ليلة القدر - جمال قطب - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 3:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليلة القدر

نشر فى : الخميس 7 يونيو 2018 - 9:05 م | آخر تحديث : الخميس 7 يونيو 2018 - 9:05 م

ليلة القدر هى إحدى ليالى شهر رمضان، وقد نالت هذا الاسم «القدر» من الله جل جلاله، فهذا القدر أو هذه المكانة منحة إلهية اختص الله بها هذه الليلة، إذ جعلها خيرا من ألف شهر.. نعم هى ليلة واحدة اختصها الخلاق العظيم بخصوصية جعلتها تفوق «قرنا» من الزمن. أى إن من يجاهد نفسه فى تلك الليلة ينال أجر وثواب قرن كامل، فأى بركة وضعها الله فى تلك الليلة حتى ترتفع إلى هذه المنزلة؟ فلنحاول التفكير والبحث فإن التفكير عبادة، والبحث عبادة ما دام الإنسان يفكر ويبحث فى أمر خير لا ينتج عن ضرر أو شر يصيب أحدا بسوء.
ــ1ــ
من حيث المبدأ فإن الله جل جلاله قد قرر وقضى قاعدة عامة طول العام، وتلك القاعدة العامة تمثل الحد الأدنى فى العطاء الإلهى لعباده حيث يقول: ((مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)). فهذا هو الحد الأدنى الذى ضمنه الله لعباده عن جميع أعمالهم طوال العام ليلا أو نهارا، سرا أو علانية، قليلا أم كثيرا، فكل حسنة أو كل خير أو كل منفعة ينال فاعلها مكافأة بعشرة أمثالها.
ــ2ــ
فإذا ازداد الإخلاص وتوجه الإنسان بالحسنة التى يفعلها لله وحده لا يريد من الناس أى جزاء أو شكر، فإن الحسنة التى ارتفعت بنية الإخلاص منها ينتقل الجزاء عليها إلى شريحة أعلى من شريحة «الحسنات العشر» حيث يقول سبحانه: ((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)).
ــ3ــ
وفى ضوء هذه الآية الكريمة نفهم خطبة الرسول العظيم وهو يستقبل شهر رمضان حيث قال إن شهر رمضان بصفة عامة: (شهر من أدى فيه نفلا (سنة أو تطوعا) كمن أدى فرضا فيما سواه، ومن أدى فيه فرضا (ركعة/ صيام/ زكاة إلخ) كمن أدى سبعين فرضا فيما سواه).. هكذا يكون العطاء الإلهى للمخلصين فى رمضان بصفة عامة... فكيف يكون الجزاء فى ليله القدر؟
ــ4ــ
هذا الجزاء الكريم من الرب الكريم سارٍ للمخلصين دائما فى أى عمل طوال العام، كما أنه سمة عامة للجزاء لجميع الطائعين فى شهر رمضان وزاد على ذلك «ليلة القدر» إذ قد زاد أجرها حيث زاد قدرها.
ــ5ــ
فالخالق العظيم هو وحده أعلم بما خلق، فهو يعلم ما فى ليلة القدر من خير ممنوح للباحثين والطالبين فسماها من فضله «ليلة القدر».. هذا القدر هو قدر إخلاص وقدر المانح سبحانه وقدر الليلة حيث اختارها سبحانه لينزل فيها الكتاب الباقى أبد الدهر،
والدواء الشافى لكل متعاطٍ والقانون لجميع المعاملات بين البشر، فهنيئا لمن تحرى تلك الليلة وأعد لها خيرات يفعلها، وكربات يفرجها عن عباد الله وتنازلات عن الحقوق لمن عجزوا عن السداد.
ــ6ــ
نعم إنها ليلة القدر خلقها القادر المقتدر جل جلاله وأنزل فيها كتابا ذا قدر على خاتم الأنبياء محمد وهو رسول ذو قدر، ونزل الكتاب تكريما للأمة الباحثة عن القدر، فنسأله سبحانه أن يجعلنا جميعا من هذه الأمة تلك العظيمة القدر إذا أخلصت وعملت.
يتبع...

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات