فيتنام: خمسون عامًا على هزيمة الولايات المتحدة - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيتنام: خمسون عامًا على هزيمة الولايات المتحدة

نشر فى : الخميس 6 أغسطس 2015 - 8:20 ص | آخر تحديث : الخميس 6 أغسطس 2015 - 8:20 ص

نشر موقع يوريشيا ريفيو مقالا للكاتب ديفيد سوانسون، وهو ناشط وصحفى وله مؤلفات فى الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة، يتناول فيه الذكرى الخمسين للحرب الأمريكية فى فيتنام، مشيرا إلى منطق الإدارة الأمريكية الخاطئ ــ سواء أثناء الحرب أو الآن ــ بأن الهدف من الحرب هو الدفاع عن القيم والمثل العليا، مشيرا إلى توجهات المجتمع الأمريكى حينها بأن الحرب بين الحكومات لا الشعوب، وناصحا بضرورة الاستفادة من نتائج تلك الحرب. يفتتح سوانسون مقاله بما أطلقه جيمى كارتر على الحرب الأمريكية فى فيتنام – وقتل فيها60 ألف أمريكى، وأربع ملايين فيتنامى، من دون إحراق بلدة أمريكية أو غابة امريكية واحدة – وصف «الضرر المتبادل». كما وصفها رونالد ريجان بأنها «قضية نبيلة» و«عادلة». ويضيف ما يروجه باراك أوباما، على نطاق واسع، حول أسطورة سوء المعاملة على نطاق واسع التى تعرض لها الأمريكيون العائدون من قدامى المحاربين، ووصف الفيتناميين بأنهم «وحشيون»، حيث أطلق برنامج دعاية استمر 13 عاما، بتكلفة 65 مليون دولار لتمجيد ما يسميه الفيتناميون الحرب الأمريكية، قائلا: «ونحن نحتفل بالذكرى الخمسين لحرب فيتنام، نتذكر بإجلال بسالة الجيل الذى خدم بشرف، ونشيد بأكثر من ثلاثة ملايين من الجنود رجالا ونساء الذين تركوا عائلاتهم للخدمة بشجاعة، فى عالم بعيد.. وخاضوا عبر أدغال وحقول الأرز والحرارة والرياح الموسمية، معارك بطولية لحماية المثل العليا التى نعتز بها كأمريكيين».

يتساءل سوانسون حول ماهية المثل تلك. واصفا الحرب بـ«الشريرة»، فقد كانت على النقيض من الحرب العالمية الثانية التى حصلت على تسمية سخيفة «الحرب الجيدة». لكن وزارة الدفاع الأمريكية عازمة على التخلى عن أى ذاكرة دقيقة تتعلق بفيتنام. وفى نفس الوقت، يشير سوانسون إلى ما أطلقه أعضاء منظمة «قدامى المحاربين من أجل السلام» من حملة تثقيفية لمواجهة موقع VietnamFullDisclosure.org التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، كما قامت لجنة إحياء ذكرى السلام فيتنام بنفس الشىء فى موقع LessonsOfVietnam.com. وقد تم بالفعل، إقناع وزارة الدفاع بتصحيح بعض بياناتها غير دقيقة. ويتواصل ظهور الأدلة على حجم عمليات القتل فى فيتنام، وأصبح فجأة من المقبول عالميا فى الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام، الاعتراف بأن المرشح الرئاسى ريتشارد نيكسون قام سرا بتخريب محادثات السلام فى عام 1968 التى بدا أنها كان من المحتمل أن تنهى الحرب، قبل أن يتدخل. ونتيجة لذلك، اندلعت الحرب، وفاز نيكسون فى الانتخابات، واعدا بإنهاء الحرب، وهو ما لم يحدث. ويبدو أنه كان هناك نوع من قبيل فرض حظر نشر لمدة 50 عاما على المهتمين بكشف الخيانة أو حجم جرائم القتل هناك. ومن ثم، تخيلوا ما قد يصبح مقبولا قوله عن الحروب الحالية، بعد 50 سنة من الآن!

•••

ويوضح سوانسون أنه حتى الآن، لا يزال العديد من الأكاذيب يشاع حول فيتنام، وليس من المعروف سوى القليل جدا عن الكثير من الحقائق القليل جدا. فبعد تخريب نيكسون مفاوضات السلام، تباحث الطلاب الأمريكيون والفيتناميون للوصول إلى معادنهم الشعبية من أجل السلام، واستخدموها للضغط على نيكسون كى يتبناها فى نهاية المطاف. ويشير إلى ما كتبته السيدة نجوين ثى بينه «تخيلوا لو لم تجد فيتنام حركة التضامن الدولية، ولا سيما فى الولايات المتحدة! إذا كان الأمر كذلك، لم نكن لنستطيع هز إرادة العدوان لدى واشنطن».

وقد بدأت فى، فى ضوء ذلك، معاهدة السلام الشعبية وكان نصها كالتالى:

«ليكن معلوما أن الشعبين الأمريكى والفيتنامى ليسا عدوين. إن الحرب الدائرة باسم شعبى الولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية، تدور من دون موافقتنا. فهى تدمر أرض وشعب فيتنام. كما أنها تستنزف موارد أمريكا وشبابها وشرفها.

وقد اتفقنا على وضع حد للحرب وفقا للشروط التالية، بحيث يعيش كلا الشعبين فى ظل فرحة الاستقلال، ويمكن أن يكرما نفسيهما لبناء مجتمع قائم على المساواة بين البشر واحترام الأرض. ونحن إذ نرفض الحرب، نرفض ايضا جميع أشكال العنصرية والتمييز ضد الأشخاص على أساس اللون أو الطبقة أو الجنس، أو الأصل القومى، والتجمع العرقى التى تشكل الأساس لسياسات الحرب الأمريكية، فى الماضى والحاضر، من حكومة الولايات المتحدة.

1. يوافق الأمريكيون على الانسحاب الفورى والكامل لجميع القوات الأمريكية من فيتنام.

2. يتعهد الفيتناميون ذلك، بمجرد أن تعلن حكومة الولايات المتحدة موعدا للانسحاب الكامل، بالدخول فى مباحثات لضمان الإفراج عن جميع السجناء الأمريكيين، بمن فى ذلك الطيارون الذين ألقى القبض عليهم أثناء قصف شمال فيتنام».

ويكشف سوانسون عن قيام تسعة من قادة الحركة الأمريكية المناهضة للحرب فى الستينيات، بكتابة أفكارهم الحالية بشأن الحركة فى كتاب سيصدر قريبا بعنوان «الشعوب تصنع السلام.. دروس من الحركة المناهضة لحرب فيتنام». وكانت حركة الستينيات وأوائل السبعينيات واسعة النطاق وديناميكية على نحو يفوق ما نعرفه عنها اليوم. كانت جزءا من ثقافة مقاومة أوسع نطاقا. إذ استفادت من حداثة نقل الحرب تليفزيونيا والاحتجاج عبر التليفزيون. إذ استفادت من الظروف الاقتصادية المعيبة بشكل كبير ـ وإن كانت أفضل مما نحن عليه اليوم ـ والتغطية الإعلامية، والنظم الانتخابية، وتأثير مسودة المعاهدة التى اعدها نشطاء السلام وــ بالطبع – ما تميزوا به من الإبداع والشجاعة والعمل الجاد.

وأخيرا، عاد المساهمون فى هذا الكتاب إلى فيتنام معا، وهم رينى ديفيز، جودى جومبو، وأليكس هينج، دوج هوستتر، جاى كرافن، بيكا ويلسون، جون ماك اوليف، ميرا ماكفيرسون، ونانسى كورشان. وتعتبر وجهات نظرهم فى الحرب، والثقافة الفيتنامية، والثقافة الأمريكية، وحركة السلام، آراء ثمينة للغاية.

•••

ويصف سوانسون الحرب بأنها كانت حرب قتل فيتناميون وأمريكيون فيها أنفسهم احتجاجا ضدها. وكانت الحرب التى تعلم فيها الفيتناميون تربية الأسماك فى الحفر التى خلفتها القنابل. وكانت الحرب التى سافر فيها نشطاء السلام الأمريكيون ــ بصورة غير شرعية ــ إلى فيتنام لمعرفة المزيد عن الحرب والعمل من أجل السلام. كما أنها الحرب التى لا يزال الناس يموتون من آثار الأسلحة التى خلفتها ومازالت تنفجر بعد هذه السنوات العديدة، أو من السموم التى استغرقت كل هذا الوقت لتقل، حيث يعيش الجيل الثالث من الضحايا بعيوب خلقية فى أكثر المناطق تلوثا على وجه الأرض.

وقد أعرب نيكسون نفسه عن قلقه لموظفيه بشأن معاهدة السلام الشعبية. وبعد ذلك بعامين، قال انه وافق فى النهاية على نفس الشروط. وفى تلك الأثناء، كان عشرات الآلاف من الأشخاص قد لقوا حتفهم.

ويختتم سوانسون مؤكدا أن الفيتناميين يميزون بشكل واضح، كما فعلوا دائما، بين دعاة السلام الأمريكيين وبين الحكومة الأمريكية الشرهة للحروب. فهم يحبون ويكرمون نورمان موريسون الذى أحرق نفسه حتى الموت فى وزارة الدفاع. وهم يواصلون الحياة من دون مرارة، أوكراهية، أو عنف. فلا يظهر فى الثقافة الفيتنامة ما يماثل الغضب الذى مازال يؤرق الولايات المتحدة من الحرب الأهلية الأمريكية. ويمكن أن يتعلم الأميركيون من المواقف الفيتنامية. ويمكن أيضا الاستفادة من درس الحرب ــ وليس التعامل معها على أنها مرض يسمى «متلازمة فيتنام» ــ ويتمثل الدرس فى أن الحرب عمل غير أخلاقى، وتسبب نتائج عكسية، مدركين ان ذلك ممكن أن يكون بداية للتعافى.

التعليقات