حق الكد والسعاية - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حق الكد والسعاية

نشر فى : الخميس 24 فبراير 2022 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 24 فبراير 2022 - 10:15 م

فتوى حق الكد والسعاية التى ذكرها شيخ الإسلام شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، أثارت الكثير من الجدل. بالطبع احتفى بها المجلس القومى للمرأة، لا سيما وأنها قد جاءت بعد رفع الغبار عن سوء الفهم لدى الكثيرين بشأن مسألة ضرب الزوجات، والتى أكد شيخ الإسلام رفضه لها بشكل مطلق لا لبس فيه.
فتوى الكد والسعاية تنص فى جوهرها على حق الزوجة فى جزء من مال زوجها الذى يتركه بعد وفاته، قبل أن توزع تركة الزوج، وقبل أن تخرج المصروفات الأخرى كديون وخلافه، وذلك بعد أن شاركت الزوج فى أعماله بعض أو كل الوقت.
الفتوى هى من الأمور المستحدثة، التى لم تكن ضمن السنة المطهرة فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فهى ظهرت فى عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حيث منح للزوجة هذا الحق بعد أن منحت مالها أو تعبها بغرض نمو ثروة زوجها. وقد اندثر وطمس هذا الحق مع الزمن، لكن تبين ضرورة إحيائه، بعدما كثرت هذه الأيام مسألة نزول المرأة إلى العمل، ومساعدتها لزوجها بالمال أو الجهد، بسبب العديد من الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
من هذه الزاوية يعتبر حق الكد والسعاية أمرا مهما، ليس فقط لحفظ حقوق المرأة، بل لتحصين مال الزوج من السحت وأكل مال زوجته وكدها وتعبها، ومن ثم فإن هذا الأمر يحتاج إلى تنظيم قانونى من خلال سن تشريع يقره البرلمان حتى لا تقع الزوجات ضحية لنهب أموالهن، ليس فقط من قبل الأزواج، وربما هذا أقل شىء، لكن الأهم من قبل الورثة الذين ربما يكونون لا ينتمون بأى رباط دم مع الزوجة، كأشقاء وشقيقات الزوج أو والديه أو أبنائه من زوجة أخرى، وكل هؤلاء قد يكونون مشاركين للزوجة فى الميراث فى أحيان كثيرة.
على أن حق الكد والسعاية بهذا المنظور له مشكلات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:
أولا: إنه يواجه بعادات وتقاليد سيئة فى ريف مصر، بل وبعض حضرها، حيث اعتاد الرجال أكل ميراث السيدات بداية. بمعنى آخر أن ميراث الزوجات خاصة والسيدات عامة، هو من الأمور غير المعترف بها فى الكثير من المناطق القبلية والريفية، أو ممن هم من أصول تلك المناطق، ما يجعل تنظيم حق الكد والسعاية أكثر صعوبة. بعبارة أخرى، ينظر الكثيرون إلى حق الكد والسعاية على أنه حديث ترف، لأن من باب أولى إعمال حقوق المواريث التى تعج المحاكم بالعديد من القضايا والدعاوى بسبب نهب الأموال التى نظمها القرآن بشأن حقوق التركات.
ثانيًا: إن حق الكد والسعاية يحتاج إلى إثبات ورقى، بمعنى أنه لكى يلزم الورثة، فإن على أطرافه الأصليين أن يوقعوا بينهم ما يثبت وجود هذا الحق، من خلال عقود شراكة موثقة، فتحدد أصول المبالغ، ونوع التجارة أو الشراكة، ونسب الاستفادة من الربح والخسارة بها، ووقت توزيع تلك النسب، وكيفية فض تلك الشراكات. أى إن هناك حاجة لتنظيم المعاملات بين الزوجات والأزواج مثلها مثل عقود الشراكة مع الأغيار، حتى يحتج بتلك الوثائق أمام الغير حال الخلاف على إثبات الحقوق.
ثالثًا: إن حق الكد والسعاية ربما (وهذا ما قاله شيخ الإسلام) لا يسرى فقط على الزوجات فى تعاملهن مع الأزواج فى المشروعات التجارية وخلافه، بل ربما يقع أيضًا بين الأبناء والآباء، إذ قد يكون للأب ولد أو شقيق يعامله كولده، وهو مشارك له فى كل كبيرة وصغيرة، فيكون له نصيب معتبر من تراكم المال الذى كان محط عمل الوالد. هنا بالتأكيد فإن هذا الولد يعامل كمعاملة الزوجة التى تنطبق عليها حق الكد والسعاية، شرط أيضًا أن يكون هناك إثبات ورقى، حتى لا يظلم الشركاء أو يظلم الورثة.
وهكذا، فإننا وأمام تطور مهم فى العلاقة بين الأزواج والزوجات، وزاد حجمه فى العقود السابقة، أصبحنا أمام رغبة أكيدة فى تنظيم هذا الحق حفاظًا على الحقوق.
على أننا فى هذا الإطار يجب أن نلفت الأنظار بداية إلى أهمية أن يكون الأصل هو ما نظمه الشرع الحنيف، عندما جعل للزوجة ذمة مالية منفصلة عن ذمة الأزواج، فلا يختلط الحابل بالنابل، ولا تقع المشكلات، ومن ثمّ لا تسود الخلافات عقب حدوث وفاة أو طلاق الزوجة. وبذلك فإنه طالما رغب طرف فى أن يكون له حق إضافى بسبب مساهمته فى نمو ثروة أو مال، فعليه كتابة وتوثيق ذلك منعًا للخلافات، التى هى أصلا قائمة بين الورثة فى التركات العادية.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات