زيارة باهتة - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 3:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

زيارة باهتة

نشر فى : الأربعاء 16 يونيو 2010 - 9:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 يونيو 2010 - 9:45 ص

 لا يستطيع أحد أن يفسر بوضوح لماذا قررت الحكومات العربية ومصر تحديدا ــ الآن فقط وبعد أربع سنوات ــ المطالبة برفع الحصار الإسرائيلى عن غزة؟ هل لأن أوروبا وأمريكا اكتشفت فجأة أن الحصار على غزة لحساب إسرائيل قد فشل ولم يؤد إلى النتائج المرجوة.

وهى اسقاط حماس وتحريض شعب غزة ضدها، لكى تعود السلطة الفلسطينية برياسة أبومازن إليها، وتلتئم خيوط التفاهم مع إسرائيل؟ أم لأن قصف إسرائيل لقافلة الحرية التى رعتها تركيا لكسر الحصار الإسرائيلى قد ايقظ ضمائر العرب وحرك مواتهم وأثار قلق حكوماتهم من تمدد النفوذ التركى، وهم يرتعدون فرقا من النفوذ الإيرانى المدعم بالتكنولوجيا النووية؟ أم لتوارى الشعوب العربية وجهها خجلا أمام قوافل المساعدات الإنسانية والمتطوعين الأجانب من جميع أنحاء العالم، تحمل الغذاء والدواء لمليون ونصف المليون فلسطينى تحاصرهم إسرائيل وتشاركها دول عربية دون أن يصدر عنها احتجاج أو مطالبة بفتح المعابر؟!

وسط هذه التساؤلات التى سيجيب عنها التاريخ يوما ما، تأتى زيارة عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية هذا الأسبوع لأول مرة منذ أربع سنوات، للمطالبة بكسر الحصار بناء على قرار أصدرته الحكومات العربية وسمحت للأمين العام بالذهاب إلى غزة.

وبدا وكأن الأمين العام لم يكن حرا تماما فى قراره، بل وضعت له قيود وترتيبات مسبقة، كفيلة بأن تحرم هنية باعتباره رئيس حكومة حماس المقالة، من أن يتصدر مراسم الاستقبال. ويحقق بذلك مكاسب سياسية تقلل من شرعية الاعتراف بالسلطة الفلسطينية فى رام الله. واكتفى عمرو موسى بتفقد مواقع التدمير التى تأثرت بالغزو الإسرائيلى.

وأعاد تجديد الوعود بالمساعدة واعادة الاعمار التى كانت الدول العربية قد تعهدت بها قبل أربع سنوات، ولا يعرف أحد لماذا تأخر تنفيذها حتى الآن. وأعاد تكرار الحديث عن المصالحة بين الفصائل باعتبارها السبيل الوحيد لرفع الحصار. وهو نفس الكلام الذى تردده أمريكا وإسرائيل والرباعية الدولية. وبعبارة أخرى.. جاءت زيارة موسى باهتة مثل الزيارات التى يقوم بها المبعوثون الأوروبيون لمعسكرات اللاجئين ولولا العدوان الإسرائيلى على قافلة الإغاثة التركية لما تمت هذه الزيارة أصلا. لأن العرب لم يأخذوا إذنا بذلك.

ومن هنا أصبح الحديث الرائج الآن، رغم كل المظاهرات والتصريحات والمقالات التى طالبت برفع الحصار، هو تخفيف الحصار وليس رفعه كاملا. والبحث عن وسائل أخرى لايصال المساعدات الغذائية والإنسانية عن طريق البحر تحت إشراف أوروبى يتولى تفتيش السفن ومنع تهريب السلاح، ويشرف أيضا على معبر رفح الذى يعتبر خاضعا للسيادة المصرية.

ومن الواضح أن الاتصالات التى تجريها مصر مع أمريكا وإسرائيل، تستهدف ألا يؤدى رفع الحصار إلى تهديد أمن مصر. ولذلك سوف تظل مسألة المصالحة بين فتح وحماس هى حجر الزاوية فى الموقف المصرى. وبدونها سوف يعود كل شىء إلى ما كان عليه. ولذلك روجت إسرائيل أن مصر وأبومازن يتفقان مع أمريكا وإسرائيل على تخفيف الحصار وليس إزالته.

لقد هدأت الضجة التى أثارها غضب العالم. وكما هى العادة استغلتها إسرائيل فى توظيفها لشد الاهتمام الأمريكى والأوروبى إلى توقيع العقوبات على إيران. وبعد أن ارتفعت الأصوات تنادى بالتحقيق الدولى، هدأت أعصاب العالم فى ظل صمت عربى قاتل. وسوف ينتهى الأمر بقبول عنصر دولى فى لجنة تحقيق إسرائيلية.

ولكى يدفن الموضوع نهائيا بدأت حملة منسقة تشارك فيها صحف عربية تدق أجراس الحرب على إيران. وتتهم السعودية بأنها سوف تسمح لطائرات إسرائيل العسكرية بعبور أراضيها لتوجيه ضربة عسكرية لإيران!!
وهكذا تمخض جبل الغضب على قصف قافلة الحرية.. فولد فأرا!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات