الصين تلعب في حديقة ترامب.. برفقة شريكها الروسي! - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 28 مايو 2025 5:27 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الصين تلعب في حديقة ترامب.. برفقة شريكها الروسي!

نشر فى : الإثنين 26 مايو 2025 - 9:15 م | آخر تحديث : الإثنين 26 مايو 2025 - 9:15 م

نشر موقع 180 مقالًا للكاتب ميشال نوفل، تناول فيه الاستراتيجية الصينية فى الرد على الحرب الاقتصادية التى تشنّها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وكيفية توظيف الصين لمجموعة من الأدوات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والمالية فى إطار مواجهة شاملة تهدف ليس فقط إلى الدفاع بل أيضًا إلى تثبيت موقعها كقوة عظمى بديلة عن الولايات المتحدة، بالتوازى مع تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع روسيا لمواجهة النظام الدولى أحادى القطب.. نعرض من المقال ما يلى:
يُنظر إلى الحرب التجارية التى قرّر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تستهدف بالدرجة الأولى العملاق الصينى عبر تعريفات جمركية وصلت إلى مستوى 145%، على أنها قد تتحوّل إلى تهديد وجودى لدولة أقامت نموذجها الاقتصادى على الإنتاج الصناعى بين (30% من القدرة العالمية) وعلى التصدير.
قرّر الرئيس الصينى شى جين بينج اعتماد أسلوب الرد بالضربات المركّزة على الجبهة التجارية المفتوحة مع دونالد ترامب، وكذلك على الجبهات الصناعية والمالية والتكنولوجية. فى هذا السياق، راحت الصين تُقلّص صادرات الأتربة النادرة، وتعمل لإثارة القلق فى شأن الديون الأمريكية، وصولًا إلى تجميد المشتريات من شركة بوينج الأمريكية العملاقة، لكن هل يمكن للصين أن تصمد فى وجه الحصار الذى تحاول الإدارة الأمريكية فرضه عليها؟
يقول الرئيس الصينى فى هذا الشأن إنّ الاقتصاد الصينى هو محيط وليس بحيرة، وسيكون التحدّى الأوّل إعادة إطلاق الاستهلاك الداخلى الذى قاوم، حتى إعلان الحرب التجارية من الجانب الأمريكى، محاولات السلطات فى بكين إعادة تحريكه.

 

قوة عظمى بديلة

 


غير أن الصين تبدو الآن مجهّزة للخوض فى لعبة الحرب الاقتصادية على الطريقة الأمريكية، وبحسب خبراء أوروبيين، فإن الصينيين جاهزون جدًا، ومنظّمون جدًا، وسوف يستخدمون كل الآليات المتاحة لديهم. ولا يستبعد الخبراء إيّاهم، وجود إرادة لدى الصينيين لالتقاط هذه الفرصة لقلب الاتجاه الذى يُمكن عندئذٍ أن يجعل الصين قوّة عظمى بديلة من الولايات المتحدة.
وليس غريبًا أن تكون الصين تعلّمت درسًا من أزمة هواوى عام 2019 وحظر تصدير أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا والمواد الضرورية لتصنيعها. ومن هنا تصميم شى جين بينج على الردّ على ترامب بضربات مُركّزة ليس على الجبهة التجارية فحسب بل أيضًا على الجبهات الصناعية والمالية والتكنولوجية.
وهكذا رأينا شركة صينية تحتفى بوصول ترامب ثانيةً إلى البيت الأبيض، عبر نشر نموذج للذكاء الاصطناعى من مستوى (Open AI) لكنّه يستهلك موارد حسابية أقل بكثير. انفجرت قنبلة Deep Seek تحت أقدام منظومة التكنولوجيا المتقدمة الأمريكية، وخرقت الفقّاعة المالية «ناسداك»!
وعلى الرغم من كل المعوقات التى تضعها واشنطن على طريق التقدّم التكنولوجى الصينى، راح المنافس الصينى يُثبت أنّه قادر على رفع تحدى الاستمرار فى السباق. فقد رد فى الرابع من فبراير 2025 على إطلاق الدفعة الأولى من التعريفات الجمركية ضدّ الصين، بفرض تعريفات مقابلة تصل إلى 125%. كانت هذه ضربة أولى تطاول «جوجل» مع إعادة فتح تحقيق فى شأن نظام أندرويد، ذلك أن المنافسة كأداة للضغط لا تقتصر على الغرب.
وجاءت الضربة الثانية مستهدفة نقطة ضعف أمريكية هى الأتربة النادرة، علمًا أن بكين تعتمد مجموعة من التدابير الخاصة لحماية صادراتها من هذه العناصر الحيويّة للصناعات الدفاعيّة، والطاقات المتجدّدة، والتكنولوجيا المتقدّمة. والجديد فى هذا الموضوع، أن بكين قررت فى 4 أبريل الماضى تشديد الرقابة المفروضة على تصدير 7 أنواع من الأتربة النادرة صار خروجها من البلاد شبه محظور، وهذه الأنواع تُسمى «أتربة ثقيلة»، وهى: «سامّاريوم، جادولنيوم، تريبيوم، ديسبروسيوم، لوتينيوم، سكانديوم وإيتريوم». هناك نوع من الاحتكار الصينى لهذه الأتربة، وهى تدخل فى صنع الرادارات والذخائر الأمريكية فضلًا عن طائرات «إف-35».
ويُعتقد أنه لدى الأمريكيين فى لعبة التصعيد هذه مخزونات من هذه الأتربة الثقيلة، لكن ما هو المدى الزمنى المسموح لذلك؟ كذلك لدى واشنطن برنامج لإعادة إطلاق إنتاج سيادى خصصت له وزارة الدفاع الأمريكية 439 مليون دولار منذ العام 2020، وهناك تصور لاستكشافات جديدة فى حقل الأتربة النادرة فى الولايات المتحدة وأستراليا وكندا، وذلك على مقياس كبير من شأنه تلبية الطلب حاليًا وفى المستقبل. وكل ذلك يتطلب عقدًا من الزمن ويقتضى مليارات كثيرة من الدولارات مع ضمانات مالية حكومية!
وسُجل شكل ثالث من الرد الصينى عندما انزلق اليوان نقاطًا عدة بالنسبة إلى الدولار، ويُعتبر خفض اليوان بمثابة حجر يرميه الرئيس الصينى فى حديقة ترامب الذى يرفض التلاعب بمعدل سعر صرف العملة الصينية، ويريد دولارًا تنافسيًا أكثر، وهنا رُبما تجازف بكين باحتمال هروب الرساميل نتيجة التعامل بعملة صعبة ضعيفة.
يبقى الحديث عن الضربة الرابعة التى حدثت فى 9 أبريل الماضى، وذلك إبان الهزّة التى تعرضت لها السوق المالية الأمريكية المعروفة بأنها آمنة. والملاحظ أن موجة الفوضى التى يثيرها ترامب وتطاول ثقة المستثمرين، لعبت دورًا فى حالة الذعر فى الأسواق المالية، ويُعتقد أن بكين ساهمت فى هذه الحالة عبر بيع 60 مليار دولار، وقد أتت هذه الضربة أكلها إذ اضطُر ترامب إلى إعلان فترة سماح من 90 يومًا فى نقل تعريفاته الجمركية إلى حيز التنفيذ.
إلى ذلك شملت الردود الصينية أهدافًا رمزية مثل كتالوج هوليوود والمشتريات من العملاق «بوينج» الذى يرى السوق الصينية تغلق أمامه ما دامت الحرب الاقتصادية دائرة.
• • •
فى العالم الحقيقى، قلب الرئيس الصينى رأسًا على عقب نظرية وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر، وهى النظرية التى استعادها بعض الخبراء لتفسير أو تبرير التقارب بين ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، إذ وقف شى جين بينج إلى جانب بوتين فى الساحة الحمراء فى موسكو فى مناسبة العرض الكبير فى الذكرى 80 للنصر السوفييتى على النازية فى الحرب العالمية الثانية، وشاركت وحدات صينية فى عرض العاصمة الروسية، كما فى عرض آخر فى مدينة مينسك، عاصمة بيلاروسيا. واعتُبر هذا الحضور الصينى البارز الذى ترافق مع الزيارة الرئاسية الصينية إلى موسكو من 7 إلى 10 مايو الماضى ردًا على خطوة الاصطفاف مع الحكومة الروسية التى أقدم عليها ترامب فى بداية ولايته الثانية فى محاولة لفصل روسيا عن الصين.
وهذا يُذكر بخطوة الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون ومستشاره الاستراتيجى كيسنجر فى مطلع سبعينيات القرن الماضى المتمثلة فى فتح الحوار مع الصين فى عهد الزعيم ماو تسى تونج وذلك لإبعاد بكين عن الاتحاد السوفييتي.
واقع الحال أن العلاقة الصينية - الروسية تخطو خطوات كبيرة، ويسهم الدعم الصينى، إلى حد كبير، فى إبقاء الاقتصاد الروسى متماسكًا، وفى إدارة الصناعة الدفاعية الروسية لتغطية حاجات الحرب فى أوكرانيا، وتُفيد الوقائع أن الدعم الصينى لروسيا لا يتقلص، فى وقت يتمسك فيه بوتين وشى جين بينج بنظام دولى عادل ومتعدد الأقطاب بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية.
يُذكر أن الصين تمكنت فى العام الماضى من الحصول على فائض تجارى قوامه ألف مليار دولار، ما يُعادل ثلاثة أضعاف الفائض فى العام 2018، وهذه نقطة مهمة فى سياق الحرب التجارية بينها وبين الولايات المتحدة.

 

النص الأصلي

 


https://tinyurl.com/ye2cwka9

التعليقات