الدم يحن - محمود قاسم - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدم يحن

نشر فى : الجمعة 24 يونيو 2022 - 9:10 م | آخر تحديث : الجمعة 24 يونيو 2022 - 9:10 م
أجبرتنا المشاهدة المتكررة للأفلام القديمة على اكتشاف جوانب جديدة فى الأفلام لا يمكن التوصل إليها عند المشاهدة الأولى التى هى أشبه بكشف «وش الطبق»، أما المشاهدة التالية فهى التوغل داخل الطبق نفسه، هذا فيلم عرض فى نهاية عام 1952 من أهم سماته أن له بطلة مطلقة هى درية أحمد، التى كانت زوجة للكاتب والمخرج والمنتج السيد زيادة، والتى أتاح لها فرصة للقيام ببطولة أعمال كثيرة منها «شخصية خضرة»، وقد أزيحت الممثلة عن البطولات المطلقة بخروج زيادة من حياتها فرأيناها فيما بعد فى أدوار مساعدة فى فيلم «توبة» قبل أن تختفى تماما؛ كى تحل محلها بصورة أخرى ابنتها سهير رمزى التى تمتلك جمالا وموهبة تفوق عن أمها كثيرا رغم أن درية كانت مطربة وممثلة عادية، لكنه الحب والإعجاب بين الممثلة والمخرج، وفى فيلم الدم يحن هناك قصص داخل قصص وأشخاص كثيرون فى أدوار صغيرة حول الفتاة الصغيرة التى تم اختطافها من رئيس عصابة واحتفظ بالبنت وقام بتربيتها وتعليمها أصول السرقة لكنها هربت من البيت عندما صارت شابة وقادتها الظروف للعمل كخادمة فى بيت أبيها دون أن تعرفه، فى هذا البيت تتجسد ملامح الشر فى شخصية الزوجة كما تجسدها ميمى شكيب وابنتها من رجل آخر أول هذه الأشياء أننى يبدو قد حكيت قصة فيلم آخر أو مجموعة أفلام أخرى بين هذه السطور، ليس فقط من ناحية القصة ولكن أيضا من ناحية الأبطال الذين جسدوا هذه القصة فبعد عدة سنوات وفى فيلم الغجرية قام محمود المليجى أيضا بسرقة ابنه الثرى حسين رياض، وعندما كبرت الفتاة تسللت إلى بيت أبيها دون أن تعرف حقيقته وتم اكتشاف الحقيقة، كما أن حسين رياض أيضا قام بتربية ابنة غريبة عنه مع ابنته الحقيقية فى فيلم «الشيطانة الصغيرة» إخراج حسن الإمام، وفى النهاية تم اكتشاف الحقيقة كل هذه القصص تم إنتاجها بنفس الأبطال وأيضا مع نفس صناع الأفلام فى أفلام تعمد مخرجوها أن يقوموا بسردها دون أى إضافات: البنت الخيرة البريئة يجب أن تعود إلى أبيها المتزوج من امرأة شريرة وكما يقول عنوان الفيلم فإن الدم يحن.
أجمل ما فى هذا الأمر هو التكرار المثير للملل، فليس أمام أبطال هذه الأفلام خاصة محمود المليجى وحسين رياض أن يجتهدوا بالمرة، فى أعمالهم شخصية مضمونة ومكررة والمسكن لا يتغير ولا الملابس ولا جمل الحوار ماعدا أسماء الأبطال، فالمليجى مثلا هنا هو الشرير الشعبى الذى استخدم ابنته لأعمال منافية للقانون، وهذه الابنة تقودها المصادفة إلى بيت أبيها الحقيقى الثرى أما زوجة الأب الشريرة فهى تدبر الجرائم للخادمة غير المطلوب بقاؤها فى المنزل، وفى المشهد الأخير من الفيلم يعترف الأب بابنته ويطرد الأب زوجته، من جديد نؤكد أننا أمام فيلم واحد مصاغ بأكثر من عنوان سواء إخراجه سيد زيادة أو حسن الإمام، فالمنبع واحد للأسف فإن الذاكرة تبدو ممحاة عندما تحاول تذكر هذه الأفلام أو أصحابها، فلا أعتقد أن الناس الآن يعرفون اسم درية أحمد كما أن الإذاعات المختلفة لا تبث أيا من أغنياتها خاصة إذاعة الإغانى المتخصصة فى هذا الأمر.
نحن نتحدث عن قيمة الفيلم بل الإيقاع المتكرر فى قصص حياتنا كما ترويها الأفلام، تلك الأعمال التى لم تعد ملكا لنا ونشاهدها فى قنوات تمتلكها الدول العربية وكل ما أستطيع فعله كمتابع للسينما هو أن أكتب وأنا أتألم رغم أن هذه الأفلام صنعت بنية إسعاد الناس وبهجتهم فأمامنا هنا أيضا إسماعيل يس بخفة ظله وممثلون عمالقة بحضورهم الملحوظ.
فهنا تتساوى الأدوار الثانوية سواء الأطفال أو أشخاص يعملون فى الخدمة أو تابعون للأب الشرير، فهذا الفيلم مثلا فإننا نرى هند رستم فى مرحلة ما قبل الشهرة إلى جوار سميحة أيوب فى مرحلة الانتشار ونتعامل معهما على أنهما كانا فى مرحلة البحث عن الذات ظلت واحدة منهما فى نفس مكانتها لا تتحرك كثيرا، أما الثانية فكانت من أكثر نجمات السينما المصرية جاذبية وهى هند رستم، والآن نشاهد هذه الأفلام من خلال خريطة مغايرة تماما لما كانت عليه السينما قبل سبعين عاما.
التعليقات