النفاق السياسى - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النفاق السياسى

نشر فى : الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 9:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 9:40 ص

كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات بعد أيام قليلة، زادت احتمالات انهيار العلاقة بين المجلس العسكرى والاتجاهات الإسلامية والقوى السياسية.. التى تزداد شبقا للوصول إلى السلطة حتى قبل إجراء الانتخابات. وقد بدا وكأن جمعة المطلب الوحيد لم تكن غير بروفة لتسليم السلطة إلى الإسلاميين.

 

ولهذا لم يكن غريبا أن نشهد إفرازات غير طبيعية لحالة من الفوضى والالتباس.. تدفع عالية المهدى فتاة فى العشرين شاركت فى الانتفاضة الشعبية لإسقاط نظام حسنى مبارك، تضع صورها عارية على موقع الفيس بوك. وتثير حولها زوبعة تتهمها بأنها من أعضاء حركة 6 أبريل. وأنها فعلت ذلك من باب ممارستها لحرية التعبير فى رسالة أو مدونة أرفقتها بصورها العارية.

 

لا تبدو هذه السقطة من فتاة فى العشرين غير انعكاس لاضطراب فى قيم المجتمع، يدل على رؤية خاطئة للعلاقة بين الحرية والتعبير الفنى، وعن النفاق المجتمعى والسياسى الذى انتشر بدرجة غير مسبوقة فى أجواء الانتخابات، وفتح الباب أمام المرأة والفتاة للمشاركة فى الحياة العامة ولكن من وراء نقاب، وبمعنى أصح دون مشاركة الرجل فى المسئولية السياسية.. الأمر الذى ضاعف من انقسام المجتمع!

 

ربما كان هذا الحادث الذى لفت أنظار الصحافة العربية بوجه خاص إلى ما تشهده الانتخابات فى مصر، فسارعت إلى نشره والتعليق عليه.. والذى لا شك فيه أن الجرأة التى نشرت بها الفتاة صورتها العارية لم تعرفها المجتمعات العربية إلا عندما قادت سيدة سعودية السيارة دون إذن زوجها. وهو ما حمل الفتاة المصرية على أن تبرر سلوكها بالموديلات العارية فى كلية الفنون أو فى كتب الفن أو فى التماثيل العارية فى المتاحف. ولا يستطيع أحد أن يجادل الفتاة وهو يرى كيف بادرت جماعة من غلاة السلفيين إلى تغطية أجسام التماثيل العارية فى الإسكندرية، تأكيدا لاتجاهات سلفية محافظة.. باتت تثير ردود فعل عكسية. وتستدعى إلى الذاكرة قصة تحطيم تماثيل بوذا فى أفغانستان.

 

وليس بوسع أحد أن يدعى أن الفتاة تعبر بذلك عن رؤية معرفية متكاملة، حين تدافع عن نفسها بأن العرى يكون فى عديد من المجتمعات المحافظة بمثابة صرخة احتجاج. كما أن سقوط المدونين فى مبالغات ترجع بالدرجة الأولى إلى خلفيات دينية أو علمانية. غير أننا نلاحظ اندفاع التيارات الإسلامية إلى تعبئة المرأة والزوجة والابنة إلى العمل بالسياسة والمشاركة فى الانتخابات دون أن يكون لها رأى أو موقف. وبعض المرشحات يرفضن كشف وجوههن فى المعارك الانتخابية أو وضع صورهن على اللافتات الدعائية، وهو ما يقلل من دور المرأة ويجعل منها «عورة» أو كائنا استثنائيا، يصعب التعامل معه على قدم المساواة فى المنافسات السياسية والحزبية. كما يرفض التيار السلفى نشر صور المرشحات المنتقبات على لوائح الحزب!

 

ربما كان من الضرورى الآن ونحن فى هذه المرحلة الحرجة التى يختلط فيها كل شىء بكل شىء، أن يكف رجال الدين عندنا عن تحريض الناخبين ضد أو مع اتباع أديان أخرى. وأن ندعو الناس إلى التصويت لمرشحين تثبت جدراتهم ونزاهتهم، بغض النظر عن دينهم أو مذهبهم. فأنت لا تستطيع أن تمنع التصويت عن شخص أمضى عمره فى خدمة المجتمع والدفاع عن وطنه، ولكنه لم يتحول إلى الإسلام لأى سبب من الأسباب. والشخص العلمانى قد لا تكون علمانيته غير مرحلة من الشك تسبق الإيمان!

 

وبعبارة أخرى، فالحكم على الناس وضمائرهم ودرجة إيمانهم، ليس من شأن حاكم أو رئيس حزب أو جماعة أو حكومة.. إن الحكم إلا الله!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات