كوفيد 19.. مازالت اللقاحات الأمل للسيطرة على الجائحة - علاء غنام - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كوفيد 19.. مازالت اللقاحات الأمل للسيطرة على الجائحة

نشر فى : السبت 12 فبراير 2022 - 8:30 م | آخر تحديث : السبت 12 فبراير 2022 - 8:30 م

 

فى النقاش حول كوفيدــ19، تساءلت هل هناك جديد يقال حول أزمة العالم الوبائية الحالية. فى إطار محاولة العلم التجريبى والطب عقلنة ما يحدث للبشر وآليات السيطرة على انتشار الفيروس، تظهر هواجس الإنسان فيما يخص مستقبلنا وإمكانية أن يتلاشى كوفيدــ19 ويختفى من يوميات حياتنا.

يتم استخدام كل الوسائل المتاحة حاليا لتحجيم انتشار الفيروس وتقليل ضرره قدر الإمكان والسيطرة عليه؛ من لقاحات متنوعة عديدة إلى أدوية مباشرة ظهرت مؤخرا تحجم من قوة الفيروس.
كل هذه المحاولات أعطت الأمل ولو بشكل جزئى لتلاشى الجائحة وتحولها إلى مجرد مرض متوطن، فى أحد السيناريوهات المتفائلة، ينشط بين الحين والآخر بأعراض يمكن السيطرة عليها كما أصبح الآن نزلات البرد والإنفلونزا الموسمية.
مع ظهور المتحور الأخير الأكثر انتشارا، ظهرت بشكل واضح للجميع فوائد اللقاحات، وتطعيم السكان على نطاق واسع، فحتى وإن كانت حدة وقوة متحور الأوميكرون أقل مقارنة بالمتحورات السابقة عليه، فإن ما شكل حائط صد أمام المتحور الجديد نسبيا هو اللقاحات. ومع ذلك، هناك تخوفات من إمكانية نشوء متحورات جديدة خاصة فى ظل اللا مساوة المرعبة فى الوصول للقاحات بين بلدان العالم الغنية من ناحية، والبلدان التى لم تتمكن بعد من الوصول لنسبة كبيرة من السكان باللقاح من ناحية أخرى.
ولكن ما يعطى أملا حقيقيا، وليس مجرد فجر كاذب، فى نهاية هذا الوباء هو أننا نمتلك الآن مجموعة متنوعة من اللقاحات التى ما زال لها دور حيوى وحاسم فى المواجهة ضد كوفيدــ19.
ورغم هذا الأمل، يظل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة هم من يتحملون العبء الأكبر بسبب الجائحة، فمازالوا معزولين ويتخذون احتياطات صحية لمدة تجاوزت العامين، معزولين فى بيوتهم، رغم حصول بعضهم على جرعة ثالثة منشطة، ظلوا هم الفئة الأكثر عرضة للخطر بسبب التقدم فى العمر ومعدلات المراضة بينهم Morbidity rates، ومازالوا هم الشريحة الأكثر معاناة من الأوضاع الحالية نفسيا واقتصاديا، وتزداد احتماليات العدوى بينهم خاصة. وتختلف تجارب الجائحة بالطبع من بلد لآخر بحسب السياسات الصحية المتخذة فى كل بلد؛ ففى السياقات التى تم اتخاذ فيها إجراءات تضامنية قوية، سيترك ذلك مشاعر تضامنية قوية من التى تنشأ فى الأزمات الكبرى. على النقيض من ذلك، فى البلدان التى تركت كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة دون سياسات تحميهم سيزيد ذلك من مشاعر العزلة والخوف.
• • •
الجزء الأكثر غرابة ويحتاج لتأمل ودراسة اجتماعية واسعة هو إمكانية اقتناع عدد كبير من البشر فى أماكن مختلفة من العالم بنظريات خرافية حول نشأة الوباء، وتبنى قسم كبير لنظرية المؤامرة. فمازال هناك من يرى أن الفيروس مخلق معمليا يستهدف بالأساس التخلص من البشرية، وبعض الآراء الأكثر تطرفا ترى أن الكوفيدــ19 مؤامرة للتخلص من كبار السن تحديدا بغرض التخلص من الأعباء الاقتصادية والإعانات والتأمينات والمعاشات لكبار السن، وهذه النظريات تلقى رواجا حتى فى الدول المتقدمة.
والواقع، أن التاريخ الوبائى للبشر ينفى ذلك تماما، فالرجوع الآن لأرقام الوفيات عالميا نجد أن الوفيات عالميا بسبب الكوفيدــ19 تجاوزت الخمسة ملايين وفاة، وهذا بالطبع نسبة ليست ضخمة بالنسبة لعدد السكان عالميا، مقارنة بأوبئة سابقة فى مراحل تاريخية سابقة سببت خسائر بشرية فادحة، على سبيل المثال جائحة الإنفلونزا الإسبانية تسببت فى وفاة 50ــ100 مليون. وهو ما يثبت أن البشرية الآن بفضل العلم والتقدم الكبير أكثر قدرة على المواجهة وأكثر مرونة فى التعامل مع كوفيدــ19 مقارنة بالقرن الماضى.
ومن المحزن أن شعوب العالم لم تستفد من هذا التقدم فى الوصول للقاحات بدرجة متساوية، فهناك لا مساواة مرعبة بين الدول، وسلوك احتكارى أنانى لشركات الدواء الكبرى وبعض الدول الغنية فى رفض تعليق الملكية الفكرية، هذه العوامل التى تعزز اللا مساواة تغذى انعدام الثقة بشكل عام وقد تدفع البعض لتبنى نظريات المؤامرة.
• • •
يظل التحدى الأكبر لنا جميعا هو القلق والمخاوف اللذان نعانى منهما فى ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى التى تجعل أخبار الوفيات أو إصابة بعض من نعرف فى دوائرنا المحدودة مخاوف كبيرة، وتنعكس على القدرة فى الاستمرار على العمل أو الاستمتاع بالحياة، وعلى الأرجح ستترك الجائحة تأثيرات نفسية على الجميع، إن لم تكن بدأت فى الظهور الآن.
وفى الخلاصة، ما بين نظرية المؤامرة أو الأمل المبالغ فيه، فالعلم والطب الحديث نجح فى القضاء على بعض الأمراض المعدية أو تحجيمها بشكل كبيرة وتقليل الضرر.
والدرس المستفاد والأهم هو ضرورة البحث عن حلول عالمية تضامنية أساسها التشارك لمواجهة آثار كوفيدــ19 أو ما يتم التحذير منه من أوبئة قادمة، فهناك ضرورة ملحة للقضاء على اللا مساواة القاتلة، وتحقيق العدالة فى الصحة، والتى بدونها تظل المخاطر قابلة للتكرار، وسيدفع الثمن الأكبر دائما الدول والأفراد الأكثر هشاشة.

خبير سياسات صحية

 

علاء غنام مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وخبير فى إصلاح القطاع الصحى
التعليقات