طى صفحة ريجينى - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طى صفحة ريجينى

نشر فى : الإثنين 18 سبتمبر 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 18 سبتمبر 2017 - 9:50 م
مع قدوم السفير الإيطالى الجديد لدى مصر، جيامباولو كانتينى إلى القاهرة، ووصول السفير هشام بدر إلى روما، تكون العلاقات المصرية الإيطالية قد شهدت قفزة هائلة، عقب التوترات التى اعترتها فى اعقاب اختفاء الباحث الإيطالى جوليو ريجينى فى يناير 2016، والعثور عليه مقتولا فى فبراير من العام ذاته على طريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى.
أكثر من عام ونصف العام من الشد والجذب، والتهديد الخطر لتاريخ طويل من العلاقات بين القاهرة وروما، فجرها مقتل ريجينى، قبل أن تؤكد حركة الأحداث أن المصالح دائما ما تتصالح، خاصة إذا عرفنا أن إيطاليا تمثل خامس أكبر مستثمر أجنبى فى مصر، وطبعا حقل الغاز الأضخم «ظهر» الذى تتولاه شركة إينى فى مقدمة تلك الاستثمارات.
اعتقد البعض لفترة أن قضية ريجينى ستظل شوكة فى حلق العلاقات بين القاهرة وروما، خاصة بعد الارتباك الذى ظهر على طريقة التعامل مع الأزمة فى بدايتها، وبما فتح الباب أمام التصعيد الإيطالى وخاصة على المستويين البرلمانى والشعبى ضد مصر، غير أنه ورغم صعوبة القضية، حسمت المصالح السياسية والاقتصادية وقبلهما الأمنية، انحيازات الايطاليين لعلاقاتهم مع مصر، فما يجرى فى الاقليم من أحداث وأهمها التهديدات الإرهابية فرضت حضورها الطاغى على عملية اتخاذ القرارات المصيرية.
لقد غاب عن البعض، أن مصر واحدة من أهم الشركاء الاستراتيجيين لإيطاليا فى الشرق الأوسط وإفريقيا باعتبارها من أكثر الدول جذبا للاستثمار فى منطقة الأورومتوسطى، وفى المقابل تعد إيطاليا سوقا سياحية مهمة بالنسبة إلى مصر، حسب تصريحات السفير هشام بدر الذى لفت النظر إلى «الإمكانات الهائلة لنمو هذا القطاع (السياحى) بين البلدين، خصوصا أن إيطاليا تمثل الشريك الثانى لمصر».
هذا لا يمنع أن السفير هشام بدر، الذى عمل مساعدا لوزير الخارجية للعلاقات متعددة الاطراف، ينتظره جهد كبير لإزالة باقى الجوانب العالقة، والغيوم التى تجمعت فى السماء، وخاصة قضية ريجينى التى تقدم درسا على أن علاقات الدول يمكن أن تتأزم وتدخل فى التيه، وأن تلك العلاقات لا تعرف نظرية الشيك على بياض، بل هناك رصيد يمكن أن ينفد إذا لم نحسن السحب منه.
نعم تمنى البعض أن تتحول قضية ريجينى إلى مسمار فى نعش علاقات القاهرة وروما، ونفخ فيها البعض الآخر بما يعيق عودة السياحة الايطالية إلى مصر، لكن علاقات الدول فى النهاية لا تقف عند التوتر الذى قد تفجره هذه القضية أو تلك، فحساب المكسب والخسارة أكد على ما يبدو لروما أن غيابها عن الساحة المصرية سيكون بالخصم من رصيدها الدولى فى منطقة حوض المتوسط، وبما يضر بمصالح ايطاليا الاستراتيجية، وأعتقد أن الايطاليين من الذكاء بما جعلهم، لا نقول يغضون الطرف عن قضية ريجينى، ولكن تجاوز أزمة مقتله.
ما بين إيطاليا ومصر الكثير من النقاط المشتركة التى يصعب تجاهلها تحت ضغط العوارض السياسية حتى لو كانت بحجم ما فجرته قضية ريجينى من خلاف، فما يحدث فى ليبيا على سبيل المثال ليس بعيدا عن مصالح الدولتين، ومكافحة الإرهاب المستشرى، وعمليات الهجرة غير الشرعية، كلها قضايا تستلزم تعاونا لا يقل أهمية عن الروابط الاستثمارية والتجارية التى تحتاجها ايطاليا بحجم احتياج مصر إليها.
وفى المحصلة فإن قضية ريجينى كانت اختبارا قاسيا للعلاقة بين مصر وايطاليا، لكن يبدو أن الخارجية المصرية تمكنت من تخطيه، وبات على سفارتنا فى روما، البناء على ما تم فى الفترة الأخيرة للاسراع باعادة الثقة التى اهتزت مع الايطاليين، وطى صفحة مقتل الباحث الايطالى، وأن ندرك مرة أخرى أن مصالحنا المتشابكة مع العالم تجعلنا لا نتهاون فى التعامل السريع والعاجل مع الأزمات، وخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان، قبل أن تستفحل، ويصبح ثمن حلها باهظا، وقد يصعب تحمله.

 

التعليقات