هجمات حماس وحرب إسرائيل على غزة.. وجهات نظر فلسطينية - من الفضاء الإلكتروني «مدونات» - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هجمات حماس وحرب إسرائيل على غزة.. وجهات نظر فلسطينية

نشر فى : الخميس 26 أكتوبر 2023 - 7:20 م | آخر تحديث : الخميس 26 أكتوبر 2023 - 7:20 م
نشرت مدونة صدى التابعة لمركز كارنيجى تحليلا يسلط الضوء على وجهتى نظر فلسطينيتين للمساعدة فى فهم ديناميات الحرب الحالية، وما يمكن توقُعه فى الأسابيع المقبلة. إذ يوضح الكاتب الفلسطينى، عزام شعث، الأهداف المعلنة وغير المعلنة لعملية طوفان الأقصى. كما تناول التحليل رؤية الكاتبة الفلسطينية، ريهام عودة، لمفهوم وحدة الساحات الذى جسدته الحرب بين إسرائيل وحماس.. نعرض من التحليل ما يلى.
يرى الكاتب الفلسطينى عزام شعث أن حركة حماس التى امتنعت عن الانضمام للقتال مع حركة الجهاد الإسلامى فى ثلاث جولات من مواجهة إسرائيل فى السنوات الخمسة الأخيرة، وتعرضت لانتقادات مؤيديها وخصومها لتفضيلها الحكم على المقاومة، وتَخضع لسياسة التحييد التى فرضتها إسرائيل عليها؛ مارست، على امتداد هذه السنوات، خداعا استراتيجيا لتضليل إسرائيل تجهيزًا لعملية «طوفان الأقصى»، التى كشفت عن أداء نوعى لمقاتلى «كتائب القسام»، وتسببت لإسرائيل بخسائر غير مسبوقة بشريا، ومعنويا، واقتصاديا.
وأضاف شعث: لقد حدد رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، إسماعيل هنية، وقائد كتائب عز الدين القسام، محمد الضيف، دوافع العملية فى أول بيان لهما فى الساعات الأولى من اقتحام المستوطنات الإسرائيلية، بأنها «رد فعل على اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة فى الضفة الغربية»، وأشاعا بأن «المعركة الدائرة هى لتحرير فلسطين».
فى القراءة المتأنية للمواجهة العسكرية التى بدأتها حماس هذه المرة، الكثير من الدوافع والأهداف المَخفية والمسكوت عنها، وهى دوافع لا تخطئها عين المراقب للبيئة الفلسطينية الإسرائيلية وتشابكاتها الإقليمية والدولية، والمنغمس فى قضاياها وتفاصيلها. فالهدف العام المُعلن لا ينفى حقيقة سعى الحركة إلى تحقيق عدة أهداف، أهمها: تغيير واقع قطاع غزة الذى كرسته إسرائيل منذ انسحابها أحادى الجانب فى عام 2005، مع إبقائها على تحكمها وسيطرتها على القطاع وفضائه العام برا وبحرا وجوا، رغم تخليها عن مسئولياتها القانونية والإدارية كقوة قائمة بالاحتلال، وهى المعادلة التى عمقت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لسكان قطاع غزة، خاصة بعد فوز حماس فى الانتخابات التشريعية، وسيطرتها بالقوة العسكرية على القطاع فى عامى 2006 و2007، مع ما جلبه ذلك من حصار إسرائيلى مشدّد امتد لأكثر من 16 عاما؛ أعاق إلى جانب الانقسام الفلسطينى الداخلى فرص تقديم حماس نموذجًا ناجحًا فى الإدارة والحكم.
وأرادت حماس ضمن أهداف عملية «طوفان الأقصى» الانقلاب على منطق التهدئة الأمنية مع إسرائيل، وذلك بمغادرة سياسة الحلول المرحلية والمؤقتة فى التعامل مع قطاع غزة، والقائمة على أساس معادلة «السلام الاقتصادى» والتسهيلات الاقتصادية الجزئية والمرحلية، التى تبنتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كبديل لمسار التسوية السياسية خلال السنوات الأخيرة؛ فرغم الفوائد التى جنتها حماس من التسهيلات الممنوحة لقطاع غزة، إلا أنها لم تكن بمستوى تخفيف أزمات القطاع الذى ترتفع فيه معدلات الفقر والبطالة، وتتقاسم مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل مسئوليتها عنها فى نهاية المطاف.
ولا تُستثنى بطبيعة الحال قضية الأسرى الفلسطينيين فى السجون والمعتقلات الإسرائيلية، الذين يواجهون قرارات وزير الأمن القومى الإسرائيلى، إيتمار بن غفير، وخُططه للتضييق عليهم، من دوافع عملية «طوفان الأقصى» فى إطارها الفلسطينى الأوسع، وذلك وفق ما أعلنه مسئول ملف الأسرى فى حركة حماس، زاهر جبارين، فى 5 سبتمبر ــ أى قبل نحو شهر واحد من العمليةــ: «إن معركتنا المقبلة مع الاحتلال عنوانها الأسرى». وبنفس المستوى، تدخل قضية دعم أنصار حماس فى الضفة الغربية، الذين يتعرضون للاعتداءات الإسرائيلية اليومية ضمن أهداف هذه العملية ودوافعها أيضًا.
وأخيرا، لم تكن مسألة استعادة القضية الفلسطينية لدورها ومكانتها فى الدائرتين الدولية والعربية بعيدة عن أهداف عملية «طوفان الأقصى» ودوافعها، خاصة بعد أن غابت الإدارة الأمريكية عن الفعل والمبادرة لتسوية قضية الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى، وانحازت لإسرائيل انحيازًا كاملًا، وتعاملت مع القضية الفلسطينية من منظور إنسانى، وبعدما طغت موجة تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية بديلًا عن القضية الفلسطينية بدون التقيد بشرط تسويتها وقيام الدولة الفلسطينية فى حدود الرابع من يونيو عام 1967، مثلما عبرت عنها مبادرة السلام العربية فى قمة بيروت عام 2002.
• • •
من جانبها، ترى الكاتبة الفلسطينية ريهام عودة أن الحرب المستعرة بين حماس وإسرائيل جسدت مفهوم وحدة الساحات، الذى روجت له حركة الجهاد الإسلامى سابقا ضمن معركتها مع الجيش الإسرائيلى فى عام 2021 «معركة سيف القدس»، التى أطلقت عليها إسرائيل حينذاك مسمى عملية حامى الأسوار. ويقصد بوحدة الساحات، أن المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد إسرائيل موحدة عبر عدة جبهات فى كل الأراضى الفلسطينية المحتلة، أو فى أى مكان تتواجد به عناصر المقاومة فى الدول العربية المجاورة أبرزها لبنان وسوريا.
وأضافت عودة: نهج وحدة الساحات فَرضَ معادلة جديدة فى الصراع مع إسرائيل، لوجود تنسيق رفيع المستوى بين الفصائل الفلسطينية وبين ما يُسمى بمحور المقاومة الإسلامية الذى يقوده حزب الله فى لبنان بدعم من إيران، بحيث تعمل جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة ضمن غرفة عمليات مشتركة تُدار فى غزة وفى جبهة قتال واحدة ضد إسرائيل من أى مكان قد تتواجد به قوات المقاومة الفلسطينية دون التقيد برقعة جغرافية محددة، وهذا فعلا ما حدث خلال هذه الحرب عندما أطلق حزب الله ومجموعات مسلحة تابعة لحماس فى لبنان عدة صواريخ من الجنوب اللبنانى ضد أهداف إسرائيلية فى شمالى إسرائيل.
أما بالنسبة للضفة الغربية، فتم تطبيق نهج وحدة الساحات انتقاما لما يحدث بغزة، حين اشتعلت مواجهات بين شباب الخليل والجيش الإسرائيلى عندما حاول اقتحام شمال الخليل واعتقال عمال من غزة، كما وقعت أيضا اشتباكات عنيفة بين مجموعات شبابية فى مخيم نور الشمس بطولكرم وقوات الجيش الإسرائيلى، ما أدى إلى مقتل نحو 13 فلسطينيا بينهم 5 أطفال.
مع استمرار الحرب على غزة، من المتوقع أن يتصاعد رد فعل الشباب الفلسطينى بالضفة الغربية. قد تشمل ردود الفعل عمليات إطلاق نار وعمليات طعن ودهس ضد المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلى المنتشرة فى أراضى الضفة الغربية والقدس، ومن المحتمل أيضا أن يزداد التوتر فى الضفة، خاصة بين الشباب وقوات أمن السلطة الفلسطينية، فبعد مقتل المئات من المدنيين فى غزة جراء سقوط قذيفة صاروخية على ساحة المستشفى المعمدانى الأهلى بغزة، حدثت مواجهات بين العشرات من الشباب الغاضب ضد قوات الأمن الفلسطينى بمدينة رام الله بسبب عدم انخراط قوات الأمن الفلسطينى فى مواجهات مع الجيش الإسرائيلى للانتقام لدماء المدنيين بغزة.
وهناك أيضا احتمال آخر بأن يقوم بعض شباب الضفة الغربية بعمليات تسلل للمستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية أسوة بما حدث فى عملية حماس «طوفان الأقصى» التى اخترقت فيها عناصر حماس بعض المستوطنات، والتى قدمت من خلالها حماس لشباب الضفة الغربية نموذجا حيا لإمكانية اختراق المستوطنات التى كانت تُعد بالسابق منيعة عن الاختراق.
وأخيرا، يبدو أن الأوضاع فى قطاع غزة والضفة الغربية تنحدر نحو منعطف خطير، وأن شعلة اللهب فى الأراضى الفلسطينية ستتسع لتشعل جبهات قتال أخرى فى المنطقة، ما ينذر بأزمة سياسية وأمنية كبيرة بالشرق الأوسط، وكارثة إنسانية وجرائم حرب ضد المدنيين فى قطاع غزة.
النص الأصلى:

التعليقات