غزل البنات - محمود قاسم - بوابة الشروق
الأحد 8 ديسمبر 2024 5:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزل البنات

نشر فى : الجمعة 27 أكتوبر 2023 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 27 أكتوبر 2023 - 8:00 م

يحيرنى هذا الفيلم منذ أن شاهدته للمرة الأولى وأنا فى سن الحادية عشرة، فأنا من مواليد هذا الفيلم الذى عرض فى أسبوع ميلادى عام 1949، وقد تأخرت فى مشاهدته بعض الوقت، إنه واحد من أجمل أفلام السينما المصرية ولا يمكن للناقد سوى أن يكتب فيه أجمل عبارات المديح، على الأقل فهو فيلم العمالقة الخمسة، ليلى مراد ــ أنور وجدى ــ يوسف وهبى ــ محمد عبدالوهاب ثم سليمان نجيب فهو أشبه بقطعة حلوى تستلذ بوضعها فى فمك ويظل تأثيرها فى مكانه لفترة طويلة، وعندما صرت أكبر سنا أحببت مؤلفه بديع خيرى صاحب العلامات البارزة فى السينما والمسرح، لكن الذى يحيرنى هو صوت الأشخاص الرئيسية فى الفيلم ابتداء من التلميذة الصغيرة ليلى، الفاشلة والتى صدمت أباها بأن سقطت فى اللغة العربية وهى تحتاج إلى مدرس خصوصى لها، يأتون به بعد أن تم رفده من إحدى المدارس، وفى ڤلته السرية يتم غسله وتنظيفه وتشزيبه ليتحول إلى مدرس نبيه، تفصله أعوام طويلة عن عمر البنت الشقية ليلى، هذه البنت تبدأ فى الإيحاء للمدرس أنه رجل وسيم جذاب يشد القلب ويجذبه، ما يدفع الأستاذ حمام إلى الشعور بالحب نحوها من طرف واحد وينصاع لها فى كل ما تفعله، لدرجة أنه تسلل إلى غرفتها فى إحدى الليالى حتى طاردته الكلاب، وفيما بعد تسحبه معها فى سيارتها إلى ملهى ليلى لمقابلة حبيبها، زئير النساء، كى ترقص معه وتغنى له، وتقاوم محاولات حمام لإبعادها عن هذا المكان، فيلجأ المدرس العجوز إلى ضابط طيار كى يخرجها من الملهى الليلى وسط أجواء خمر ورقص وتنافس على الرجال وأموالهم، وعندما؟؟؟؟ تخضع للطيار والأستاذ حمام تجد نفسها تقتحم منزل الفنان يوسف وهبى فى الساعة الثانية صباحا فى اليوم التالى، وتستمع هناك إلى محمد عبدالوهاب يغنى لعاشق الروح، كل هذا السلوك تفعله تلميذة ابنة الثامنة عشرة تقريبا، أما حمام فهو الرجل (الهوذؤ) منذ اللحظة الأولى، فهو يتلقى التهكمات والسخريات من تلميذاته البنات، اللاتى سوف يصرن جميعا فيما بعد أقرب إلى ليلى، التى تفعل فى ليلة واحدة ما تفعله أى امرأة ساقطة تبحث الشهوة والمال.
هذا هو ما يحير فى الفيلم، وهذه هى البنت النموذجية فى نهاية النصف الأول من القرن العشرين تترك أباها الباشا نائما فى الڤيلا، وتدفع مدرسها الخصوصى كى يذهب بها إلى حيث يوجد حبيبها، وفى الطريق تغنى له أو يشتركان معا فى الغناء للعيون التى ترف، مع كل هذا الجو القمىء نراه بشوشا للغاية بصورة أبطاله، ومطلوب مننا أن نتعاطف معهم، ابتداء من المدرس الذى يحب على نفسه، ولا يتوانى أن يعبر عن ذلك من خلال مشاعر الغيرة تجاه الضابط الطيار الذى وقع فى الحب من أول صفعة يصفعها لحبيبته وهو يشدها من يدها وهى بين أحضان عشيق الليل الذى تذهب إليه.
اكتشفت هذه العلاقات منذ طفولتى الأولى، وكلما شاهدت الفيلم يمتلئ وجدانى بالشكوك والتوجس، فالمفروض أننا أمام نموذج الرومانسية فى تلك الفترة، ليلى مراد صاحبة الأغانى الجميلة ومنها هنا الحب جميل للى عايش فيه له ألف دليل اسألونى عليه، علما بأن ليلى مراد أقنعتنا كمشاهدين أنها أصغر من سنها الحقيقى باثنى عشر عاما وأنها تصلح أن تقوم بدور تلميذة فاشلة التى تغنى ساخرة من مادة اللغة العربية ومن أستاذها الذى سار منسجما، وهكذا ظل الفيلم يترك تأثيرا سلبيا بطىء للغاية فى أجيال المشاهدين حتى الآن نعم حتى الآن فهو أحد الأفلام المفضلة للعرض على قنوات الأفلام العربية وغيرها.

التعليقات