الانفلات الصحفى - محمد موسى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانفلات الصحفى

نشر فى : الأربعاء 18 مايو 2011 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 مايو 2011 - 8:56 ص
لم يشهد الإعلام المصرى فى تاريخه سقوطا مهنيا مثل الآن، حيث تعمل ماكينة الصحف ضد مصلحة الوطن بصورة غير مسبوقة.
الصحف لا تدقق معلومة.

«رغدة: أقباط اختطفونى ووشموا الصليب على يدى، إلخ» مانشيت على 8 أعمدة أمس، يحرض على الفتنة من رواية بنت اختفت 3 أيام ثم عادت إلى الصحيفة الحزبية، وليس إلى قسم الشرطة، لتحكى عن وقائع خيالية، بلا اغتصاب هذه المرة، وتختتم كلمتها التاريخية بنقل خاطئ لكلمة السيد المسيح «من ضربك على خدك فاعرض له الآخر».
الصحف تشعل الفتنة.

«مسيحية تتخلص من زوجها بمساعدة عشيقها»، عنوان صفحة أولى بالأمس لصحيفة حزبية أخرى، فهل ارتكبت جريمتها لأنها مسيحية، وهل تكتب الأحرار «مسلمة قتلت زوجها فى السويس»، عندما تقع الجريمة فى الجانب الآخر؟.

الصحف لا تعرف التوازن.
تعالج صحيفة يومية إضراب الأطباء، المشروع رغم توقيته الصعب، بحوار مع وزير الصحة الذى يطالب الأطباء بإقالته، دون أن تترك مساحة صغيرة بجوار الحوار التاريخى، للأطباء المضربين أو من يمثلهم.
الصحف تروج للإثارة.

عند تناول الأفكار المتطرفة لشيوخ السلفيين بمجرد عرضها، كما حاولت مجلة قومية هذا الأسبوع، يصبح للنشر جانبه الترويجى أيضا. «لا محبة أو صداقة مع النصارى، احذر من المد القبطى، يا أيها المسيحى المسخ، النصارى ضالون».

علوم الصحافة تقتضى تصحيحا دينيا وسياسيا لهذه الأمراض النفسية التى تتمسح بالدين. أما المسئولية الوطنية فتستدعى وضع هؤلاء المتشددين فى زمرة أعداء الوطن، الساعين لخرابه المستعجل، بزعم الانتصار للإسلام.
الصحف لا تفرز الغث من السمين.

عندما يتحدث مرشد الإخوان محمد بديع، للمرة الأولى، عما يسميه «سيف الإخوان»، تمر الصحف على تصريحه الخطير، وتتوقف كثيرا عند فريق الإخوان لكرة القدم، و«الشروط الشرعية للعب».

عبارة المرشد مرعبة، فما هو سيف الإخوان، ومتى سيخرج، وهل «الكفار فسطاطان، أحدهما مسالم والآخر معاد»، وإذا كان السيف «سيشهر فى وجه أعداء الأمة» بتعبيره، فمن هم الأعداء، وهل يحددهم بديع وحده أم بالتشاور مع سكان مصر؟.
الصحف لا تتعب نفسها لاستكمال الصورة.

مبارك الذى «يطلب العفو»، عجوزا بائسا، سيقبل هو وزوجته، «أى معاش تقرره الدولة». صياغة تجعل من الطاغية الذى خرب مصر يصعب على الكافر. واستكمال الصورة يعنى سؤال أولى الأمر، وهم حكومة ومجلس عسكرى وشارع سياسى متلاطم الأمواج، مركزه مازال فى ميدان التحرير.

الصحافة ليست فيسبوك، والانفلات الذى تنعم به المهنة منذ الثورة يهدد بمزيد من «الانفلاتات»، بتحريض ورعاية ومتابعة من صاحبة الجلالة التى نسيت المسئولية تحت إغراء البيع والسبق، حتى لو كان على طريقة رغدة.
محمد موسى  صحفي مصري