل كثيرا فى حال 750 ألف فلسطينى عرضة للموت جوعا.
يريد بايدن من العالم أن يصدق بأن أقوى دولة فى العالم غير قادرة على فرض وقف نار إنسانى ولو مؤقتا؛ فلا التحذير القوى من الناخبين «غير الملتزمين» فى ولاية ميشيجن، ولا رقم الـ 30 ألف فلسطينى الذين سقطوا بالضربات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر، ولا اقتراب التوترات الإقليمية من لحظة الحروب الفعلية، ولا المطالبات الداخلية والدولية المتصاعدة بوقف فورى للنار فى غزة، قادرة على اقناع بايدن بالتزحزح قيد أنملة عن رفضه ممارسة ضغط فعلى على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على وقف القتال فى غزة.
منذ بدء الحرب، استخدمت واشنطن «الفيتو» ثلاث مرات لإسقاط ثلاثة مشاريع تدعو إلى وقف نار إنسانى فورى فى غزة، ليصير مجموع «الفيتوات» الأمريكية المستخدمة أمام هذه الهيئة الدولية دفاعا عن إسرائيل منذ انشاء الكيان عام 1948 نحو الأربعين. ولا شىء يشى بأن بايدن فى طريقه إلى رفع الغطاء الدولى عن إسرائيل أيضا، كوسيلة من وسائل الضغط لوقف الحرب.
• • •
كل ما قيل عن نفور بين بايدن وبنيامين نتنياهو ليس دقيقا. هذا ما يؤكده واقع أن الرئيس الديموقراطى لا يعير كبير اكتراث لأصوات الشباب والتقدميين والسود والعرب والمسلمين الأمريكيين فى ميشيجن وفى غيرها من الولايات المتأرجحة الست، الذين يطالبونه بتغيير سياسته حيال إسرائيل. ربما يراهن على أن دعمه لنتنياهو يؤمن له دعما فى الداخل الأمريكى يفوق التأييد الذى سيخسره من الشرائح التى تناشده وقف النار. وهذا رئيس الوزراء الإسرائيلى يذكره باستطلاع أجراه أخيرا «معهد هاريس» و«مركز الدراسات السياسية الأمريكية» بجامعة هارفارد، ويظهر أن غالبية الأمريكيين تدعم إسرائيل، لكنه تغافل فى الوقت نفسه عن أن نسبة 67 فى المائة من الشباب بين 18 و24 سنة يؤيدون وقفا فوريا للنار.
ليس مجلس الأمن الميدان الوحيد الذى يحمى فيه بايدن إسرائيل. القائم بأعمال المستشار القانونى لوزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد فيسك رافع أمام محكمة العدل الدولية، التى بدأت الأسبوع الماضى النظر فى الاستشارة التى طلبتها منها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2022 حول الوضع القانونى لإسرائيل فى الأراضى التى احتلتها فى حرب 1967، ليحذر المحكمة من احتمال اصدار توصية تطالب إسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضى «من دون الأخذ فى الاعتبار المتطلبات الأمنية» للدولة العبرية، معتبرا أن مثل هذه التوصية قد تضر بعملية التسوية وبحل الدولتين.
عن أية تسوية وأى دولتين يتحدث فيسك؟ من بين ممثلى 52 دولة تحدثوا أمام المحكمة، وحدها أمريكا انفردت بالدفاع عن إسرائيل، وماشتها بريطانيا إلى حد ما.
يحدث هذا من دون أن تحصل واشنطن على أى مقابل من نتنياهو، ولو بالشكل. الخطة التى طرحها الأخير لـ«اليوم التالى» للحرب، حملت تسفيها لكل ما تدعو إليه إدارة بايدن. لن تكون هناك أى «سيادة» فلسطينية لا فى غزة ولا فى الضفة الغربية. والجيش الإسرائيلى سيبقى فى القطاع إلى أجل غير مسمى. مضمون الخطة لا يعترف بوجود الشعب الفلسطينى حتى يعترف لهم بحق تقرير المصير، كأن إسرائيل هى عشية حرب 1967، وكأن ليفى أشكول وآبا إيبان وجولدا مائير وموشى دايان هم من يتحدثون.
• • •
ما الذى يفرق خطاب أولئك عن خطاب نتنياهو وبينى جانتس ويوآف جالانت وايتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اليوم؟
كتب توماس فريدمان فى عموده بصحيفة «النيويورك تايمز» الأسبوع الماضى: «إن نتنياهو مستعد للتضحية بشرعية إسرائيل الدولية التى تم الحصول عليها بشق الأنفس من أجل احتياجاته السياسية الشخصية، ولن يتردد فى إسقاط بايدن معه».
بروس ريدل الذى أمضى ثلاثة عقود فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومجلس الأمن القومى قال فى مقابلة نشرت له أخيرا: «يوميا، نزود إسرائيل بالصواريخ والمسيرات والذخيرة، التى تحتاجها من أجل المضى فى حملة عسكرية رئيسية مثل الحملة التى تشنها فى غزة». ومع ذلك، يعترف ريدل بأن «الرؤساء الأمريكيين كانوا خجولين فى ما يتعلق باستخدام تلك الرافعة، وذلك لأسباب خاصة بالسياسة المحلية».
والميجور جنرال الإسرائيلى المتقاعد إسحق بريك يقول: «كل صواريخنا وذخائرنا والقنابل الذكية وكل الطائرات والقنابل، كلها تأتى من الولايات المتحدة.. ولحظة يوقفون ذلك، لا يمكنك المضى فى القتال، ليست لديك القدرات.. كل شخص يدرك بأننا لا نستطيع القتال فى هذه الحرب من دون الولايات المتحدة.. ونقطة على السطر».
السفير الإسرائيلى الأسبق لدى الأمم المتحدة مايكل ب. أورين المعروف بازدرائه للمنظمة الدولية ومحكمة العدل الدولية وهيئات أخرى، يقر بأن أى تغيير فى موقف الولايات المتحدة، المزود الرئيسى لإسرائيل بالسلاح والحليف السياسى القوى، والمدافع الرئيسى عنها فى المحافل الدولية، «سيكون أمرا مختلفا».
ردا على ذلك، يصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر فى مؤتمر صحفى فى 12 فبراير: «أعتقد أنه فى بعض الأحيان يدعى الناس أن الولايات المتحدة لديها عصا سحرية فى استطاعتها التلويح بها من أجل جعل الأمور فى العالم تسير وفق ما ترغب، لكن ليست هذه هى الحال».
هذا بمثابة دفاع غير مقنع عن عجز أمريكا عن الضغط على أقرب حليف لها فى الشرق الأوسط لوقف الحرب. وعندما يفصل نتنياهو بين الهدنة المحتملة والهجوم الذى يعد له على رفح، لا يعترض بايدن على مبدأ الهجوم وإنما يطالب بـ«حماية المدنيين» قبل ذلك!
كل هذا يعزز فرضية أن بايدن غير منزعج من استمرار الحرب، ولا من سقوط ما نسبته 1.3 فى المائة من سكان غزة فى القصف الإسرائيلى، وكل ما يتحدث عنه من مسار سياسى يوصل إلى حل الدولتين، غير قابل للصرف فى خضم الإبادة الحاصلة.
فى 7 مارس الحالى سيلقى جو بايدن خطاب «حال الاتحاد»، وسيكرر فيه الحديث حول ما يراه من مهمة تاريخية تقوم بها أمريكا فى محاربة الاستبداد فى العالم، ويربط بين حربى أوكرانيا وغزة وبين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين و«حماس».


النص الأصلي
https://bit.ly/3IpuqaF

التعليقات