ليس هناك تغير فى موقف موسكو تجاه سوريا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس هناك تغير فى موقف موسكو تجاه سوريا

نشر فى : الثلاثاء 15 سبتمبر 2015 - 6:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 سبتمبر 2015 - 6:15 ص

نشر معهد شاثام هاوس مقالا للكاتب نيكولاى كوزانوف؛ يتحدث فيه عن الموقف الروسى من القضية السورية، وكيف أن هذا التحالف بين كلا البلدين إنما يقوم على أساس المصالح المشتركة لكليهما، وأن انسحاب موسكو فى تلك الفترة غير وارد، خاصة فى ظل تصاعد الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق وما تشكله من خطر على موسكو. موضحا حيثيات التحالف، وأسبابه ويؤكد على أنه ليس بجديد وليس بمفاجئ، وأن انتهاءه ليس بقريب. بدأ الكاتب المقال مشيرا إلى موقف الصحافة العربية والغربية خلال الثلاثة أشهر الماضية؛ حيث كانت تأمل أن ترى أى علامات للتغيير فى الموقف الروسى تجاه سوريا أو حتى لتراجعها عن دعم نظام بشار الأسد. وذهب البعض إلى حد القول بأن روسيا تفهمت أخيرا بأن نهاية الحكومة السورية قريبة وبدأت بالفعل تراهن على محادثات مع مؤيدى المعارضة السورية. فقد تم اعتبار الحوارات الدبلوماسية بين المسئولين الروسيين وزملائهم من أمريكا والمملكة السعودية والأردن ومصر وقطر إضافة لاجتماعاتهم شبه الرسمية مع المعارضة السورية؛ كدليل على تغير السياسة الروسية.

فى نهاية يوليو، افترضت صحيفة الوول ستريت أن زيارة ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان لسانت بطرسبرج هى محاولة أخرى من الرياض لكسب روسيا فيما يخص الشأن السورى. فبالنظر لعدد اتفاقيات التجارة والاقتصاد والاستثمار التى تم توقيعها خلال تلك الزيارة، نجد أنه حتى الخبراء الروسيون توقعوا احتمالية حدوث تغيير فى سياسة موسكو. كما تم أخذ تصريح الرئيس باراك أوباما الحماسى فى الفترة من 6 إلى 14 يوليو عن الدور الايجابى الذى يمكن أن تلعبه روسيا فى تسوية الصراع السورى كمؤشر آخر على تغير السياسات الروسية.

***
ومع ذلك يرى كوزانوف أن الأحداث الحالية أثبتت مرة أخرى فشل الغرب فى فهم النوايا الروسية. فقد قررت موسكو على عكس المتوقع أن تقوم بتكثيف جهودها فى سوريا وذلك بزيادة مساعداتها العسكرية للأسد. وقيل إن الشحنة الأخيرة شملت طائرات استطلاع بدون طيار BTRــ80A (أو وفقا لبعض المصادر الأخرى طائرات BTRــ82 وهى الأكثر تعقيدا)، وناقلات جنود برمائية مدرعة ومتطورة، وشاحنات نقل عسكرية، ومركبات لنقل المشاة (مخصصة فى الوقت الحالى للجيش الروسى تحديدا)، كما تم تداول شائعات أن موسكو تخطط لدعم سوريا بعدد من الطائرات المقاتلة من طراز ميج 31 وتوفير طيارين لتشغيلها.

وهذا أدى لوجود ادعاءات فى الإعلام الغربى تشير إلى أن روسيا على وشك نشر قواتها فى الأراضى السورية. كما كانت هناك تكهنات بأن السلطات السورية بدأت فى بناء مساكن لآلاف من الجنود الروسيين. وبالرغم من أن الادعاءات السابقة خيالية إلا أن حقيقة أن الكرملين قد كثفت مساعداتها العسكرية لسوريا تشير إلى أن موسكو ليس لديها النية أو الاستعداد للتخلى عن الأسد. وهناك سببان على الأقل لذلك.

أولا: أن السلطات السورية لا تعتقد بأن أيام الأسد معدودة. وهنا يشير كوزانوف إلى أنه فى مؤتمر صحفى فى الدوحة فى الثالث من اغسطس، قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف مازحا «قد تم التنبؤ بنهاية الأسد منذ أربع سنوات ومع ذلك لم تأت تلك النهاية بعد». فالسلطات فى دمشق قد أنهكها الصراع الطويل؛ إلا أن قراراهم الأخير بالتركيز على الدفاع عن معاقلهم الأساسية (المنطقة الساحلية، وحمص، وحماة، ودمشق) قد يزيدهم قوة؛ فالتكوين الاثنى والعرقى فى بعضها، إضافة لحصول النظام على إمدادات الأسلحة الروسية والمتطوعين من الشيعة من لبنان والعراق وإيران، فهذا يعنى أن قوات المعارضة ستجد الوضع اصعب من ذى قبل لتحقق انتصار جديد فى ميدان المعركة. لا يوجد من يتوقع هزيمة سريعة للأسد؛ بل على العكس من ذلك، فهناك عدد متزايد من القادة الأوروبيين الذين يرون الدولة الاسلامية فى العراق وسوريا باعتبارها التهديد الأساسى. وبعض منهم اقترح أن يتم إشراك الأسد لهزيمتهم. وبالتالى فموسكو لم تعد تحت ضغط لكى تنسحب وتتخلى عن الأسد.

ويستطرد كوزانوف قائلا بأن السلطات فى موسكو تعتقد فى أن مساعدة الأسد تعنى حماية المصالح القومية الروسية، خاصة فى مكافحة المقاتلين الجهاديين. فى أغسطس 2014، أطلق لافروف على الدولة الاسلامية بالعراق «التهديد الأساسى» لروسيا فى المنطقة. وتؤكد الكرملين أن سقوط الأسد يعنى تحول سوريا إلى ليبيا أخرى، وهو ما يعنى مستقبل متطرف فى الشرق الأوسط وتصدير للتطرف الإسلامى لروسيا، وشمال وجنوب القوقاز ووسط آسيا.

***
فأجهزة الأمن الروسية ترصد عن كثب أنشطة نحو 2000 جهادى يتحدثون الروسية فى سوريا، معظمهم مقاتلون مؤثرون ويحملون نوايا سيئة للحكومة الروسية. وبالتالى فإن موسكو لديها شك من أنه بمجرد الإطاحة بالأسد سينقل هؤلاء المقاتلين كفاحهم من أجل الخلافة الاسلامية فى الدول المنشقة عن الاتحاد السوفيتى. وبالتالى تفضل موسكو أن تحاربهم وتهزمهم بعيدا عن الأراضى الروسية.

والسبب الأخير كما يذكره الكاتب هو أن الانسحاب الروسى والتخلى عن الأسد سيمثل ضربة قوية لصورة بوتين فى الداخل. فدائما ما يتم إظهار الأسد فى الاعلام الروسى باعتباره حليف موسكو فى الكفاح والقتال ضد التحدى «الإسلامى»، وأن ولاء روسيا له يعد مسألة «مبدأ». وبالتالى فإن السلطات الروسية ستواجه مشكلات كبيرة لتبرير هذا التغير فى العلاقة مع دمشق للجمهور.

فالدافع وراء موقف روسيا من القضية السورية مبنى على أساس المصلحة الذاتية، ويعكس الوضع على الأرض: فالدعاية الروسية تستمر فى إعادة فكرة أنه بالرغم من أن قوات الحكومة خسرت جزءا كبيرا من أراضى الدولة، إلا أنهم مازالوا يتحكمون فى أكثر المناطق من حيث الكثافة السكانية. وهذا بالنسبة للكرملين يجعل من الأسد شخصا يمكن التعامل معه. ويختتم كوازنوف المقال بأن خطة موسكو الرئيسية هى التأكد من بقاء نظام الأسد، وقرارها الحالى بمنح الدعم العسكرى لدمشق لا ينبغى أن يشكل مفاجأة. فمن غير المرجح أن تحيد روسيا عن استراتيجيتها فى دعم الأسد فى المستقبل القريب.

التعليقات