كانتونات طائفية لتبرير إسرائيل اليهودية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كانتونات طائفية لتبرير إسرائيل اليهودية

نشر فى : الخميس 10 ديسمبر 2015 - 10:30 م | آخر تحديث : الخميس 10 ديسمبر 2015 - 10:30 م
خلال اجتماع قبل اسابيع قليلة فى مقر نقابة الصحفيين طالبت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق المصريين والعرب بأن يتنبهوا إلى الفخاخ المنصوبة لهم.
قالت شفيق ــ صاحبة الدور النقابى الكبير ــ ان خطورة الأزمة الحالية انها تهدف إلى إنشاء دويلات طائفية، بحيث تكون إسرائيل اليهودية هى النموذج.
كلام أمنية شفيق عين الصواب لأنه يعنى ببساطة أنه عندما تنجح مثلا مجموعة من داعش أو النصرة فى إقامة دولة سنية على أى منطقة فى سوريا أو العراق، ثم يجد النظام نفسه «محشورا» فى «دولة علوية» على الساحل، وينفصل الأكراد بدولة فى الرقة ودير الزور، ثم تقيم كل جماعة دولتها الخاصة فى أى شارع أو حى أو محافظة، وإذا تم تعميم هذا النموذج السورى فسوف نجد دولة شيعية لحزب الله فى الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت وبقية الجنوب، ودولة للسنة فى بيروت الغربية وطرابلس، ودولة للمسيحيين فى الأشرفية وجونيه، وأخرى للدروز فى الجبل، وربما دولة للأقليات المسيحية الأخرى فى بعض الشوارع!.
أما فى العراق فإن التقسيم تقريبا شبه موجود ولا ينقصه سوى الإعلان الرسمى، الأكراد يقيمون دولتهم الفعلية فى الشمال بكردستان، ولها اتصال جغرافى بأكراد سوريا وأحيانا بأكراد تركيا، والشيعة موجودون فى كل الجنوب وبعض احياء العاصمة بغداد، وداعش تسيطر على الموصل، ومعظم غرب العراق والأنبار والرمادى فى المناطق ذات الأغلبية السنية، ثم تجد الأقليات الأخرى نفسها «محشورة ومدهوسة» بين القوى الثلاث الكبرى.
فى اليمن لا يختلف الحال كثيرا، وعندما بدأ التدخل الإيرانى الفج وجدنا أقلية زيدية تحاول إقامة دولتها الخاصة فى صعدة، ثم «طمعت» أكثر وفكرت فى التهام كل اليمن، بمساعدة من على عبدالله صالح، ولذلك كان التدخل العربى حتميا لمنع سقوط اليمن فى أحضان إيران غير البريئة.
الوضع فى ليبيا أكثر سوءا ربما من كل النماذج السابقة، لأن هناك قبائل سيطرت على مناطق وأعلنت انعزالها عن الدولة التى لم تعد قائمة فعليا. دولة شرعية موجودة نظريا فى طبرق والبيضاء وبعض أجزاء بنى غازى. ثم دولة متمردة فى طرابلس تديرها «فجر ليبيا» التى يشكل الإخوان وأنصارهم الجزء الأكبر منها، وتتلقى دعما علنيا من تركيا وقطر وأطراف دولية اخرى. هناك مئات الكانتونات المستقلة فى ليبيا الآن، وبعضها قبائل لا يزيد عدد أفرادها على خمسة آلاف شخص.
السودان عرف الانقسام قبل الجميع حينما انفصل الجنوب، وقبلها تمرد الغرب فى دارفور، ثم تمرد الشرق، ناهيك عن الانقسام السياسى الحاد بين الحكومة والمعارضة، بل بين أطراف الحكومة نفسها بعد انشقاق مجموعة الترابى التى قادت مع البشير انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩.
لماذا أسوق هذه التفاصيل التى قد تكون معروفة لكثيرين؟!.
لسبب بسيط ولكنه جوهرى، وهو ان تشجيع إقامة هذه الكانتونات التى يقوم معظمها على أسس طائفية دينية، هو الذى سيعطى إسرائيل الشرعية والمشروعية الدولية كى تعلن عن نفسها بأنها دولة يهودية.
تضغط إسرائيل بكل السبل منذ سنوات على الفلسطينيين والعرب للقبول بيهوديتها، وهو ما يقابل دائما بالرفض، والإصرار إما على حل الدولتين، أو دولة ديمقراطية لكل مواطنيها.
إذا نعرف الآن بوضوح من هو صاحب المصلحة فى إقامة الدويلات الطائفية الصغيرة فى المنطقة، بحيث تكون إسرائيل هى النموذج والقدوة والدولة الأقوى فى المنطقة بأكملها، بل ربما تلجأ إليها بعض الدويلات طلبا للحماية كما فعلت بعض الدويلات العربية مع الدولة الصليبية التى كانت قائمة فى فلسطين ولبنان أو الشام بمعناه القديم.
السؤال الجوهرى بعد ذلك ذلك: هل فكر الإخوان والسلفيون والوهابيون والفصائل الشيعية المختلفة فى كل المنطقة فى خطورة إقامة الدول أو الكانتونات الطائفية الكبيرة أو الصغيرة، بديلا للدولة الوطنية المدنية القومية الحديثة.. هل يدركون انهم ينفذون بقصد أو دون قصد مخطط إسرائيل والغرب. كنا نطمح فى الدولة القومية الواحدة من المحيط إلى الخليخ وننتقد الدولة القطرية المجزأة، والآن نتحصر على الأخيرة!!.
هل نلوم إسرائيل..ام يفترض أن نلوم انفسنا اولا!!!!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي