تجربة اقتراب الديمقراطية الأمريكية من الموت - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجربة اقتراب الديمقراطية الأمريكية من الموت

نشر فى : السبت 5 ديسمبر 2020 - 7:35 م | آخر تحديث : السبت 5 ديسمبر 2020 - 7:35 م

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتبة سوزان رايس، تناولت فيه التحديات التى واجهت الديمقراطية الأمريكية على يد ترامب وأتباعه فى محاولة منهم لكسب الانتخابات الرئاسية وزعزعة ثقة الشعب الأمريكى فى مؤسساته الديمقراطية، كما ذكرت أبرز القوانين التى يجب على الكونجرس سنها، إذا سيطر الديمقراطيون عليه، لتعزيز الديمقراطية مرة أخرى.. نعرض منه ما يلى.

يبدو أن الديمقراطية الأمريكية تفادت رصاصة قاتلة ــ أو بشكل أكثر دقة، عدة جهود متضافرة من قبل رئيس الولايات المتحدة ترامب لنسف أسسها.
غضب الرئيس ترامب بلا هوادة بشأن «تزوير» الانتخابات، ويواصل العديد من القادة الجمهوريين الإنكار الكاذب لصحة الفوز الواضح للرئيس المنتخب جو بايدن. ومع ذلك، حتى الآن، صمدت الديمقراطية الأمريكية أمام أعظم اختبار فى حياتها. لقد استخدم السيد ترامب وحلفاؤه السياسيون تقريبًا كل سلاح تحت تصرفهم لمحاولة الاحتفاظ بالبيت الأبيض، على الرغم من إرادة الشعب. يتضح ذلك فى المحاولات الآتية:
أولا، عملت حملة ترامب على اختلاق نظريات مؤامرة مزيفة لتشويه سمعة بايدن من خلال تشويه سمعة ابنه هانتر. وللقيام بذلك، طلب السيد ترامب ورفاقه المساعدة من أوكرانيا والصين واعتمدوا على العملاء الروس لنشر معلومات مضللة.
ثانيًا، عمل أنصار ترامب بكل قوتهم لقمع التصويت من خلال تشويه شرعية بطاقات الاقتراع عبر البريد بسبب الوباء، وتقييد الوصول إلى صناديق ومراكز الاقتراع، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعى لعرقلة إقبال ناخبى الأقليات، وغيرها من التكتيكات.
ثالثًا، قام بعض مؤيدى ترامب المتطرفين بتخويف الناخبين فى صناديق الاقتراع. واستجابة لدعوات «الاستعداد» و«الذهاب إلى صناديق الاقتراع ومراقبتها بعناية شديدة»، قاموا بنشر، مسلحين فى المجتمعات السوداء تحت ستار ضمان عدم الإدلاء بأصوات مزورة.
رابعًا، فى الفترة التى تسبق يوم الانتخابات، أرسل السيد ترامب جيشًا من المتقاضين لتعبئة المحاكم للحد من الوصول إلى صناديق الاقتراع.
منذ الانتخابات، حاول فريقه القانونى التخلص بشكل شرعى من الأصوات التى من المرجح أن تكون لصالح بايدن. واستدعى السيد ترامب قادة ميشيغان الجمهوريين إلى البيت الأبيض، وذلك، على ما يبدو فى محاولة لإقناع الهيئة التشريعية للولاية بتعيين ناخبى ترامب.
لكن على الرغم من هذه المكائد، لم تتحقق أسوأ المخاوف بشأن هذه الانتخابات. وفى تحدٍ للعراقيل، الوباء والتدخل الأجنبى والتخريب الرئاسى، أثبتت الانتخابات، وفقًا لكبار المسئولين الأمريكيين، أنها «الأكثر متانة» فى تاريخ الولايات المتحدة.
حيث صوَّت الشعب الأمريكى بأعداد غير مسبوقة، خاطر بصحته وأحبط جهود جعل التصويت صعبًا فى العديد من الولايات. الأمريكيون الأفارقة، على وجه الخصوص، واجهوا عوائق لا حصر لها للإدلاء بأصواتهم. لا يوجد دليل، ولا حتى دليل موثوق، على وجود مخالفات كبيرة فى التصويت أو حدوث تزوير. التزم المسئولون الجمهوريون والديمقراطيون فى الولايات والمسئولون المحليون إلى حد كبير بمسئولياتهم القانونية. قلل المسئولون بشكل فعال من تأثير التدخل الروسى فى الانتخابات.
من جانبها، أعدت وسائل الإعلام البارزة الجمهور لعملية فرز مطولة، وامتنعت عن التسرع فى إعلان النتائج فى الولايات الرئيسية وقاومت تضخيم الادعاءات الكاذبة بالتزوير. لم يكن هناك عنف كبير مرتبط بالانتخابات. كما قبلت البلدان فى جميع أنحاء العالم النتيجة، مهنئة السيد بايدن على فوزه الحاسم.
فى الوقت الحالى، صمدت الديمقراطية الأمريكية. ومع ذلك، فإن الدرس الذى يجب أن يتعلمه الشعب الأمريكى ليس درسًا هـيِّـنًا على الإطلاق: إن وجود حاكم مستبد فى البيت الأبيض يشكل تهديدًا للمؤسسات الديمقراطية، ويمكن أن يقوض الثقة فى الانتخابات، خاصة عندما يدعمه أنصار فى الكونجرس.
وفقط عندما يخرج الناخبون بأعداد كبيرة، وعندما يلتزم المسئولون الحكوميون والمحليون والمحاكم بسيادة القانون، وعندما يتم إحباط التدخل الأجنبى، وعندما تتصرف وسائل الإعلام بمسئولية والمهم عندما يظل الناس مسالمين ــ ربما مع هذا كله تستطيع الديمقراطية أن تنجو من أعظم اختباراتها.
السيد ترامب سيترك منصبه فى 20 يناير، سواء اعترف بالهزيمة أم لا. ومع ذلك، إذا احتفظ أنصاره الجمهوريون فى الكونجرس بأغلبية فى مجلس الشيوخ، فلن يترددوا فى إعادة صياغة سياسات القوة بأى ثمن، حتى عن طريق تخريب العملية الديمقراطية مرة أخرى.
لذا، فإن تعزيز الديمقراطية فى الولايات المتحدة يعتمد فى جزء كبير منه على تصويت ولاية جورجيا ضد العضويْن الجمهورييْن فى مجلس الشيوخ فى 5 يناير ليحوز الديمقراطيون على الأغلبية. فإذا انقلب مجلس الشيوخ إلى سيطرة الديمقراطيين، فسيكون الكونجرس قادرًا على تطبيق الدروس المستفادة من تجربة اقتراب الديمقراطية من الموت على يد ترامب وأتباعه.
فسوف يعمل المجلس على سن قانون لمكافحة الفساد، وتعزيز القواعد الأخلاقية وتحسين وصول الناخبين لمراكز الاقتراع، بالإضافة إلى قانون «جون لويس» لتعزيز حقوق التصويت لاستعادة الحماية التى يوفرها تشريع عام 1965. كما أنه سيمرر قانون حماية الديمقراطية، والذى من شأنه أن يقيد سلطة الرؤساء المستقبليين الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون، ويتبنى أخيرًا تشريعات متعثرة منذ فترة طويلة لدعم البنية التحتية الانتخابية ضد الأعداء، سواء كانوا أجانب أو محليين.
تختتم الكاتبة مقالها قائلة: «الآن ليس وقت التهنئة أو الرضا عن النفس.. يجب علينا أن نتصرف بعجالة وبشجاعة فريدين وكأننا نلعب فى الوقت بدل الضائع».

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

التعليقات