تدني حال الديموقراطية في العالم بأسره - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تدني حال الديموقراطية في العالم بأسره

نشر فى : الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 - 7:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 - 7:25 م
نشرت مجلة فورين أفيرز مقالا للكاتب لاري دايموند تناول فيه تدهور حال الديموقراطية في الولايات المتحدة، والتأثير السلبي للقوى الاستبدادية كالصين وروسيا، في التعجيل بتدمير قيم الديموقراطية في العالم أجمع... نعرض من المقال ما يلي.
استهل الكاتب المقال بالإشارة إلي تردي مستويات الديمقراطية حتى في البلدان التي تجري انتخابات حرة ونزيهة. أظهرت الأحداث الأخيرة في أمريكا أن مبادئ الديمقراطية علي المحك في البلد التي من المفترض أنها تناضل من أجل إرساء قواعد لها. إذ شهدت الولايات المتحدة واحدة من أكبر الأزمات في الحقوق السياسية والحريات المدنية على مدى السنوات العشر الماضية. لا ننسي نصيب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في إشعال جزء من هذه الأزمات، فقد أساء استخدام السلطة الرئاسية على نطاق غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، بسبب الترويج للأكاذيب والتحريض علي الشغب.
أشار الكاتب إلي الخطر الذي تشكله الأنظمة الاستبدادية العدوانية علي الديموقراطيات في العالم. يتجلى الدليل علي ذلك في حرب روسيا على أوكرانيا وضغط الصين على تايوان. إنها الأنظمة الاستبدادية المسلحة النووية العدائية مثل الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وربما قريبًا إيران هي التي تهدد أمن سلاسل التوريد الأمريكية.
• • •
أردف الكاتب القول أن من المنطقي التساؤل عما إذا كان الصراع العالمي بين نظامين سياسيين، الديمقراطي والاستبدادي، هو أفضل طريقة لتأطير المصلحة الوطنية للولايات المتحدة. يتساءل النقاد عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة أن تبدأ «حربًا باردة جديدة»، بحجة أن العالم الحالي متعدد الأقطاب لا يتناسب مع واشنطن. لذلك يحتاج صانعو السياسة الأمريكيون إلى توخي الحذر حيال إجبار الدول على الاختيار بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى. ولا نغفل الحقيقة الصعبة التي تتمثل في شن النظامين الاستبداديين الرئيسيين في العالم، الصين وروسيا، حملات عالمية متطورة لتشويه قيم الديمقراطية وتخريبها. وفي هذا القرن الجديد، لم تكن الولايات المتحدة وحلفاؤها مستعدين للرد علي حملاتهم. حيث ساهمت الحروب في أفغانستان والعراق، والجهود الفاشلة لفرض سيطرة الدولة في الخارج، والأزمات المالية المتتالية، والضغوط المتزايدة للشعبوية الداخلية والتطرف في الإضرار بالصورة الدولية للولايات المتحدة.
وبالتالي حدث تحولًا كبيرًا في روح العصر الذي نعيشه. لقد ترسخت رواية مفادها أن الديموقراطيات فاسدة ومهترئة، وأنها تفتقر للقدرة علي التغيير، وعليه يكمن المستقبل في أنظمة استبدادية أقوى وأكثر كفاءة مثل الصين.
لذا، وجب توضيح جانب من الاحترام الممنوح للقوى الاستبدادية المتمثل في رد الفعل لبعض دول القارة السمراء على غزو روسيا لأوكرانيا. إذ قلة من دول إفريقيا البالغ عددها 54 دولة أيدت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس 2022 الذي يدين هذا العمل العدواني. علي النقيض، امتنعت في الشهر التالي 58 دولة عن التصويت على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
• • •
في بادئ الأمر، يكمن حل قضية الديمقراطية في السلطة. لكن هذا لا يعني علي الإطلاق تأييد استخدام القوة لفرض الديمقراطية، إنه نهج دائم الفشل في الغالب. ولكن كما أشار عالم السياسة صموئيل هنتنجتون، فإن القوى العسكرية والدبلوماسية تخلق السياق الجيوسياسي الذي تزدهر فيه الديمقراطية. إن الحفاظ على القوة العسكرية الأمريكية أمر حيوي للحفاظ على أمن الديمقراطيات ضد التعدي الاستبدادي. يجب على الولايات المتحدة تطوير ونشر الأصول العسكرية التقليدية والجيل الجديد منها، هذا ضروري لردع المنافسين الاستبداديين، وأولهم، الصين.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على صانعي السياسات الاهتمام بصقل القوة الاقتصادية والقيادة التكنولوجية للولايات المتحدة. إن ضمان بقاء الاقتصاد الأمريكي أقوى اقتصاد في العالم، وأن يظل الدولار العملة الدولية المهيمنة، أمر حيوي. يجب عليها أيضا الاستمرار في القيادة في مثل هذه الحدود التكنولوجية مثل الحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي والهندسة الحيوية والروبوتات. إذ يعد البقاء في المقدمة في هذه القطاعات أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرار التفوق العسكري للولايات المتحدة والقيادة العالمية الشاملة، كما أنه يبعث برسالة حول الميزة النسبية للأنظمة الديمقراطية.
واسترسل الكاتب في القول بأن هناك أزمتين في انتظار صانعي السياسة الأمريكيين ويجب عليهم معالجتهما. أولاً، تشوه المشهد الإعلامي في معظم بلدان العالم بسبب الرقابة العلنية والجهود السرية لتخويف الصحفيين المحترفين والسيطرة عليهم وفسادهم. ثانيًا، ليس لدى الولايات المتحدة استراتيجية واضحة لترسيخ قيم الديمقراطية في العالم.
•••
من المؤكد أن قدرة الولايات المتحدة على إحياء قيم الديمقراطية في الخارج لن تكون سهلة المنال، إذ لم يُعِد المواطنون الأمريكيون إحياء التزامهم تجاهها داخل وطنهم. إذا غرقت الديمقراطية الأمريكية بشكل أعمق في مشاهد التخريب والعنف التي نشاهدها الآن، فستبدو الرسالة الأمريكية الطالبة بإحياء الديموقراطية منافقة وسيصاب حلفاء الولايات المتحدة بالإحباط. ما تحتاجه واشنطن هو العودة إلى المعايير الديمقراطية الأساسية للتسامح المتبادل وضبط النفس في ممارسة السلطة، إلى جانب التزام لا لبس فيه من قبل جميع الجمهوريين بقبول نتائج الانتخابات المستقبلية.
يجب على صانعي السياسة الأمريكيين اختيار النهج المناسب للتعامل مع البلدان التي تعاني من الأنظمة الاستبدادية. من الضروري السعي لفهم الأيديولوجيات والطموحات التي تحفز الدول الأخرى. وهكذا، يري المنتهكون لحقوق الإنسان أن هناك ثمنًا يجب دفعه مقابل سحق المعارضة. من خلال الدبلوماسية والتطبيق الماهر لسياسة العقاب، يجب على صانعي السياسة الأمريكيين السعي لإقناع الحكام الاستبداديين بأنهم إذا خففوا من القمع وقبلوا التعددية السياسية أكثر، فإن بلدانهم ستستفيد اقتصاديًا. عندها ستكون الولايات المتحدة أكثر قدرة على مساعدتهم في الحفاظ على سيادتهم وأمنهم القومي، وسيكون القادة أكثر فعالية في الحكم.
• • •
لا توجد أولوية أكثر أهمية من ضمان انتهاء حرب روسيا الوحشية ضد الديمقراطية في أوكرانيا بهزيمة موسكو. في الأشهر الأربعة التي أعقبت الغزو الروسي في 24 فبراير، التزمت الولايات المتحدة بمبلغ 5.6 مليار دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك المدفعية الثقيلة والطائرات بدون طيار والصواريخ والطائرات. لكن تسليم الولايات المتحدة لتلك المساعدات العسكرية كان بطيئًا في كثير من الأحيان، ولم يتم تلبية بعض طلبات أوكرانيا للحصول على أسلحة متطورة. في غضون ذلك، واصلت روسيا هجومها القاتل. يجب على حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة والاستخبارات التي تحتاجها لمواجهة العدوان الروسي بنجاح.
وأضاف الكاتب أن الانتصار علي روسيا لحل الأزمة الأوكرانية ليس خيارًا، والسر يكمن في كلمة تايوان. لأن انتصار روسيا سيقوي تصميم الصين أكثر في ضم تايوان لها. من الواضح أن الصين مصممة على «إعادة توحيد» تايوان مع البر الرئيسي لأسباب رمزية وسياسية واقتصادية واستراتيجية. من الناحية الرمزية، يدعي حكام الحزب الشيوعي الصيني أن ضم تايوان من شأنه أن ينهي إذلالًا طويلاً ويستعيد مكانة الصين الشرعية كقوة مهيمنة في آسيا. من الناحية السياسية، فإن استيعاب القيادة الصينية لتايوان من شأنه أن يطفئ الدليل الحي على أن المجتمع الصيني يمكن أن يحكم نفسه كديمقراطية ليبرالية. من الناحية الاقتصادية، تستضيف تايوان أكثر مرافق تصنيع أشباه الموصلات تقدمًا في العالم، حيث تنتج ما يقرب من 90 في المائة من أقوى الرقائق في العالم. ومن الناحية الاستراتيجية، فإن الاستيلاء على تايوان سيمكن الصين من تجاوز سلسلة الجزر الأولى، أول سلسلة من الأرخبيل من البر القاري لشرق آسيا، وتأكيد السيطرة ليس فقط على بحر الصين الجنوبي وممراته إلى المحيط الهندي ولكن أيضًا على غرب المحيط الهادئ. يمكن للصين بعد ذلك أن تدفع الولايات المتحدة للخروج من آسيا وتصبح هيمنة المحيطين الهندي والهادئ في يدها.
واختتم الكاتب القول بأن الظروف العالمية للديمقراطية سيئة وتزداد سوءًا. لذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تقديم الدعم السياسي والمالي للأشخاص والمنظمات المكافحين من أجل الحرية. ومن المصلحة الوطنية للولايات المتحدة تشجيع الانتقال إلى حكومات أكثر ديمقراطية وقانونية في جميع أنحاء العالم. لا يستطيع صانعو السياسة التنبؤ بموعد ظهور الفرص المحورية لمناصرة الحملات الديمقراطية أو متى قد تواجه حكومة ديمقراطية متدهورة أزمة من شأنها أن تمكن الديمقراطيين من استعادة الزخم. علاوة على ذلك، يستخلص الديمقراطيون في جميع أنحاء العالم الأمل والدروس المؤسسية والرؤى التكتيكية من التفاعلات مع بعضهم البعض. كما أن دعمها يؤكد من جديد أن الحرية السياسية والحريات المدنية هي حقوق عالمية يحق لجميع الناس التمتع بها، بغض النظر عن المنطقة والثقافة.

ترجمة وتحرير: وفاء هاني عمر
النص الاصلي https://fam.ag/3BwVT7J
التعليقات