وزراء البذاءة فى يوم الحرائق اللبنانية - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزراء البذاءة فى يوم الحرائق اللبنانية

نشر فى : الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 10:45 م | آخر تحديث : الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 10:45 م

نشر موقع درج مقالا للكاتب حازم الأمين نعرض منه ما يلى:

يشعر المرء أن ما يحصل فى لبنان، فى ظل تدفق العونيين على مشهده، ليس من علامات الانهيار الوشيك، بل من علامات نهاية وشيكة. نهاية لبنان ونهاية دولته وجماعاته والحد الأدنى مما يجمع ناسه. حسبة صغيرة لتصريحات رجالات «العهد القوى» فى الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، وسيخرج المرء وعلى وجهه علامات الذهول وتعطل العقل. بدأ بوزير عونى (فادى جريصاتى) يُقرع اللبنانيين الذين لا يفرزون نفاياتهم فى بيوتهم. يقول لهم: «ما بدى اسمع صوتكم». علما أن فرز النفايات فى المنازل لا قيمة له طالما أنه يذهب إلى المطامر كما لو أنه لم يفرز. ثم ينطلق نهارنا مترافقا مع حرائق تلتهم ما تبقى من أحراجٍ فى ظل عجز «العهد القوى» عن إطفائها، فيأتينا النائب العونى ماريو عون بتساؤله المزلزل. لماذا لا تلتهم النيران سوى أحراج المسيحيين؟ اللبنانيون أمضوا بقية نهارهم منشغلين بسؤال هذا النائب وحائرين بما عناه عندما طرحه! من يتهم؟ هل يعنى أن المسلمين يحرقون أحراج المسيحيين؟ ربما!
لكن العونيين نجحوا فى وضع حدٍ لتساؤلاتنا حول تصريح نائبهم الفذ. فما إن حل المساء حتى ظهر وزير المهجرين العونى أيضا (غسان عطاالله) فى حلقة تليفزيونية وتلفظ بعباراته الكريهة أثناء حواره مع النائبة بولا يعقوبيان. فهو كان حيال نائبة امرأة، وما أسهل أن يسكتها طالما أنها امرأة. استحضر «شرفها»! هكذا أمام كل اللبنانيين ومن بينهم زوجته وزوجة رئيسه وبناته. على هذا النحو تُناقش المرأة، وعلى هذا النحو يتم إسكاتها. يعقوبيان لم تسكت طبعا، لكن فعلة الوزير توجت يوما لبنانيا عونيا، وشكلت ذروة فى تصاعد الخطاب. وكان أن توجهنا إلى أسرتنا فى نهاية هذا اليوم وقد نسينا أن انهيارا كبيرا ينتظرنا فى ظل عيشنا فى دولة لبنان القوى والعهد القوى، والرئيس القوى، الرئيس الذى أهينت بناته الثلاث كما أهينت كل لبنانية على لسان هذا لوزير الذى لم يكف عن كونه وزيرا حتى كتابة هذه السطور.

والحال أن يوم الثلاثاء كان يوما عونيا، لكنه بدوره تتويج لمسار يتسارع فى الأيام الأخيرة بحيث شهدنا، نحن اللبنانيين الذين نعيش على أبواب انهيار اقتصادى ومالى وشيك، وفى ظل عقوبات دولية شرعت تطرق أبواب عملتنا ومصارفنا ومدخراتنا، أن رئيس التيار الوطنى الحر وزير الخارجية وصهر رئيس الجمهورية، جبران باسيل قد حمل ملفات أزمتنا وتوجه بها إلى اجتماع معلن مع أمين عام حزب الله حسن نصرالله. دام الاجتماع نحو سبع ساعات وتطرق البحث إلى أوضاع الموازنة والفساد والحروب فى المنطقة. باسيل، ومن ورائه «التيار الوطنى الحر»، ارتأى أن البحث فى أوضاعنا المالية يجب أن يتم فى اجتماع معلن مع نصرالله، أى مع الجهة التى نُستهدف بالعقوبات بسبب وجودها بين ظهرانينا! وها نحن نعلن للعالم أين نحن من العقوبات، وكيف نتباحث فى تجنب تبعاتها.
لكن يجب أن نكف عن هذا الخطاب الساركازمى التافه وأن نعيد ما حصل إلى سياقه. لقاء نصرالله جاء فى سياق آخر، على رغم أن البيان الصادر عن اللقاء أشار إلى أن البحث شمل قضايا لها علاقة بالموازنة والفساد والوضع الاقتصادى. اللقاء عُقد فى سياق التحضير لوراثة التيار، وجبران أخذ معه أوراق اعتماده كرئيس عتيد للجمهورية خلفا لعمه. تبعات اللقاء ليست مهمة طالما أن جبران يريد أن يكون رئيسا. تبعات اللقاء ليست سوى رسالة للعالم قال فيها لبنان إنه فى عهدة «حزب الله»، وإن التمييز فى العقوبات بين الحكومة وبين الحزب أمر لا قيمة له، فها هى دولتنا تحمل موازنتها واقتصادها وماليتها وتضعها كلها فى عهدة الأمين العام للحزب. لقد سبق أن فعلها التيار ونجح. سبق أن وضع نفسه والمسيحيين فى عهدة الأمين العام، فسقط لبنان وكانت له الرئاسة. جبران اليوم يكرر ذلك. اصطحب معه إلى الاجتماع اقتصاد لبنان وماليته، وهو فعل ذلك فى لحظة كنا فيها تحت مجهر أنظمة العقوبات الدولية. كل هذا ليس مهما، طالما أن السياسى الشاب يريد وراثة الكرسى. والأرجح أنها ستكون له، ذاك أنه يدرك أن حاجة الحزب اليوم هى الاقتصاد، وأن منظومة العقوبات الدولية فى لبنان وسوريا والعراق وإيران تقتضى تضامنا معلنا وغير مُوارٍ.
جبران رئيسا وهؤلاء وزراؤه. هم أنفسهم الذين يشعرون بأن المسلمين يحرقون أحراجهم، وأن بولا يعقوبيان امرأة من السهل إسكاتها عبر التلويح بـ«شرفها». لبنان سيحلق عاليا. اقتصاده فى عهدة «حزب الله»، وقيمه وأخلاقه فى عهدة العونيين، ووزراؤه يفتتحون نهارنا بفضيحة عابرة من نوع تلك التى أطلقها نائب الشوف عن حرائق بلاد المسيحيين، ويختتمونه بسقطة أخلاقية ستكف عن كونها سقطة، طالما أنها ستصبح جزءا من خطاب الدولة وخطاب الأمة وخطاب الرئيس. أما «حزب الله»، فـ«سيضحك فى عبه»، فهو غير معنى بسقطة «حليفه» لكنه تقاضى أثمانها، وسيتوزع نوابه على كتل البرلمان، ويُشعرون زملاءهم بأنهم مذهولون مثلهم من بذاءة الحلفاء، لكن ليس فى اليد حيلة. وفى هذا الوقت، تُسعر الدولة القوية الدولار بـ1500 ليرة ويشتريه اللبنانيون من الأسواق بـ1700 ليرة لبنانية.

النص الأصلى:من هنا

التعليقات