دلالات تزايد أهمية دور موسكو فى تسوية الصراع السورى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دلالات تزايد أهمية دور موسكو فى تسوية الصراع السورى

نشر فى : السبت 22 فبراير 2014 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 22 فبراير 2014 - 9:00 ص

كتبت الباحثة ريهام مقبل بالمركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية تقدير عن كيفية تحول روسيا إلى رقم مهم فى الأزمة السورية، استنادا إلى أربعة مؤشرات:

يتمثل المؤشر الأول فى تمكين موسكو من استبعاد الضربة العسكرية الأمريكية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما مثل انتصارا للدبلوماسية الروسية على نظيرتها الأمريكية، خاصة أن موسكو نجحت فى الحصول على تنازلات من واشنطن حول كيفية تسوية الصراع فى سوريا، ترجمت فى قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2118، والذى فصل بين المسألة الكيماوية، وتسوية الصراع، وبالتالى حال دون أن يتم استخدام القضية الكيماوية كمبرر لتوجيه ضربة لنظام الأسد من أجل تسوية الصراع، كما حدث فى العراق عام 2003.

وينصرف المؤشر الثانى إلى ادراك الولايات المتحدة تدرك لأهمية الدور الروسى فى تسوية الصراع، وهو ما انعكس فى التصريحات التى أدلى بها مسئولون أمريكيون، على خلفية اجتماعات «جنيف 2» التى عقدت مؤخرا، والتى لم تكتف بمطالبة روسيا بالتدخل بهدف الضغط على نظام الأسد لعدم عرقلة المحادثات، حيث دعا وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى موسكو فى هذا السياق إلى «ممارسة الضغوط على نظام الأسد لوضع حد لتعنته»، بل حملتها أيضا مسئولية فشل المفاوضات، وتشجيع الأسد على «المزايدة» والبقاء فى السلطة، وهو ما رفضه وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، الذى قال إن «كل ما وعدنا به بالنسبة لحل الأزمة السورية فعلناه».

ويتعلق الثالث بنجاح روسيا فى عرقلة مشاريع قرارات داخل مجلس الأمن الدولى، كان من الممكن أن توجه الصراع فى سوريا نحو مسار لا يتفق مع ما نص عليه القرار 2118، فعلى سبيل المثال، عرقلت روسيا مشروع قرار كانت قد تقدمت به استراليا ولوكسمبورج والأردن بهدف «الرفع الفورى للحصار» المفروض على مدن سورية عدة بينها حمص، حيث انتقدت هذا القرار باعتباره «لا يؤدى إلى شىء إيجابى».

وينصرف الرابع إلى نجاح روسيا فى فتح قنوات اتصال مع ممثلى المعارضة السورية، وهو ما بدا جليا فى زيارة رئيس الائتلاف الوطنى السورى أحمد الجربا إلى موسكو، فى 3 فبراير 2014، والتى أكد خلالها أهمية الدور الروسى فى تسوية الصراع، معتبرا أن موقف روسيا تجاه الائتلاف «يتحسن». واللافت فى هذا السياق أن هذا اللقاء، جاء بعد الجولة الأولى من مؤتمر «جنيف 2» والتى لم تحقق نتيجة إيجابية، وهو ما يؤشر ضمنيا إلى سعى موسكو للانفتاح على جميع الأطراف فى المعادلة السورية.

•••

ومع ذلك أشارت إلى أن الدور الروسى فى سوريا يرتبط بالدبلوماسية الإقليمية والتى ترتكز على أربعة محاور رئيسية، وهى:

إدارة الخلاف مع دول الخليج، التى تتبنى مواقف مغايرة للسياسة الروسية تجاه تسوية الصراع السورى، لا سيما فيما يتعلق بتسليح المعارضة، ومحاربة الجماعات الإرهابية فى سوريا، وربما تسعى روسيا إلى تحقيق ذلك من خلال اللقاء الخليجى- الروسى المقرر عقده خلال الفترة المقبلة، لبحث عدة قضايا من بينها الصراع فى سوريا. ويلاحظ فى هذا الإطار، أن ثمة تغيرا ما فى الخطاب السعودى، بعد تعليق محادثات مؤتمر «جنيف 2»، حيث حملت السعودية النظام السورى مسئولية «فشل» المؤتمر، ولم توجه أية إشارة إلى روسيا على غرار ما فعلت واشنطن، وهو ما قد يمهد لتقارب فى مواقف السعودية وروسيا حول سوريا.

التمسك بالدور الإيرانى فى سوريا، والذى يبدو أن روسيا تمتلك أوراقا تسمح لها بالتأثير عليه، خاصة بالنظر إلى الدعم الذى تقدمه لإيران فيما يتعلق ببرنامجها النووى. وربما يفسر ذلك انتقاد روسيا عدم مشاركة إيران فى مؤتمر «جنيف 2»، حيث اعتبرت أن قرار الأمم المتحدة سحب دعوة إيران لحضور المؤتمر يشكل «خطأ».

محاولة تغيير السياسة التركية تجاه سوريا، لا سيما أن نقاط التلاقى بين سياستى تركيا وروسيا إزاء الأزمة تزايدت مؤخرا، خاصة بعد تغير موقف أنقرة تجاه الحل العسكرى كخيار لإنهاء الصراع فى سوريا، حيث دعا الرئيس التركى عبدالله جول رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى إعادة تقييم المدخل العسكرى كحل للصراع السورى، وهو ما تزامن مع بروز تيار داخل أنقرة يرى أن الرهان على المعارضة «خاسر»، لا سيما مع تصاعد نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، وتحول الصراع هناك إلى حرب على الإرهاب.

التنسيق مع قوى إقليمية أخرى على غرار مصر، لا سيما فى ظل تقاطع مواقف الجانبين تجاه أهمية التسوية السياسية للصراع فى سوريا، وكذلك إزاء محاربة الإرهاب، وهو ما انعكس فى البيان المشترك الذى صدر فى 13 فبراير 2014 عقب اللقاء الذى جمع بين وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف ونظيره المصرى نبيل فهمى ووزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو ونظيره المصرى المشير عبدالفتاح السيسى فى موسكو ضمن صيغة «2+2»، والذى أكد القلق العميق بسبب استمرار العنف وعدم الاستقرار فى سوريا. واللافت هنا أن تأكيد روسيا على أن الخطر الحقيقى فى الصراع فى سوريا يتمثل فى تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية، يتزامن مع تزايد أهمية مكافحة الإرهاب بالنسبة لمصر، خاصة بعد اتساع نطاق العمليات الإرهابية التى تشهدها، منذ قرار الحكومة المصرية بإعلان جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية» فى 25 ديسمبر 2013، وما يرتبط بذلك من احتمالات تحول جماعة الإخوان من كونها فاعلا «ضخما» عابرا للحدود، له أفرع فى عدة دول فى إقليم الشرق الأوسط، إلى جماعة «إرهابية» قد يتعدى نشاطها العنيف حدود الدولة المصرية.

•••

وتختم الباحثة التقدير بتوقعها أن يستمر أهمية الدور الروسى فى تسوية الصراع السورى، خاصة فى ظل سعى موسكو إلى تنشيط سياستها فى منطقة الشرق الأوسط، إذ ربما تعمل على عقد جولة جديدة من المفاوضات من أجل تسوية الصراع فى إطار قرار مجلس الأمن رقم 2118. لكن تظل فرص استمرار هذا الدور مرتبطة بفاعلية الدبلوماسية الإقليمية التى ستتبعها موسكو خلال الفترة المقبلة.

التعليقات