اعتصام «رابعة» وتوابعه.. ما العمل؟ - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 4:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اعتصام «رابعة» وتوابعه.. ما العمل؟

نشر فى : الخميس 25 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 25 يوليه 2013 - 8:00 ص

نجح «الإخوان المسلمون» فى نشر الفوضى وترويع المواطنين منذ عزل الرئيس السابق، وأثبتوا بذلك مجددا أنهم تنظيم محكم وإن كانت تجربتهم فى حكم مصر تثبت أنه تنظيم بلا عقل، وأصبح المواطن العادى يعيش فى حالة من القلق، فلا بد قبل أن يتحرك من سكنه فى أى مكان أن تكون لديه معلومات كافية أو حتى مؤكدة عن آخر التطورات فى شبكة الطرق الأساسية فى القاهرة الكبرى وغيرها من المحافظات، وقد يصادفه سوء الحظ أثناء عودته بإغلاق طرق رئيسية يستخدمها فى الذهاب والعودة، هذا إذا لم يصادف مجموعة من الإرهابيين المسلحين. كانت القوات المسلحة قد تعهدت بألا تسمح بترويع المواطنين، لكن هذا أصبح يتم بانتظام فيما تتحرك قوات الشرطة والجيش باستراتجية رجل الإطفاء الذى يكتفى بإخماد الحريق ولا يهتم بمسبباته التى تفضى إلى حريق جديد، فإذا كان ما نشرته صحيفة «الأهرام» على غلافها يوم الاثنين الماضى صحيحا ولو نسبيا فإن المتبقى من مهمة تحرير سيناء من الإرهابيين هو 5% فحسب ومن مهمة تحقيق الاستقرار فى شتى ربوع الوطن هو 20%، غير أن المواطن لا يشعر بهذا التقدم، فالعمليات الإرهابية فى سيناء صارت يومية وخسائرها البشرية والمادية فى تصاعد، وقدرة «الإخوان المسلمين» على إحداث إرباك وترويع فى الشارع المصرى على ما هى عليه إن لم تكن بدورها فى تصاعد، ويحتاج المواطن المصرى ولو على سبيل الشفافية أن يستمع من مصادر الشرطة والقوات المسلحة إلى بيانات عما تحقق وما لم يتحقق فى سيناء والداخل المصرى، وعن جرائم «الإخوان» وكيف تمت مواجهتها خاصة بعد أن تأكد من تصريح البلتاجى أن إرهابيى سيناء يأتمرون بأوامره، لكن شيئا من هذا لا يحدث، وإنما يعلم المواطن بتطورات المواجهة من وسائل الإعلام المختلفة التى قد تتباين فى رواياتها عن الموضوع.

●●●

ويرجع استمرار هذا الوضع وتصاعده إلى نظرية «رجل الإطفاء» التى سبقت الإشارة إليها، غير أن البعض يرى أن هذه النظرية تعود إلى ضغوط أمريكية وأوربية خاصة فى أعقاب أحداث دار الحرس الجمهورى التى سقط فيها أكثر من خمسين قتيلا، ومفاد هذه الضغوط أننا رضينا أن نعاملكم كثورة، لكن استخدام العنف سوف يفتح باب الجدل السياسى حول مساعدتنا لكم على مصراعيه، ولو صح هذا وأن ثمة استجابة لهذه الضغوط فهو كارثة، وليخبروننا إذا كانت أى دولة فيهم تسمح بقطع طرق رئيسة فيها، وأى دولة تسمح بخروج عدد من مواطنيها يحملون أسلحة بيضاء ونارية كى يروعوا خصومهم السياسيين وصولا إلى القتل، وإذا كان ثمن الحسم مع الإرهاب هو خسارة المساعدات الأمريكية والأوروبية فلتذهب هذه المساعدات إلى الجحيم وأنا أعرف التداعيات السياسية والعسكرية لوقف المساعدات، لكن مصر تخسر من استمرار الحال على ما هو عليه ربما أكثر من خسارتها من جراء توقف المساعدات. يضاف إلى ما سبق أن غياب الحسم قد يهز ثقة المواطن العادى فى قواته المسلحة وشرطته، كما أن هذا الوضع يمكن أن يفضى ببعض القوى الدينية إلى استخدام العنف بدورها، وهذا قد يؤدى لا قدر الله إلى نوع من الحرب الأهلية ولو على نطاق محدود، وأخيرا فإن كثرة المظاهرات والوقفات الاحتجاجية دون رادع قد يرسخ هذه الظاهرة فى السياسة المصرية فى وقت نحتاج فيه جميعا إلى بداية جديدة كى تحدث انطلاقة فى عملية الإنتاج تمكن من المضى بخطى قوية فى مجال العدالة الاجتماعية. فما العمل؟

●●●

يلاحظ أن جميع المقترحات التالية تستبعد استخدام العنف:

أولا: ثمة فارق يجب ألا يكون خافيا بين الحق فى التظاهر والاعتصام وبين أن يتخذ المعتصمون الاعتصام كنقطة انطلاق لمجموعات منهم تخرج لتنفذ الخطط المتفق عليها فتغلق هذا الطريق وتحاصر هذه المنشأة وتهاجم الأهالى لسبب أو آخر، وهنا يجب أن يبقى مكان الاعتصام بمن فيه مكانا للاعتصام بحق، وليس «مركز عمليات» يخرج منه أنصار الرئيس المعزول ويعودون إليه، فمن يخرج لا يعود، وينطبق هذا على الوافدين الجدد إلى مكان الاعتصام، بصفة عامة يجب أن يحاصر مكان الاعتصام ويمنع عنه أى شىء سوى الطعام، وإذا لم يحدث هذا سيطول أمد الاعتصام، وتزداد معاناة سكان المنطقة الذين ليس من حق المعتصمين قانونا الإضرار بهم.

ثانيا: يمكن فض الاعتصامات الصغيرة بعد محاصرتها كما فى البند السابق، ودون لجوء إلى العنف وإنما باستخدام وسائل كخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، وهذا بالذات أساسى فى المناطق التى يؤدى فيها الاعتصام إلى أضرار حقيقية كما فى الاعتصام أمام جامعة القاهرة، ومن السخيف أن تقوم محافظة الجيزة بعمل طرق بديلة الطلاب بدلا من قيام القوات المسلحة وقوات الشرطة بفض الاعتصام.

ثالثا: حركة سريعة تفتح فورا أى طريق مغلق بغير استخدام العنف، والقبض على قاطعى الطرق وتقديمهم للنيابة العامة فكلها أعمال مجرمة قانونا، ولعل القارئ الكريم يتذكر الصورة التى نشرتها معظم الصحف وفيها يفترش عدد قليل من القائمين بإغلاق طريق صلاح سالم علم مصر الممدد على الأرض فى إهانة لا تغتفر للعلم، والأمثلة متعددة.

وأخيرا يجب الضرب بيد من حديد على مستخدمى الأسلحة البيضاء والنارية ضد خصومهم وفقا للقانون: وإن لم يحدث هذا فسوف تكون التداعيات أخطر مما نتصور.

ليس هناك أدنى ادعاء بشمول هذه المقترحات أو فعاليتها ولكن لعلها تكون نقطة بداية لإدارة حوار وطنى حول هذا الموضوع بالغ الأهمية.

 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير معهد البحوث والدراسات العربية

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية