سره الباتع - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 3:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سره الباتع

نشر فى : الجمعة 7 أبريل 2023 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 7 أبريل 2023 - 7:20 م

مسلسل «سره الباتع» مأخوذ عن رواية «سره الباتع» للأديب الكبير يوسف إدريس ومن إخراج خالد يوسف، الذى سجل به تجربته التلفزيونية الأولى له بعد مشوار طويل فى الإخراج السينمائى لأفلام عدة، مثل «العاصفة»، و«كف القمر»، و«هى فوضى»، و«الريس عمر حرب»، و«دكان شحاتة»، و«كلمنى شكرا». ومن المتوقع أن يكون «سره الباتع» من المسلسلات المنافسة بقوة فى السباق الرمضانى هذا العام خاصة بعد الكشف عن بعض التفاصيل والأحداث المشوقة، كما أن المعنى المفهوم لدينا لجملة «سره الباتع» هو فى الغالب «تأثيره الأقوى»، حيث تستخدمه النساء دائمًا فى المثل الشعبى «الشيخ البعيد سره باتع». ونحن هنا ــ عزيزتى القارئة/عزيزى القارئ ــ بصدد تفنيد فكرة هذا المسلسل الرمضانى الذى به العديد من الأبطال: أحمد فهمى، أحمد السعدنى، شمس، حسين فهمى، أحمد عبدالعزيز، حنان مطاوع، نجلاء بدر، عمرو عبدالجليل، صلاح عبدالله، هالة صدقى، منة فضالى، خالد الصاوى وهشام الجخ وكثيرون.
المسلسل يعبر عن معنى وقوة حب الوطن فى حقبتين زمنيتين مختلفتين فى عصرهما، متشابهتين فى ظروفهما فى ذات الوقت، ففى الحقبة الأولى التى يُوجد بها حامد أو السلطان حامد، البطل الشعبى، دخلت الحملة الفرنسية مصر وكانت وقتها تحت الحكم العثمانى، لكن الشعب المصرى لم يسعد بوجود مستعمر بديل.
أما البطل الثانى فهو فى الحقبة الزمنية الحالية فى نهاية العقد الأول من الألفية الثانية أى قبيل نهاية حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بالتنحى وبداية حكم الإخوان لمصر، إذ كانت هناك أسطورة تؤمن بوجود كنز مدفون فى مقام السلطان حامد، مما دعا سارقى كنوز مصر متمثلين فى مؤسسة فرنسية إلى البدء فى البحث باستخدام بعض اللصوص وتجار السلاح ونابشى القبور بتتبع هذه الأسطورة، أما البطل الموجود فى هذه الحقبة فهو شاب يبحث بنفسه عن رسائل كاتب الحملة الفرنسية التى يصف فيها مدى قوة تحمل واستبسال الشعب المصرى فى مواجهة طغيان وظلم الغزو الفرنسى القادم من أوروبا، وخطابهم المعلن ــ كعادة المستعمرين ــ هو الخوف على مصلحة هذا الشعب وطلب خدمته، وكانت هناك جملة قالها مستنكرًا الفنان خالد الصاوى ردًا على ما قاله القائد الفرنسى «هو مين جالنا مش خايف على مصلحتنا؟! أنتم جيتوا خايفين على مصلحتنا وقبلكم العثمانيين وقبلهم المماليك وقبلهم التتار ثم الأيوبيين... إلخ؟».
• • •
يشير المسلسل هنا إلى أن مصر كما كانت مطمعًا للفرنسيين وقتها، ومن قبلهم الأتراك و... و... إلخ، كانت أيضا وخيراتها مطمعًا للجماعات المتطرفة فى أفكارها البعيدة عن أهداف الشعب المصرى الأصيل بعد تنحى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وقد أبدع كاتب الحوار جملة صحيحة ومؤثرة: «أنه لا يوجد ثائِر كبير إلا إذا كان عاشقا كبيرا». هنا يقصد الكاتب حب الوطن وعشقه أولا، وحب وعشق فتاة الأحلام ثانيا، أى أن المسلسل يتكلم عن قوة الحب فى حد ذاته ومدى قوته الخفية وسره الباتع الذى يدفع الحبيب للتضحية بذاته فى سبيل الحفاظ على حبيبه سواء كان حبيبه هذا «فتاة أحلامه»، أو «وطنه وأرضه الذى ولد وتربى فيه، ويعيش لأجله دائمًا»، كما أوضحت بعض الحلقات العشر السابقة أن الشاب الذى يبحث عن سر مقام «السلطان حامد» الموجود فى إحدى قرى الريف المصرى ويقوده البحث عن اللغز إلى وقت الحملة الفرنسية على مصر، يكتشف أن صاحب المقام لعب دورًا هامًا فى مقاومة الاحتلال الفرنسى، حيث قام بقتل أحد قادة الجنود، لذلك أطلق الجيش حملة للقبض عليه خاصة أن له علامات مميزة وهى وشم العصفور على جانب وجهه وله أربعة أصابع، لكن يقع الجنود فى ورطة عندما يقوم شباب القرى التى يهرب إليها بقطع إصبع من أصابعهم، ورسم نفس الوشم على وجوههم لتضليل الجنود والحفاظ على حامد، وهنا يدفع سر الحب الباتع وقوته كل هؤلاء لفعل ما فعلوه للحفاظ على بطلهم ووطنهم.
وفى إحدى الحلقات قام المؤلف بوضع السلطان حامد وحبيبته فى موقف مواجهة، أن يقوم بطلب يدها ويبوح بحبه لأبيها ويطلبها للزواج وإذا لم يفعل أو فشل ستبقى كما هى ترفض الزواج، وعندما عجز أو تم رفضه لم يتوقف عن حبها ولم تتوقف هى عن حبه.
وقد روى هذا الكاتب الذى عاصر حامد أو السلطان حامد أثناء مقاومته للحملة الفرنسية كيف أنه عند القبض عليه أول مرة لم يخف كونه واقفا فى محاكمة هزلية مستعدة للحكم عليه بالإعدام عن طريق نصب مشنقة بجوار منصة المحاكمة، فوضع الكاتب ذروة التعبير عن الحب بين كل من حامد وحبيبته والباحث وصديقته مع ذروة نجاح انتفاضة الشعب ضد الظلم البين فقد قامت حبيبة حامد بالصراخ فى جنود الحملة الفرنسية قبيل المحاكمة وإعدام حبيبها قائلة، «كنتوا لازم تسألوا عن الأرض دى قبل ما تيجوا تشوفوا طحنا فيها كام معتدى ودفنا فى ترابها كام ظالم واللى ينصب مشنقته قبل محكمته يبقى محكمته باطلة وحكمه ظالم»، ثم كبر حامد وكبر الباقى وراءه وكتب كاتب الحملة الفرنسية أنه كان رعبا جنونيا مثل الذى رآه فى أعين الجميع فى ذلك اليوم، قادة وجنودا، كانت صرخاتهم الله أكبر كصرخات أكلة لحوم البشر وفر خير جنود فرنسا أمام نبابيت المصريين وصراخهم وهنا تواجه مرة أخرى حامد وحبيبته بابتسامة انتصار واسعة.
• • •
أما بطل الوقت الحاضر، الذى يبحث عن مذكرات أو رسائل كاتب الحملة الفرنسية بعد أن اكتشف قصة صاحب المقام وسر حبه الباتع لمصر وكيف أنه وضع نفسه لمقاومة الاحتلال والدفاع عن بلاده، فقد وقع هذا البطل فى حب زميلته ولم يستطع البوح بهذا الحب كونه أقل مكانة اجتماعية منها، من وجهة نظره، لكنهما يتقابلان فى ميدان التحرير أثناء الثورة على نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عام ٢٠١١، الذى ازداد خلال حكمه الفساد الإدارى والسياسى، وكان سببا فى سجن شخصيات سياسية وناشطين سياسيين بدون محاكمة، مما دعا الشعب للثورة ضد نظامه وفساده واعتصامه فى هذا الميدان خاصة كونه أكبر ميادين القاهرة، وكان شعار الثورة «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» وهى جملة أساسية وشعار رئيسى ردده المتظاهرون الذين خرجوا إلى ميدان التحرير وانتشروا فى ميادين وشوارع أخرى فى ثورة شعبية بدأت يوم ٢٥ يناير عام ٢٠١١، قاصدين بذلك تحقيق مطالب مرتبطة بهذا الشعار الذى لاقى رواجا لدرجة استخدامه فى الحملات الانتخابية لمرشحى المجالس النيابية والرئاسة والأحزاب السياسية بمصر، وعندما قابل هذا الباحث زميلته فى ميدان التحرير أثناء تلك الثورة وفى لحظة إعلان تنحى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك للأسباب السالف ذكرها رفع الجميع الأيدى فرحا بنجاح تلك الثورة، فتواجه ذلك الشاب وزميلته ونظر لها بفرحة نجاح الثورة وعبر لها عن حبه فعبرت هى أيضا عن حبها له وعندما كانت الثورة فى أوجها توقف نباشو القبور عن الحفر فى المقامات حتى لا يتم ضبطهم وحبسهم واهتموا بسرقة المتحف المصرى وعرض آثاره على من يعمل معهم.
• • •
أما عن خالد يوسف مخرج العمل فقد قال فى حوار أذيع على قناة العربية أنه لن يكرر تجربة إخراج المسلسلات مرة أخرى فهى مرهقة جدا «مش ناوى أعمل دراما تليفزيونية تانى، المسلسل كان إطلالة منى على الجمهور فى البيوت، وقدمت به إسهامى فى الدراما التلفزيونية من وجهة نظرى»، وأشار إلى أنه قدم المسلسل «كأنه يقدم فيلمًا سينمائيًا وليس بنسق الدراما التليفزيونية المعتادة»، وذكر: «الـ٣٠ حلقة تعنى ١٦ ساعة ونصف أقدم بهم ٥ أفلام، لو عملت ٥ أفلام أحسن.. كده أنا اكتفيت ومبسوط» وأوضح أنه قرر تحويل الرواية، التى كتبها يوسف إدريس وتحمل نفس الاسم، إلى عمل فنى منذ عام ٢٠٠٩، معقبًا: «اشتريت الرواية حتى أقدمها فنيًا منذ ٢٠٠٩، هذا حلم قديم لى ومن الأعمال التى تمنيت تقديمها منذ فترة طويلة». وأكد أن الأفكار التى تتضمنها الرواية كبيرة، وتحتمل أن تقدم فى 30 حلقة دون مط أو تطويل.
كما أتحفنا الفنان محمد منير بأغنية لتتر البداية والنهاية كلماتها فى غاية الروعة وهى:
والليل يجيب ما يجيب الليل، جايبلى مين المرة دى، غوازى راكبة ضهور الخيل، ولا ديابة فـى توب قاضى، لو جاى طمعان فـى مذلة، فى ألف ليل قبلك ولى، رحايا يامة ع الغلة، وع الأعادى اللى تجيلك، سرك قديم يا أم الأسرار، يعدوا روم ويعدوا تتار، قايدة لعداكى غيطان النار، وللحبايب قنديلك، قبل الزمن بزمن قبله، جه النور هنا وربط حبله، على القلوب اللى اتقابلوا، ومشيوا فى ضل سبيلك، الحر حر مالوش دية، ومات عشان ما تعيش هى، يكفينى من الناس أغنية، تخلد اسمه فمواويلك، موال بلدنا قديم أصله، كاتب لكل بطل فصله.

أستاذ مقارنة الأديان

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات