تيران وصنافير.. أسئلة من نار - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 10:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تيران وصنافير.. أسئلة من نار

نشر فى : الإثنين 16 يناير 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 16 يناير 2017 - 10:35 م
بعد أن أسدلت المحكمة الإدارية العليا الستار على قضية تيران وصنافير، بحكمها التاريخى الذى أكد أنهما جزء لا يتجزأ من الأراضى المصرية، طبقا لما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضى الدولة، يبدو أن الوقت قد جاء لطرح الأسئلة الواجبة على كل من زعم بعدم مصرية الجزيرتين، وكاد أن يسلمهما للسعودية بطريقة مشوشة، استخفت بالرأى العام وبمواد الدستور، لأسباب غامضة حتى الآن!

قد تكون هناك تساؤلات متعلقة بالسرعة التى أرادت بها السلطة فى مصر تسليم الجزيرتين للسعودية، ومدى ارتباط هذه الخطوة بإعطاء إسرائيل الحق القانونى فى استخدام مضيق تيران بحرية مطلقة، إذا فقدت مصر سيادتها عليه، وهو الأمر الذى يرتبط بسيناريوهات غامضة حول بناء شرق أوسط جديد، يقال إنه سيشهد تقسيم دول، وضرب منظمات متطرفة، وإشعال حروب بالوكالة عن الإدارة الأمريكية الجديدة، وتطبيع العلاقات بين عدد كبير من الدول العربية وإسرائيل سيكون على حساب الحقوق الفلسطينية بالقطع!

لكن السؤال الأهم الآن يتعلق بالطريقة التى أدارت بها السلطة فى مصر قضية الجزيرتين، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يجب ان يحاسب ويحقق مع كل المسؤليين الذين قدموا له معلومات وبيانات ووثائق ثبت لحكم قضائي انها غير صحيحة. المحاكمة والمساءلة مهمة على الأقل لتقاعسهم عن أداء واجبهم، وإعطاء الرئيس معلومات مغلوطة كان من شأنها التفريط فى أرض الوطن.

أما رئيس الوزراء شريف إسماعيل الذى وقع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، فإن إقالة حكومته هو وكل أعضاء وزارته أصبح واجبا وطنيا ملحا، فالحكومة أهدرت قسمها على الدفاع عن وحدة الوطن وسلامة أراضيه طبقا لنص المادة 165 من الدستور، وهو ما يطرح تساؤلات مهمة حول إمكانية تقديم أعضائها للمحاكمة حتى لو قدمت استقالتها طبقا لنص المادتين 159 و173 للمحاكمة، وهى خطوة ينبغى ان يتخذها البرلمان فورا طبقا للصلاحيات التى أعطاها له الدستور، وإلا فإنه سيعرض نفسه لفقدان ثقة الناخبين التامة له، ويجعله يبدو وكأنه تابع أمين للسلطة التنفيذية، لا معبرا عن الشعب.

ومع ذلك، ورغم الحكم فى جوهره، يدق جرس إنذار لإيقاف كل الأساليب التى تتبعها السلطة فى مصر لإدارة شئوننا وحل أزماتنا، فإن كل ما سوف تسعى إليه السلطة فى مصر، هو القفز فوق تداعيات الحكم، لن يفكر أحد فى تقديم استقالته، ولن يحاكم أحد، سيحاولون تصوير الأمر وكأنه مجرد زوبعة فى فنجان، لا أكثر ولا أقل!

حكم الإدارية العليا هو عنوان الحقيقة فى قضية تيران وصنافير، وأى التفاف عليه بألاعيب قانونية سيضع النظام السياسى المصرى بأكمله فوق فوهة برهان، بل سيقوض كل أركان الدولة من الناحية الدستورية والأخلاقية، فعدم احترام أحكام القضاء هو أقرب طريق لإسقاط الدولة ــ أى دولة ــ ونزع أى شرعية عنها، وهو أيضا البوابة التى تشعل جحيما حقيقيا من الفتن والفوضى والاضطرابات، التى لن يستطيع أحد الوقوف ضدها طويلا.

ما ينبغى أن نلتفت إليه الآن، هو ضرورة إجراء مراجعات جذرية لأسلوب إدارة الحكم فى مصر، والتوقف فورا عن الترويج لدولة الحكم الفردي التى تتبناها أصوات شاذة تبحث عن مصالحها الخاصة، ليس فقط لأن هذه الدولة فشلت مع عبدالناصر والسادات ومبارك وأسفرت عن كوارث خطيرة، ولكن لأن المصريين بعد ثورة يناير، ليسوا هم المصريون الذين تعايشوا مع النظم الشمولية السابقة، ورضوا بها جهلا أو خوفا، هناك جيل جديد من الشباب فى مصر لن يرضخ لنظم من هذا النوع، تحت أية ضغوط أو وعود أو إغراءات.

 

محمد عصمت كاتب صحفي