الهجرة.. جهاد سلمى - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الهجرة.. جهاد سلمى

نشر فى : الخميس 20 سبتمبر 2018 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 20 سبتمبر 2018 - 10:15 م

الهجرة فى عقيدة المسلم ليست مجرد تغيير المكان، ولا تختزل فى البحث عن السلامة والاستقرار. ولكن الهجرة خطوة للأمام تحقق أهدافا كثيرة. وإذا أردت التعرف على الأهداف التى تحققها الهجرة – أى هجرة مدروسة – فدقق النظر فيما قاله رسولنا صلى الله عليه وسلم للأصحاب حينما زاد ضغط المشركين عليهم، فقال للمستضعفين: «اخرجوا إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملك لا يظلم أحد عنده».
ــ1ــ
فماذا تفهم من هذا القول النبوى الشريف؟ أول ما تفهمه أن الهجرة ليست حلا للمشكلة، ولكنها مجرد إدارة سريعة للأزمة. فالمسلمون سيخرجون إلى بلد بعيد عنهم، بعدًا عن الظلم فحسب. فمجرد البعد عن الظلم كفيل بمساحة واسعة من الحرية. وهكذا خرج المهاجرون الأول إلى الحبشة ليس أملا فى الكسب وزيادة الدخل، ولا أملا فى نشر دينهم فى الهجرة، وكان هدفهم الواضح الابتعاد عن الظلم.
ــ2ــ
هذا هو سلوك المستضعفين الذين لا يقدرون على كف الظلم عن أنفسهم، وهو «سلوك سلبى» لكنه يتحمل صوت ناقوس ينذر الظالمين بقرب انصراف الناس وتفريغ المجتمع من القوى العاملة، وقرب عجز الظالمين عن إعمار بلادهم، وكلما هاجر فريق كلما ارتفعت تكلفة الأيدى العاملة وكلما تهدد اقتصادهم.
ــ3ــ
والهجرة رغم أنها «سلوك سلبى» إلا أنه تهديد مباشر لهؤلاء الظالمين حيث إنهم تسببوا فى قطع الأرحام، وهم يعلمون بفطرتهم أن أرحامهم ستقطع كما قطعوا أرحام المستضعفين، وتجد ذلك واضحا فى هجرة «أم حبيبة» بنت أبى سفيان!!! بنت زعيم الشرك تولى وجهها بعيدا عن أهلها.
ــ4ــ
والهجرة وهى سلوك سلبى تجاه الظالم، إلا أنها سلوك إيجابى تجاه الذات، فمجرد الابتعاد عن الظلم يعتبر نصرا لأنك صرفت الظالم عن ممارسة ظلمه عليك، وإذا أردت التأكد من ذلك تجده فى تصرفات قريش تجاه المهاجرين، فرغم أن المهاجرين تركوا البلاد للظالمين، إلا أن الظالمين جمعوا أموالا طائلة لشراء هدايا كرشوة لملك لحبشة لإرجاع المهاجرين!!!
لماذا وقد ابتعدوا عن مكة؟ لقد شعر الظالمون بانتصار المستضعفين فأرادوا قهرهم. وأرسلوا مع الهدايا وفدا عالى المستوى قادرا على الحوار والجدال وكسب المواقف، ويكفيك أن تعلم أن كبير هذا الوفد كان عمرو بن العاص، وقد عرفنا قدراته
وخبراته بعد إسلامه. وكانت المفاجاة أن عمرو بن العاص قرر الذهاب مباشرة من الحبشة إلى المدينة.
ــ5ــ
كانت الهجرة وسوف تبقى علامة بارزة فى علم «إدارة الأزمات»، فها هى الهجرة الأولى إلى الحبشة تفتح الطريق لإسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وغيرهما، ثم كانت الهجرة إلى المدينة هى باب انتشار الإسلام ومخرج الإنسانية كلها إلى النور.
يتبع،،،

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات