الخروج للحياة - خالد محمود - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخروج للحياة

نشر فى : الأربعاء 7 مايو 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 مايو 2014 - 8:00 ص

الحلم المصرى الجميل الذى شكل بحق بارقة أمل فى واقع سينمائى بائس هو فيلم «الخروج للنهار» للمخرجة هالة لطفى.

شاهدت الفيلم مرتين، ومازلت منبهرا بتلك اللغة السينمائية الرائعة المعبرة بدون حوار عما يحدث داخل قلوب شخصيات العمل وقلوبنا ايضا.

فى المرة الاولى كنت فى مهرجان ابوظبى السينمائى، وفاز الفيلم بجائزتى افضل مخرجة عربية فى مسابقة آفاق، وجائزة النقاد «الفيبرسكى».. اللحظة كانت مهمة مثل الفيلم تماما، وقد عاد بنا إلى واقعة صلاح ابوسيف التى أعشقها فى زمن ظل عزيزا فى تاريخ السينما المصرية.. هالة لطفى وابطالها اعادوا لنا إحياء هذا الزمن بصورة سينمائية شفافة وبمفردات فنية شديدة الثراء.

قدمت فيلما انعكس زمنه السينمائى وشخوصه على كل شىء فى الحياة، من حدوتة.. ديكور.. اضاءة.. اداء.. منزل.. شارع، لدرجة تشعرك بالتوحد مع كل هذه المفردات بإيقاعها وزمنها، ومع لحظات الصمت التى تطول من حين لآخر بين افراد الاسرة وكأنهم باتوا ينطقون رغما عنهم، الأم والابنة على وشك فقدان الأب المريض الجليس الصامت العاشق لصوت ام كلثوم، هنا نحن امام ثلاث شخصيات: هذا الأب، والأم التى تعمل ممرضة والابنة التى ترعى أباها طوال الوقت، وبدت احلامها فى الحياة مكبوتة شأنها شأن لحظة الموت للأب، فالفيلم بصورته المدهشة التى يخترقك واقعها القاسى، وانت فى صالة العرض، وسرد اقرب إلى نبض طبيعى يلقى الضوء على وضع المجتمع والإحساس بالجمود ووجود عجز كامل عن تجاوز ذلك، من خلال محنة اسرة فقيرة فى احد احياء القاهرة الشعبية، وترى الفتاة تواجه مصير يوميات حياتها وهى تبدو عاجزة عن التعبير عن مشاعرها واحلامها، وتقبل بمصير تلك الحياة عن طيب خاطر، فهى اصبحت فى الثلاثين، لم ترتبط، ولا تفعل شيئا سوى رعاية أب غائب عن العالم.

هالة لطفى فى عملها الروائى الطويل الاول تسير على نفس نهج اعمالها الوثائقية فى تناولها لموضوع بسيط بعمق، يؤرخ ويطرح تساؤلات.. هل نحن الذين نختار بأنفسنا حياة العزلة، السجن داخل عالمنا بدون احلام متجددة؟.

كانت اللحظة متوهجة عندما خرجت الفتاة لتزور الحسين وتمر بشوارع القاهرة القديمة وتجلس فى احدى المناطق بعد ان فقدت آخر جنيه معها لتعود مع ضوء النهار إلى منزلها سيرا على الاقدام لتطرح على امها سؤالا: «احنا هندفن أبويا فين». اداء دنيا ماهر، وسلمى النجار، واحمد لطفى والتصوير لمحمود لطفى، والملابس والديكور كان لهما تأثير شديد فى وصول الفكرة إلى المشاهد الذى حلم مع العمل بروح سينمائية جديدة فرحنا بأنها اخذت طريقها للعرض الجماهيرى.

إن الخروج للنهار قد يكون بحق ــ حسبما عبرت مخرجته ــ مدخلا لحياة ثانية.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات