اللعنة عليك يا أبى - مواقع عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللعنة عليك يا أبى

نشر فى : الجمعة 21 يونيو 2019 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 21 يونيو 2019 - 9:40 م

نشر موقع على الطريق مقالا للكاتب «نصرى الصايغ».. جاء فيه ما يلى:

رجاء، امتنعوا عن الصراخ. كفوا عن المطالبة بالتغيير، ولو كنتم عشرات الألوف، أو أكثر قليلا. اقتنعوا بأن النظام اللبنانى الطائفى، أقوى الأنظمة السياسية، على الرغم من لعبة الفتنة المتقنة، بين الأركان، قائدة مسيرات الانهيار، بجدارة السرقة، وسهولة النهب، وتبرع «شعوب الطوائف» بالغفران والتأييد والامتثال.

لا أحد، لا أحد بالمرة، يستطيع أن يمس بصلابة النظام. اعقلوا قليلا. لا تعولوا على معارك جبران باسيل، ولا على زعل سعد الحريرى، ولا على عبقرية «تويترات» وليد جنبلاط، ولا على إيماءات وتلميحات بيدبا الشيعى، ولا على حماسة مقدمات نشرات الأخبار ذات النبرة العالية، فى الحديث المسهب عن الفساد … اعقلوا. حتى لو انتقل نصف «الشعب» اللبنانى إلى الشارع، بأزمته الطائفية الخفية والمعلنة، حتى لو صدح بحناجره الغاضبة، فلن يهتز حجر من مكانه. الطائفية بنيان مرصوص، مسلح بخبرة مائة عام من عمر الكيان…

رجاء، لا تصدقوا معاركهم. إنها كلام، بكلام، بكلام. فلن تجدوا بين ركام الكلمات لكمة واحدة قادرة على أن تلكم زعيما أو زلمة زعيم. اقنعوا بالقليل، لأنه متوافر. حفنة وطن فاسد، خير من عجز تام.

إنه عجز الناس. عجزنا نحن.

ثم، اقتنعوا لمرة وإلى الأبد، أن الفساد دين الدولة، وهو فساد غير مكتوم وشرعى ومحتضن ومجز. لا يستطيع لبنان أن يعيش من دون فساد. حياته فى فساده. شفاؤه من فساده، يحصل فقط عندما يموت النظام. والنظام حى يرزق إلى أمد بعيد. حراسه هم مرتكبوه، أبا عن جد، عن جدود. حراسه مدعومون بمواثيق دولية وإقليمية وعربية، ولا فكاك بين طوائفه ودولها الحاضنة، حتى لو كانت هذه الحاضنات، على شفا حرب أو تآمر أو تورط فى صفقة العصر.

لا دولة فى العالم، تستطيع أن تخترع عقائد سياسية كلبنان. خذوا مثلا، لبنان بجناحيه. أو «الديموقراطية التوافقية»، أو«يا للعبقرية»، «النأى بالنفس». أية عبقرية فذة تخرج من هذا الملعون السياسى، الذى نجد أصوله عند تجار فينيقيا ومخلفات الإقطاع، وأرومات المذاهب… لدى قيادات النظام، ثروة عظيمة جدا، من الهراء السياسى، التى تجمع الصح والغلط فى معادلة معا. إنه كيان المتعارضات ونظام المضادات والناس الواهمين أن لبنان، أبدى سرمدى، ومن سبط الآلهة الخالدة.

هذا الكلام ليس هزءا بلبنان. لبنان باعتراف قيادته اليوم وبالأمس، وبلوك زعاماته، اليوم وبالأمس، وبطواعية «شعوبه»، دليل على أن هذا الكيان يقوى بأمراضه. أمراضه دليل عافيته، بكل أسف.

اقتنعوا بلبنان كما هو، وكما ستئول إليه أحواله بعد انهياره. لا تخافوا عليهم. يختلفون و«الميت كلب». ثم يتفقون. «ثاروا» (كلمة غير مناسبة) عام 1958، ثم حكموا لبنان طويلا. تذابحوا طوال حرب لخمسة عشر عاما. مات من مات، قتل من قتل، تهجر من تهجر. تدمر ما تدمر، وسبحان الحى الباقى، عادوا أحياء يرزقون بعد اتفاق الطائف. ظن كثيرون أن بعد استشهاد رفيق الحريرى، سيحترق لبنان. 8 مارس و14 مارس. أين هم؟

صدقوا عيونكم. لقد غيَروا مواقعهم مثل طواحين الهواء. داروا ثم داروا حول أنفسهم، وظلوا مطرحهم، فى السلطة. اكتمل النصاب. المسيحى، السنى، الشيعى، الدرزى. هنا ورقة تفاهم مع «حزب الله»، ومصالحة، مع «القوات»، مع غصته فى القلب، وهناك تسوية مع الحريرى، وهناك، عزلة واعتزال عن جنبلاط. هل عرفتم فى حياتكم مشهدا نفاقيا تبادليا ومحترما مثل هذا المشهد، حيث يتآخى الذئب مع الثعلب وابن آوى وأبو بريص؟ لا تصدقوا شتائمهم.

هذا هو البخور المقدس فيما بينهم. و«الخير لقدام».

ما جاء أعلاه، ليس من وحى أفلاطون، بل من وحى لبناطون.

تفاءلوا فقط بوعيكم. افتحوا أعينكم على وسعها. راقبوا هؤلاء. تعلموا كيف تمشون عكس التيار. طريق التغيير مقفلة. هناك طريق مهجور. هجره المثقفون والرافضون، الذين فضلوا العزلة والاستقالة والفرجة.

ما أجبننا! يا لعارنا!
إننا نستحق هذه العقوبة.
النظام الطائفى هو الأب الشرعى لنا جميعا.
لعنة الله عليك يا أبى.

التعليقات