سوريا فى أول النفق - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سوريا فى أول النفق

نشر فى : الإثنين 14 نوفمبر 2011 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 14 نوفمبر 2011 - 9:25 ص

نجحت جهود المعارضة السورية بتأييد من مجموعة دول الخليج العربى، فى استصدار قرار من الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا فى المجلس، مع ما يترتب على ذلك من سحب السفراء ودعوة المؤسسات الدولية للدفاع عن حقوق المدنيين السوريين وحمايتهم!

 

وبهذا القرار دخلت الأزمة السورية نفقا مظلما، نشهد الآن بدايته ولكننا لا نعرف نهايته، وكان طبيعيا أن ترفض دمشق قرار الجامعة بتعليق عضويتها، وأن تتهم الأطراف العربية التى زجت بها فى هذا الطريق بأنها تنفذ أجندات أجنبية ــ على حد قولها.

 

غير أن ثمانية أشهر من مراوغة النظام البعثى فى دمشق، واصل خلالها بشار الأسد ممارسة أساليب القمع والقتل واستخدام البلطجية فى التنكيل بالمتظاهرين وإحراق المدن وغلق المحال ومواجهة المظاهرات بالعنف المسلح.. لم تكن كافية لإقناع بشار وحكومته بقبول الوساطات المتعددة من تركيا ثم من جامعة الدول العربية لوقف أعمال العنف الدموى الذى يرتكب ضد الشعب السورى. وقبول التفاوض مع قوى المعارضة لإخراج النظام من ورطته.

 

بل بدا على العكس من ذلك أن النظام السورى عازم على خوض المعركة حتى الثمالة، ولو أدى الأمر إلى إحداث زلزال يدمر المنطقة بأسرها.

 

وعلى مدى الأسابيع الأخيرة التى سعت فيها الجامعة العربية للتقدم بمبادرة لحل المشكلة وإقناع النظام السورى بتغليب المنطق والعقل فى التعامل مع شعبه.. تجنبا لاحتمالات حدوث تدخل دولى بدا أن السحب تتجمع لمحاصرته.. لم يحدث أدنى تقدم فى الموقف السورى. بل تضاعفت عمليات الحصار للمدن وظهرت انقسامات داخل الجيش.. ورفضت روسيا والصين اتخاذ أى إجراء دبلوماسى فى مجلس الأمن لإدانة سوريا أو التدخل فى شئونها، مهددة باستخدام حق الفيتو.

 

السؤال الذى يتردد الآن بعد تعليق عضوية سوريا، هو ما إذا كانت الأمور ستسير فى نفس الطريق الذى سارت فيه مأساة ليبيا؟ حين رفعت الجامعة العربية غطاءها عن العقيد القذافى وتركته لقمة سائغة لحلف الأطلنطى؟ وكانت النتيجة ضياع دولة عربية بأكملها واحتلالها من دول مغامرة تبحث عن النفط؟!

 

أم تسير الجامعة على طريق تدويل الأزمة السورية. باشتراك منظمات حقوق الإنسان وحض المؤسسات الدولية على فرض عقوبات اقتصادية تشارك فيها الدول العربية؟ وهل ستوافق دول الجوار على أية إجراءات من شأنها فرض حصار على سوريا.. فهناك لبنان وحزب الله وإيران.. وكلها تقف مساندة للرئيس الأسد وعلى استعداد لخوض أية حرب تكون سوريا طرفا فيها!

 

كما أنه ليس مؤكدا حتى الآن أى الدول العربية على استعداد لسحب سفرائها من دمشق.. وهو قرار سيادى غير ملزم؟ أو قطع علاقاتها التجارية معها؟

 

هذه كلها أسئلة صعبة، لم يفكر فيها هؤلاء المتظاهرون الذين وقفوا يلقون بالبيض والحجارة على الجامعة العربية.

والمثير فى الأمر أن السوريين المعارضين أنفسهم منقسمون على أنفسهم، ولا يتفقون على خط واحد فى التعامل مع النظام.. وقد ترك كثير من رؤسائهم وزعمائهم دمشق وجاءوا يتظاهرون فى القاهرة.. بزعم أن الجامعة العربية وأمينها العام هو الذى بيده انقاذ الشعب السورى، وأن القرار الذى تتخذه الجامعة سوف يرغم بشار الأسد على التخلى عن السلطة.. مع أن كل القوى الخارجية التى تحاول مساعدة السوريين، تشكو من أنها لا تعرف من الذى تدير حوارا معه.. هناك المجلس الوطنى السورى. وهناك الهيئة التنسيقية.. إلى جانب عدد من الفاعليات الأخرى!

 

ما لم تدركه المعارضة السورية حتى الآن، وبعد شهور من المسيرات والأهازيج والشعارات والأغانى التى ملأت شاشات التليفزيون وشوارع دمشق وحماة وحمص ودير الزور، أن إسقاط نظام الأسد لن يتم بمساعدة قوى خارجية. ولا بإطلاق الشعارات والهتافات، ولكن باستخدام القوة فى مواجهة القوة.. لقد ضحى السوريون بما يقرب من أربعة آلاف قتيل فى مظاهرات سلمية لم تفض إلى نتيجة.. غير تعليق عضوية سوريا فى الجامعة.. فماذا لو لم تكن سلمية؟!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات