السائرون نياما - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 11:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السائرون نياما

نشر فى : الأحد 19 يناير 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الأحد 19 يناير 2014 - 8:20 ص

السائرون نياما، عنوان أشهر أعمال القاص الكبير سعد مكاوى والذى يتناول فيه أحداث الأعوام الثلاثين الأخيرة من حكم المماليك، ويعد هذا العمل، من الأعمال الرائدة فى توظيف التراث للإسقاط على الواقع، وذات العنوان «السائرون نياما» استخدمته مؤسسة جالوب الأمريكية، مؤخرا، فى وصف أكثر من نصف العاملين فى مصر، تعبيرا عن عدم مشاركتهم فى العمل لا بالسلب ولا بالإيجاب وهو توصيف بالغ الدلالة عن حقيقة الإنتاج فى المؤسسات المصرية، والتقرير الذى أعدته جالوب (مؤسسة بحثية شهيرة وموثوق بنتائج أبحاثها) صادم فى جميع أدلته ودلالاته، وربما كان توصيف «السائرون نياما» هو الأخف فى التقرير، فهو يعبر عن ٥٥٪ من العاملين فى مصر، واستخدمت الوكالة الشهيرة هذا التعبير على اعتبار أن هؤلاء لا يفيدون مؤسساتهم لكنهم أيضا لا يضرونها، فى مقابل ٣٢٪ يضرون مؤسساتهم بالفعل ويعطلونها عن العمل ويعوقون نموها وتطورها، أى ما يقرب من ثلث عدد العاملين ضار بالعمل، خصوصا إذا ما قارناه بالذين يساعدون على نمو مؤسساتهم والذين لم تتجاوز نسبتهم ١٣ ٪ فقط من إجمالى عدد العاملين.

هذه الأرقام تكشف ما ندور ونلف حوله منذ سنوات طويلة حول إنتاجية العامل المصرى أو عمل الموظفين، وأذكر جيدا ان أحد الأجهزة الإحصائية فى مصر كان قد أعلن عن أن متوسط عدد ساعات العمل للمواطن المصرى لا تتجاوز ٢٧ دقيقة فى اليوم، وللأسف هناك من يقول الآن إنها تقلصت إلى ١٣ دقيقة فقط، ثم ها هى جالوب تخبرنا، أنهم لا يعملون أصلا، بل وثلثهم يعطل الذين يرغبون فى العمل والإنتاج، وكل ذلك حقيقة من الحقائق التى نهرب منها دوما ونخشى من مواجهتها، والآن بعد رفع الحد الأدنى للأجور نكون أمام أزمة أخلاقية قبل ان تكون أزمة اقتصادية، فهل تضاعف الدولة الأجور لموظفين لا يعملون، هل تهدر الدولة مواردها هكذا دون ضابط أو رابط، هل تساهم الدولة صراحة فى إفشال موظفيها، لماذا لا ترغب الدولة أصلا فى ضبط العمل حتى تتمكن من رفع مستويات الأجور إلى معدلات مقبولة تمكن هؤلاء الموظفين من العيش بكرامة بدلا من المعادلة الجارية الآن، حيث لا يعمل الموظف ولا تستفيد الدولة من جهوده وفى نفس الوقت تستمر معاناة هذا الموظف ويزداد فقرا يوما بعد آخر.

للأسف إن جالوب لم تكن تتحدث فقط عن الوظائف والأعمال الحكومية، لكنها تشير ايضا إلى القطاع الخاص، أى أنها تتحدث عن قيمة العمل فى مصر، وأقل ما نستطيع أن نستخلصه من هذا التقرير أن قيمة عملنا مخزية وتجلب العار لأى شعب، فالشعوب التى لا تعمل لا يمكن لها أبدا أن تتطور أو أن تجد لها مكانا لائقا بين الأمم، أما المؤلم فى الأمر، أن الثورة لم تدفع هذا الشعب للإمام، ولم تحفزه على استكمال ثورته بما يجب من تغيير القيم أو خلق قيم أو أخلاق جديدة تتماشى مع التغيير الذى أحدثته الثورة. هذا الوضع لا يمكن قبوله أو الموافقة عليه، ولابد من تغييره، ويجب أن تعمل الدولة على ذلك، وتتيح كافة فرص تمكين العاملين من تقديم خبراتهم ومهاراتهم، فى ظل سياسة كاملة من الانضباط والثواب والعقاب وقبلها الأجر العادل، لأن استمرار ما يحدث، لا يعنى سوى السير فى اتجاه الهاوية بخطوات واثقة وكأننا جميعا نسير نياما.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات