حتى يأتى الاستثمار إلى مصر - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى يأتى الاستثمار إلى مصر

نشر فى : الأربعاء 22 يونيو 2022 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 يونيو 2022 - 9:20 م

إذا كانت الحكومة قد نجحت خلال السنوات الأخيرة فى توفير بنية تحتية ربما بأكثر من الحاجة سواء فى قطاع الكهرباء أو الطرق، وإذا كانت وفرت بنية تشريعية تقول إنها جاذبة للاستثمار الأجنبى والمحلى، فلماذا يتعثر الاستثمار ويتردد المستثمرون فى إقامة المشروعات المأمولة على أرض المحروسة التى باتت تتمتع بشبكة طرق وكبارى مبالغ فيها، وقدرات فائضة فى إنتاج الكهرباء اللازمة لأى نشاط اقتصادى؟

بالطبع إجابة هذا السؤال ليست بسيطة، وإلا لكانت الحكومة ومن معها من خبراء ومستشارين فى الداخل والخارج قد أجابوا عليه، حتى يأتى المستثمرون إلينا من كل حدب وصوب. ورغم ذلك أرى أن مصر وخلال السنوات الماضية افتقدت ومازالت تفتقد لمجموعة من أهم عوامل جذب المستثمرين الجادين الذين يقيمون مشروعات تحتاج إلى سنوات حتى تسترد قيمتها وتحقق العائد المرجو منها. وفى مقدمة هذه العوامل ترتيب مصر على مجموعة من المؤشرات العالمية، مثل مؤشر مدركات الفساد الذى تصدره منظمة الشفافية الدولية، ومؤشر سيادة القانون الذى تصدره منظمة مشروع العدالة العالمى، وحتى مؤشر حرية الصحافة.

فإذا كانت الحكومة ومن معها فى مصر تحتفى بتقارير المنظمات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤسسات التصنيف الائتمانى مثل فيتش وموديز، وتعتبر شهاداتها الإيجابية المتكررة عن مصر واقتصادها خلال السنوات الماضية، كلمة حق موضوعية، فلا يمكن اعتبار مؤسسات مراقبة الفساد وسيادة القانون وحرية الإعلام فى العالم غير موضوعية ومتحيزة لمجرد أنها تضع مصر فى مكانة متدنية.

والحقيقة أن ترتيب مصر على مؤشرات الفساد وسيادة القانون وحرية الإعلام يحتاج إلى وقفة إذا كانت السلطة فى مصر بكل أفرعها جادة فى جذب الاستثمار والمستثمرين.

فالمستثمر الجاد سيتردد كثيرا قبل اتخاذ قرار استثمار أمواله فى دولة تحتل المركز 117 على مؤشر الفساد العالمى من بين 180 دولة. ليس هذا فحسب بل إن تقييم مصر على هذا المؤشر تراجع خلال العامين الماضيين مقارنة بالعامين السابقين. ففى عامى 2018 و2019 حصلت مصر على 35 نقطة من 100 نقطة احتلت بها المركز 106 وفقا للمؤشر، ولكن هذا التقييم تراجع إلى 33 نقطة خلال العامين التاليين.

كما أن المستثمر الجاد سيتردد فى الاستثمار فى دولة حاصلة على 35ر0 نقطة تحتل المركز 136 من بين 139 على مؤشر سيادة القانون فى العام الماضى دون أى تحسن عن العام السابق.
وكما تأتى فنلندا والنرويج والدنمارك فى مقدمة دول العالم من حيث مكافحة الفساد، فإنها تأتى فى المقدمة بالنسبة لسيادة القانون، وتأتى فى المقدمة أيضا من حيث مستويات المعيشة والأداء الاقتصادى بشكل عام وجاذبيتها العالية ليس فقط للاستثمار والمستثمرين وإنما أيضا للعقول النابهة من دول العالم.

وضع الدول الثلاث السابق ذكرها يؤكد حقيقة أن جذب الاستثمارات المستهدفة فى مصر لن يحدث بدون العمل على تحسين سيادة القانون، ومكافحة الفساد بالفعل وليس بالكلام ولا بالتلميع الإعلامى الداخلى لأن المؤسسات الدولية تنظر إلى ما يحدث على الأرض وليس ما يروج له الإعلام المحلى عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والكلام عن دولة القانون ونظام المؤسسات، ما دام هذا الكلام لا يترجم إلى إجراءات وممارسات حقيقية.

بدون تحقيق سيادة حقيقية للقانون لن يأتى إلى مصر إلا المقاولون والمستثمرون فى الأنشطة الاستخراجية والعقارية التى لا تحقق قيمة مضافة حقيقة للاقتصاد بقدر ما تحقق لهذا المستثمر كسبا سريعا بأقل قدر من المخاطر.

التعليقات