حديث صادم! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حديث صادم!

نشر فى : الجمعة 21 مايو 2021 - 10:10 م | آخر تحديث : الجمعة 21 مايو 2021 - 10:10 م
حديث الوزير سامح شكرى الأخير بشأن سد النهضة الإثيوبى، خلق حالة من الارتباك على الساحة، ودفع البعض إلى الاعتقاد بوجود تغير فى الموقف المصرى الصلب من هذه القضية، وأنه أصبح متساهلا تجاه الإجراءات الأحادية التى تتخذها السلطات فى أديس أبابا.
الوزير قال فى تصريحات للإعلامى نشأت الديهى على قناة تن: «لدينا رصيد من الأمان متوفر بخزان السد العالى، وثقة فى أن الملء الثانى لسد النهضة لن يؤثر على المصالح المائية المصرية ونستطيع أن نتعامل معه من خلال الإجراءات المحكمة فى إدارة مواردنا المائية».
وتابع شكرى أن «أى تفاقم للأمر مرتبط بوقوع الضرر، وسوف نستمر فى التعامل مع الأمور دون الحاجة لتصعيد طالما أنه ليس هناك ضرر على الأمن المائى، وفى حال اتخاذ أى إجراءات أحادية بشكل غير مسئول من جانب إثيوبيا بما يؤثر على دولتى المصب لن ندخر جهدا فى الدفاع عن مصالحنا المائية للحفاظ على هذه المصالح وضمانها».
الجزء الأول من تصريحات شكرى أصاب كثيرا من المصريين بإحباط كبير، لأنها بدت للجميع استسلاما واضحا للنهج الإثيوبى المتعنت فى المفاوضات المستمرة منذ عشر سنوات، والإصرار الدائم على التهرب من أى اتفاقات قانونية ملزمة بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، حتى تتمكن من فرض سيطرتها التامة على النهر، وبالتالى تضرب بالاتفاقات التاريخية المنظمة لحصص مصر والسودان فى مياه النيل عرض الحائط.
السبب الثانى للإحباط الذى أصاب البعض، هو أن هذه التصريحات تأتى فى وقت حساس للغاية، وبالتحديد قبل أسابيع قليلة على الملء الثانى للسد، وهو الأمر الذى إن حدث بالفعل، فإنه سيقلب المعادلة رأسا على عقب، ولن تستطيع مصر والسودان التدخل ضد السد، الذى سيتحول إلى قنبلة مائية فى وجه دولتى المصب.
كذلك لم يفهم البعض المبرر من وراء هذه التصريحات، خصوصا وأن الدولة المصرية تعلن ليل نهار منذ شهور أنها لن تقبل بأى إجراء أحادى من قبل إثيوبيا، مثل الملء الثانى المقرر فى يوليو المقبل، وبالتالى فإن حديث شكرى الذى رحبت به أديس أبابا على الفور، واعتبرته تأكيدا لما كانت تردده سابقا عن عدم تأثر مصر والسودان من عملية الملء، كان مفاجأة صادمة للكثيرين فى مصر، الذين كانوا ينتظرون تحركا خشنا ضد إثيوبيا وليس الإعلان عن قدرتنا على معالجة التداعيات الناجمة عن الممارسات الإثيوبية غير القانونية وغير المشروعة ضد الحقوق التاريخية لمصر فى النيل.
بالتأكيد تصريحات شكرى تمثل صدمة كبيرة للشعور الجمعى، الذى تشكل خلال الفترة الماضية حول مخاطر هذا السد على الأمن القومى المصرى، والتى غذتها المواقف الرسمية للدولة على لسان كبار مسئوليها، وبالتالى لم يلتف الكثيرون إلى الجزء الثانى المهم من تصريحاته، التى شدد فيها على أن مصر لن تتهاون مع أى ضرر قد ينشأ عن ملء السد، وهو ما كان يجب على الوزير التركيز بقوة عليها فقط، بدلا من التطرق إلى أمور فنية ليست من اختصاص وزارته، ولكن من اختصاص جهات أخرى فى الدولة، مثل وزارة الموارد المائية والرى على سبيل المثال.
على أية حال، فعلت وزارة الخارجية خيرا، عندما أصدرت بيانا عقب تصريحات الوزير، قالت فيه إن مصر ترفض أى إجراءات أحادية قد تتخذها إثيوبيا اتصالا بسد النهضة، بما فى ذلك الاستمرار فى ملء السد بشكل أحادى، وإن الدولة المصرية ملتزمة بالحفاظ على حقوق مصر ومصالحها المائية وحمياتها ومنع إيقاع الضرر بها صونا لمقدرات الشعب المصرى.
هذا البيان يعيد الأمور إلى نصابها مرة أخرى، ويضع محددات واضحة للموقف المصرى من أزمة السد، ويشدد على عدم القبول بسياسة الأمر الواقع التى تحاول أديس أبابا فرضها على دولتى المصب.
التعليقات