مبارك.. والتجربة السويسرية - محمد عصمت - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبارك.. والتجربة السويسرية

نشر فى : الثلاثاء 24 مايو 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 مايو 2011 - 5:52 م

أتفق مع الكثيرين الذين يرون أن الرئيس السابق حسنى مبارك يتلقى معاملة خاصة جدا، لا تتناسب مع حجم وخطورة الاتهامات التى تلاحقه.. فالرجل المتهم بتضخم ثروته بطريقة غير شرعية يعيش كالملوك بمستشفى 5 نجوم فى مدينة شرم الشيخ التى يعشقها، فى الوقت الذى تثار فيه الشكوك حول تورط قيادات سياسية وأمنية تابعه لنظامه فى إثارة الفتن والمؤامرات لضرب ثورة 25 يناير!

وفى تصورى أن «التجربة السويسرية» هى الفرصة الذهبية لدخول عالم مبارك السرى، لنعرف حجم ثروته بالضبط، ولنضع مبارك خلف قضبان طرة أو تبرئته.. إلا أن الملاحظ حتى الآن أن الرجل لم يرد بكلمة واحدة على ما أعلنته الحكومة السويسرية عن رصدها 410 ملايين فرنك ببنوكها تخص مبارك وعددا من رموز نظامه، وتجاهل تماما أن صمته هذا يدينه بتهمة إضافية وهى الكذب، لأنه بلسانه أكد عبر بيانه الشهير لقناة العربية، أنه لا هو ولا أسرته لديهم أى أرصدة نقدية بالخارج.. ومع ذلك فان إدانة مبارك بتهمتى تهريب الأموال والكذب من اختصاص القضاء وحده، حتى وإن كان من الصعب التصور أن الحكومة السويسرية قد «لفقت» له هذه التهمة لسبب ما، أو أن أجهزتها المصرفية الشهيرة قد أخطأت فى اسم الرئيس وحاشيته..!

وقد يكون من المناسب تشكيل لجنة قضائية خاصة تحقق فى تجاوزات مبارك، وعلى رأسها ما جاء فى تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات بتلقيه سبيكة ذهبية ضخمة كهدية من إحدى الشركات.. وعن سبب سكوته عن استغلال ولديه لنفوذه فى تكوين ثروات هائلة، وعن تورط العديد من وزرائه ونجوم عصره فى المتاجرة بأراضى الدولة، واستيراد الأسمدة المسرطنة، وبيع شركات القطاع العام.. وعن انتهاكه لدستور 1971 الذى أقسم على احترامه.. وعن مسئوليته عن إزهاق أرواح الآف الأبرياء الذين غرقوا فى العبارات وفى مراكب الهجرة غير الشرعية لأوروبا، أو احترقوا فى القطارات، أو انتحروا كمدا ويأسا..!

المكان الطبيعى الوحيد لوجود مبارك هو سجن طرة، ليس شماتة فيه ولا تشفيا منه، ولكن لاحترام دولة القانون التى لا تفرق بين أمير وخفير، ولا بين الإسلاميين أو الليبراليين أو اليساريين، فهذه الدولة التى تحاكم رئيسها عندما يخطئ، هى الضمانة الحقيقية لإرساء ثقافة سياسية جديدة تسمح بقبول الآخر، وتمكننا من مواجهة المعارك الحزبية والطائفية الضيقة التى تشتعل كالنار تحت الرماد، وهى تهدد بحرق الجميع!

محمد عصمت كاتب صحفي