أشك - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أشك

نشر فى : الخميس 18 أغسطس 2011 - 8:55 ص | آخر تحديث : الخميس 18 أغسطس 2011 - 8:55 ص

 هل يستحق الاحترام من يدعو إلى حق كل إنسان فى أن يختار وجهة وتفاصيل حياته الشخصية والمهنية بحرية طالما تقف ممارسة حريته دون الإضرار بحرية الآخرين أو بصالح المجتمع العام ثم يغير من قناعاته هذه ما إن يتعرض لضغوط الأهل والمجتمع بشأن قرارات شخصية يؤمن هو بصوابها؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار ويطالب به لمجتمعه ومواطنيه ثم يجبن عن ممارسة حقه فى الاختيار فى حياته الشخصية لحسابات دور عام أو دور سياسى فى مجتمع يزعم البعض أن أغلبيته لا تقبل أن يقترب ناشط سياسى من سيدة من الوسط الفنى والإعلامى كل ذنبها هو أنها تعمل فى وسط تحيط به الأضواء الجاذبة للشائعات؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار ويؤمن أن الأدب والفن والموسيقى هى أصدق مجالات الإبداع الإنسانى تعبيرا عن هذا الحق وأكثرها احتفاء به ثم يتنصل من مشاعر حب صادقة لأديبة أو فنانة أو موسيقية تخوفا من نظرة دونية ظالمة من بعض الأهل أو من البعض فى المجتمع؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار ثم لا يقوى على تحمل تبعات ممارسة هذا الحق من قبل من اختارها قلبه ويعلم مدى روعة إنسانيتها وجمال روحها لمجرد أن مجال عملها لا يروق للبعض بين الأهل أو فى المجتمع؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار ثم يتهرب من مشاعر صادقة وشريفة أو يوقفها أو يصنع سياجا من السرية حولها يفقدها بعض أجمل ما بها، الوجود فى النور؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار ثم يعجز عن أن يخبر الرأى العام الذى حول عملا إجراميا تعرض له مع من يحب إلى قضية «صفحة أولى» بأنه راغب فى مواصلة رحلة الاقتراب من سيدة قلبه فى النور دون خوف ودون سرية وأن يطلب أن تحترم حياتهما الخاصة؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار ولا يقوى على مواجهة ضغوط الأهل والمجتمع التى تارة ما تطالبه بتكذيب مشاعره لسيدة قلبه بسبب عملها وهو يراه محترما ورائعا، وتارة بسبب الأصول اليهودية لفرع فى عائلتها شديدة المصرية وهو دوما ما رفض التمييز إن على أساس الانتماء الدينى أو أى انتماء آخر، وتارة ثالثة تفرض عليه التنصل من مشاعره بتصريحات زائفة تجريها على لسانه وتتناقلها وسائل الإعلام على نحو يهين من يحب؟ أشك.

هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق فى الاختيار وينقلب على كل معانيه السابقة ثم يخرج على الناس ليدعوهم إلى الحرية والديمقراطية بكلام أجوف لا صدق به؟ أشك.

لست بخائف على دور عام أو سياسى يأتى على أنقاض اتساقى مع ذاتى ومع مشاعرى. لست بنادم على ضياع محتمل للدور هذا طالما أن مقابل إبعاد شبح الضياع هو خداع إنسانيتى والتنصل من مشاعر حب لإنسانة رائعة الاحترام والجمال، مشاعر حب تحتاج للنور وللعلنية وللوجود بين الناس وفى المجتمع. عازف أنا عن دور قد يذهب باحترامى لمن أحب ولذاتى ويتركنا دون بريق فى العين أو أمل فى القلب. لست بمستعد لأن أساوم على إيمانى بالحق فى الاختيار وبجوهره الإنسانى المقدس فى جميع الشرائع السماوية أو أن أفقد المعانى الكبرى للحياة وللوجود لقلق على مكاسب سياسية أو لخوف من قومى، قريبين وبعيدين. لن أضحى بمشاعر صادقة تريد النور والعلنية ولا تفعل ما يغضب الله، وكل ما أؤمل به هو أن يعترف قومى بحقى فى الاختيار ويدركوا أن حبى واحترامى لسيدة قلبى هو قناة تنفس وإكسير حياة شأنه فى ذلك شأن حبى لولدى ولأمى وللوطن.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات