** على أى أساس تتعاقد أنديتنا مع المدربين؟! هل تكفى شهادات الخبرة؟ هل الأمر يتعلق بالهدف الحقيقى للاستعانة بمدرب تحديدا؟
** المدرب هناك فى العالم الآخر، جزء من صناعة كرة القدم. جزء من الترويج للفريق. والمدرب النجم من أهداف الإدارات فى الأندية الكبرى. هكذا تعاقد بايرن ميونيخ يوما ما مع بيب جوارديولا. وهكذا وللسبب نفسه تعاقد مانشستر سيتى فيما بعد مع بيب جوارديولا. أذكر أن رومينيجه رئيس بايرن ميونيخ قال فى حوار مع صحيفة إنجليزية حين تعاقد مع المدرب الإسبانى الشهير: الدورى الألمانى متأخر فى التسويق عن البريميرليج. وبايرن يأتى خلف أندية إسبانية وإنجليزية. الفارق بين الكرة الإنجليزية كصناعة وبين الكرة الألمانية يقدر بعشر سنوات.. وحاجتنا إلى جوارديولا ضرورية.
** حسابات التعاقد مع مدرب فى العالم الآخر مختلفة، فلماذا هذا المدرب بالتحديد. ما هو الهدف؟
الكرة الجميلة هدفا عندهم. فالكرة الجيدة تفرز تلقائيا النتائج الجيدة غالبا. النتائج نتيجة. والجمال فى الأداء يساوى المال. فكلما لعب فريق بإبداع وحقق انتصارات، فإنه يجنى ثمار هذا الإبداع. وأمامنا برشلونة خير مثال.. فها هو النادى وبعد ثلاثة مواسم على رأس الجهاز الفنى يتحدث عن رحيل لويس إنريكى، وهذا على الرغم من الفوز الكبير جدا والغريب جدا الذى حققه على باريس سان جرمان.
** وشخصية وأداء مدرب برشلونة يرتبطان بإبداعات لاعبى الفريق. وعلى رغم من أن تدريب النادى الكاتالونى وتدريب ليونيل ميسى، فى حد ذاته يساوى الكثير لأى مدرب إلا أن إنريكى يستعد للتخلى عن هذا المنصب بحجة الإرهاق، والتوتر الذهنى. بينما ترك جوارديولا تدريب برشلونة يوم نظر إلى عيون اللاعبين، ووجدها نائمة هائمة لا تلمع.. فشعر أن النهم للبطولة خف كثيرا فقرر الرحيل والراحة، وكانت الراحة من الإرهاق تفسير طرحه للإعلام فى وقتها.
** مدرب برشلونة لا يعرف الراحة. هو دائما تحت ضغط المباريات والبطولات، وتحت ضغط الجمهور. وتحت ضغط الإدارة وتحت ضغط الإعلام. فكل مؤتمر صحفى له عبارة عن مصيدة. وكذلك فإن مدرب برشلونة يعانى من ضغط من سبقوه. وإنريكى فاز بثمانية ألقاب فى برشلونة وهو ثالث المدربين الأكثر ألقابا فى تاريخ النادى بعد جوارديولا ويوهان كرويف، وهو بالنتائج يستحق أن يستمر فى منصبه لكن الاستمرار أكثر مع برشلونة يتطلب جهدا ذهنيا وعصبيا يفوق قدرات البشر أحيانا.
** يتضاعف الإرهاق على المدرب حين يكون شخصا لا يعرف الدبلوماسية، وصاحب قراره وسيد قراره. ففى عام 2015، قرر مرات، وضع ميسى فى الاحتياطى وتسبب ذلك فى أزمة حادة فى النادى كادت تكلفه منصبه.. فالجمهور يحضر المباريات كى يرى ميسى. ويدفع ثمن تلك الرغبة.
** قبل سنوات طويلة وحين كان الدكتور طه إسماعيل مديرا فنيا للأهلى، قال لى إنه لأمر مجهد ذهنيا أن يدرب الإنسان فريقا يلعب على رقم (1) دائما. وأذكر أن فلسفة مدربين آخرين كانت اختيار تدريب فرق تحتفل بالبقاء فى الدورى الممتاز وتعامل مدربها على أنه أحرز بطولة. بينما بعض المدربين يراهنون على فرق المنطقة الدافئة كما تسمى، فلا هى تتطلع للبطولة ولا هى تخشى الهبوط !.
** إن نصف نجاحات مانويل جوزيه مع الأهلى تحديدا كانت كامنة فى إدارته للنجوم. والمدرب يجب أن يعرف كيف يدير غرفة الملابس التى هى فى ريال مدريد أو فى برشلونة أو فى الأهلى والزمالك أكثر تعقيدا من أى ناد آخر.