سنوات الأزمة والخطر! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سنوات الأزمة والخطر!

نشر فى : الجمعة 17 يونيو 2022 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 17 يونيو 2022 - 8:00 م

التصريحات التى أطلقها إعلاميون قريبون من الدولة خلال الفترة الأخيرة، بشأن المخاطر التى تنتظر مصر، جراء ارتفاع فاتورة الديون وأسعار الوقود والسلع الاستراتيجية، ومدى قدرة اقتصادها على الصمود فى وجه هذه التحديات، تؤشر إلى أننا أصبحنا أمام «لحظة الحقيقة الصادمة»، التى طالما استبعد البعض الوصول إليها.
لم يكن هؤلاء الإعلاميون وحدهم من استشعر خطورة الأزمة الراهنة التى تمر بها مصر، بل أيضا كبار المسئولين فى الدولة وفى مقدمتهم الرئيس السيسى، الذى قال خلال افتتاح مشروع مجمع الإنتاج الحيوانى والألبان بمدينة السادات الأسبوع الماضى، إن «الاجراءات التى اتخذتها الدولة لضبط الأسعار وتخفيف الأعباء عن المواطنين محدودى الدخل، هى أقصى ما يمكن عمله فى ظل الظروف الراهنة وارتفاع أسعار الطاقة عالميا».
كذلك قال رئيس الحكومة مصطفى مدبولى، يوم الأربعاء الماضى إن «الدولة تتحمل العبء الأكبر بشأن الزيادات التى تشهدها أسعار مختلف أنواع السلع فى حدود إمكاناتها»، مطالبا المواطنين بـ«ترشيد الاستهلاك قدر الإمكان، تخفيفا للعبء الدولارى الذى تتحمله الدولة».
الحقيقة أن الوضع الاقتصادى الذى تمر به مصر صعب للغاية، خصوصا فى ملف الديون وارتفاع التضخم، حيث قامت الدولة بتسديد نحو 24 مليار دولار منذ بداية العام الجارى، منها 10 مليارات دولار ديونا خارجية، و14 مليار دولار للصناديق الأجنبية، وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى، كما أن معدل التضخم واصل ارتفاعه للشهر السادس على التوالى، ليسجل 15.3% خلال شهر مايو الماضى، وسجل معدل التضخم السنوى أعلى معدل له منذ مارس عند مستوى 13.5%.
هذا الوضع الصعب ليس قاصرا على مصر وحدها، فالأزمة الاقتصادية الحالية تعصف بالكثير من دول العالم، جراء تداعيات جائحة كورونا التى استمرت لمدة عامين، وأثرت بشكل كبير على سلاسل الإمداد وعمليات التصنيع وحركة الاستثمار وتدفق السياحة، ثم تلتها أزمة الغزو الروسى لأوكرانيا، التى أدت إلى ارتفاع أسعار الوقود والسلع الاستراتيجية، كالحبوب والغلال والسلع الوسيطة التى تستخدم فى الصناعة.
أمام وضع اقتصادى معقد ومربك وخطر على «الاستقرار والرضا المجتمعى»، والذى سبق وأن حذر منه كثيرون من دون أن يكترث أحد لكلامهم، يصبح من الضرورى العمل على إيجاد حلول حقيقية للنجاة من هذا المأزق، وحماية الدولة من الانزلاق إلى مستنقع الفوضى وعدم الاستقرار، لكن كيف؟
هل يتم ذلك عن طريق قيام دول الخليج بـ«حقن العملات الصعبة فى جسد الاقتصاد المصرى» حتى لا يحدث كابوس النزوح للمصريين فى الاتجاهات الأربعة، كما طالب بذلك أحد الإعلاميين المصريين البارزين؟ أم عن طريق دعوة المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء؟
بالفعل وقوف دول الخليج بجانب مصر فى هذه الظروف الصعبة ضرورة ملحة ترتقى إلى حد «فرض العين» وليس «فرض الكفاية»، حتى لا يحدث فيها قلاقل وعدم استقرار، يؤثر على المنطقة بكاملها، وما تطلبه مصر من أشقائها ليس مساعدات ومنحا لا ترد، ولكن استثمارات حقيقية فى جميع المجالات، تحقق لهم فوائد اقتصادية هائلة، وتعطى دفعة قوية للاقتصاد المصرى وتوفر فرص عمل للمواطنين.
أما الجزء الأكبر والأهم من خطة مواجهة تحديات سنوات الأزمة والخطر، فيقع بالقطع على عاتق الحكومة المصرية وحدها، إذ إنها مطالبة بـ«تعديل المسار» الذى أدى بنا إلى هذا الوضع الاقتصادى المعقد والمربك والمقلق على حاضر البلاد ومستقبلها، فليس من المقبول ونحن فى هذه الأزمة، مواصلة التوجه نحو إقامة مشاريع يمكن تأجيلها إلى أن يتحسن الوضع، وهناك نماذج كثيرة لهذا الأمر، مثل حديث وزير النقل كامل الوزير، عن تنفيذ وإنشاء 10 كبارى علوية على امتداد طريق القاهرة / الإسكندرية الزراعى بتكلفة 2 مليار جنيه تقريبا، أو الإعلان عن طرح إنشاء وإدارة وتشغيل مدينة ترفيهية متكاملة فى العاصمة الإدارية!!
الحكومة وهى تطالب مواطنيها بترشيد الاستهلاك، عليها أن تبدأ بنفسها، وتكبح جماح شهيتها المفتوحة للاستدانة من الخارج، حتى ارتفعت ديونها الخارجية إلى نحو 145.5 مليار دولار نهاية ديسمبر الماضى، وفقا لبيانات البنك المركزى.
يجب على الحكومة أيضا تطبيق قواعد الحكم الرشيد، التى حددها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فى عناصر عدة منها الشفافية والمسئولية والمساءلة والمشاركة والاستجابة لاحتياجات الناس، وقتها فقط يصبح هناك أمل فى اجتياز تحديات سنوات الأزمة والخطر التى تعيشها مصر.

التعليقات