وسقطت الأقنعة.. - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وسقطت الأقنعة..

نشر فى : الثلاثاء 21 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 مايو 2013 - 8:00 ص

كم انشغل التونسيون بعد الثورة، بحكايات كانت تروى حول «مملكة الفساد»، وكم استهوتهم أخبار «العائلة الحاكمة» فى حلّها وترحالها من جزر السيشال إلى أمريكا... وكم وقف التونسيون مدهوشين أمام القصور والأثاث والمجوهرات والسيارات وغيرها من مظاهر الترف و «أبّهة الملك». ثمّ سرعان ما شدّت هؤلاء تحليلات خبراء «لجنة تقصى الحقائق» الذين انكبّوا على تفكيك أسس منظومة الفساد وبيان مختلف المؤسسات العاضدة لعمليات السطو على خيرات البلاد.

 

وشيئا فشيئا خفت الفضول ولم يعد فساد «الطرابلسية» محلّ اهتمام التونسيين الذين صاروا أكثر رغبة فى حلّ مشاكلهم اليومية : تفاقم نسبة البطالة وغلاء المعيشة والتهميش والعنف..

 

وما كان يخطر ببال التونسيين أنّ «مسلسل سقوط الأقنعة» سيتواصل مع اعتلاء الترويكا الحكم فإذا بهم يكتشفون على مرّ الشهور فضائح وغرائب وأخبار تفنّد المزاعم وتبدّد الأوهام وتخلخل الصور النمطية التى كانت تروّج قبل الانتخابات من قبيل أنّ أتباع النهضة هم أكثر الناس معرفة بالله، وأنّهم يمقتون الثراء ولا يهمّهم المال وأنّهم سيوفّرون الشغل ويحقّقون رغد العيش، ويقطعون مع رموز النظام السابق... وفى السياق نفسه أدرك التونسيون أنّ رئيسهم المؤقت لا يملك الصلاحيات المتوقّعة ولا يتقن نظم الخطاب السياسى ولا يحسن التواصل مع الناس ولا يستطيع اتّخاذ مواقف حازمة، بل اكتشف خلاّن الوفاء من رابطة حقوق الإنسان أنّ زميلهم ما عاد يشاطرهم نفس التوجّهات وما عاد يؤمن بنفس القيم.

 

ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى رؤساء الحكومة والقياديين وغيرهم من الفاعلين السياسيين: فى الحكم أو فى موقع المعارضة الذين أثبتت الأحداث قلّة خبرتهم وعجزهم عن إدارة المرحلة والوفاء لقيم الثورة فضلا عن الأداء «الهزيل» لنوّاب الشعب فى المجلس التأسيسى.

 

●●●

 

وبعد أن اكتشف التونسيون مختلف التيارات السلفية التى بشّرت بثقافة جديدة فصاروا يميّزون بين السلفية العلمية وأنصار الشريعة وغيرهم...يفاجأ التونسيون اليوم، بحقيقة مفادها أنّ وشائج متينة تربط فئة منهم بتنظيم القاعدة، وأنّ هؤلاء لا يعترفون بدولة رأوا أنّها تمثل الطاغوت فناصبوها العداء وأعلنوا عليها الحرب، وأنّ الجهاد إلى سوريا صار الوجهة المفضلّة للشبّان والشابّات، وأنّ السلاح يرفع فى وجه التونسيين ممن اعتبروا أعداء الله.

 

وحدّث ولا حرج عن انحدار المستوى وتفشّى الجهل نتيجة فشل المنظومة التربوية وعجز المؤسسات التعليمية والثقافية عن ترسيخ ثقافة التفكير بدل التكفير، والنقد بدل النقل، والتحرر بدل العبودية، والبحث والتساؤل بدل التسليم والتقبّل، والإبداع بدل الاقتداء. فلا غرابة والحال هذه أن تصدر فتوى بمنع التونسية من قيادة السيارة من مدينة إلى أخرى دون محرم، وأن يؤسس حزب للمطالبة بالزوجة الثانية، وأن يدعو البعض إلى نكاح الصغيرات وفضائل ختان البنات...

 

●●●

 

لا مراء أنّ الثورة باغتت الجميع وما كان هؤلاء مهيأين لقيادة المرحلة ولذلك تكرّرت الأخطاء واضطربت المواقف وتضاربت التصريحات وكثر الهرج والمرج والتهريج، خاصة قبيل الانتخابات.

 

ولكن ما علّة العجز عن صياغة رؤية متكاملة حول إدارة مسار التحوّل نحو الديمقراطية وبلورة استراتيجيات كفيلة ببناء خطط عملية لإنقاذ البلاد؟

 

لا يمكن التعلّل بانعدام الخبرة، فالأموال التى أهدرت فى عقد المؤتمرات واستضافة الخبراء تؤكد أنّ الفرصة كانت سانحة للاعتبار من التجارب السابقة والنهج على منوال البلدان الرائدة ولكن لم تكن النية صادقة ولا الإرادة السياسية متوفّرة لإنجاح المسار ففهم كلّ طرف سياسى لقواعد اللعبة مختلف عن الآخر إذ تبيّن أنّ المنشود لدى حزب النهضة يخصّهم وحدهم ولا يتطابق البتة مع ما تحلم به أجيال ضحّت من أجل غد أفضل.

 

 

 

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات