ارْفُقوا بِشابٍ واعدٍ من مصر! - إيهاب الملاح - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ارْفُقوا بِشابٍ واعدٍ من مصر!

نشر فى : الجمعة 27 ديسمبر 2019 - 10:15 م | آخر تحديث : الجمعة 27 ديسمبر 2019 - 10:15 م

بعد سنتين كاملتين من المعاناة والقهر لشاب مصرى ناجح؛ خُتمت هذه المعاناة بتأكيد حكم عسكرى صادر بحقه بالسجن 5 سنوات بتهمة إفشاء أسرار عسكرية لنشره كتابًا بعنوان «الملاك: الجاسوس المصرى الذى أنقذ إسرائيل» عن الشخصية المثيرة للجدل أشرف مروان! الكتاب ليورى بار جوزيف، وهو صادر فى الأصل عن إحدى دور النشر اللبنانية، وبمجرد صدوره عنها أتيح للملايين على شبكة الإنترنت، ثم تحول إلى فيلم ردىء أنتجته شركة «‬نتفيلكس» وتابعه الملايين على مستوى العالم.

قد يكون الأمر محل توصيف بأنه تسبب فى مشكلة أو أفشى أسرارًا، لو كان الظهور الأول للكتاب فى نسخته العربية تم على يد الناشر الشاب، أو لو كان هو السبب المباشر فى إذاعته ونشره على الجمهور فى مصر والعالم العربى!

لكن الحقيقة التى لا سبيل لإنكارها أن هذا الكتاب منشور ومتداول ومقروء على نطاق واسع قبل أن يقوم خالد بتوزيع نسخة واحدة منه فى مصر، والنسخ المصورة منه على شبكة الإنترنت متاحة ومتداولة قبل ذلك بشهور طويلة، فكيف يمكن أن يأتى سوء القصد أو نية ارتكاب خطأ توزيعه حتى إذا كان الفعل ذاته قائما وموجودا!

خالد لطفى الذى بدأ مشروعًا ثقافيا فى مجال توزيع الكتاب وتسويقه فى مصر؛ صار خلال سنواتٍ قليلة نموذجًا باهرًا للنجاح والانتشار والأمل! وفى الوقتِ الذى انتهت فيه أسطورة الحاج محمد مدبولى بوفاته عليه رحمة الله، وفى ظل انسداد سبل توزيع الكتاب مع انحدار وتردى الخدمات فى منافذ التوزيع الرسمية، وغياب الدعم الرسمى تقريبًا لنشاط النشر العام والتوزيع والتسويق.. إلخ ظهرت مكتبة تنمية للأخوين خالد ومحمود لطفى... بارقة أمل وبؤرة إشعاع حقيقى فى قلب القاهرة النابض، وفى مركزها الثقافى التاريخى «وسط البلد»، نموذج متكامل للخدمة العصرية فى عالم الكتاب وتسويقه؛ من أول العلاقات الإنسانية الممتازة والرائعة التى أنشأها خالد ومحمود مع الوسط الثقافى كله تقريبًا؛ كتابا ومبدعين ونقادا وصحفيين، مصريين وعربا وأجانب، ونجح خالد بإخلاصه ودأبه فى جعل القاهرة مرة أخرى سوقا جاذبة لدور النشر العربية (والبيروتية بخاصة) وبعد فترة إهمال وغياب ولا مبالاة من أصحاب هذه الدور للقاهرة وجمهورها أعاد خالد لطفى وصل هذه العلاقات الفاترة، واستحدث طرقًا وأساليب ترويجية متعددة وعروضا مغرية فى التوزيع والتسويق والترويج للكتاب تقرب المسافة بين الجمهور المصرى واقتناء الكتاب العربى الذى كادت أن تنقطع به الصلة بالكلية، ولهمةِ ونشاط ودأب خالد ومحمود صارت (مكتبة تنمية) قبلة كل المثقفين والكتّاب العرب، يحرصون على زيارتها والتوقف عندها والتقاط الصور التذكارية بها.

لقد صارت (مكتبة تنمية)، فعلًا، مقصدًا ثقافيا حقيقيا، ولمن لا يصدقنى فعليه مراجعة أرشيفات الصور الخاصة بكبار الكتاب والأدباء والمبدعين، من جميع أرجاء العالم العربى من المحيط إلى الخليج (والأسماء كثيرة فعلا دون تزيد أو مبالغة)؛ بل وحتى الكتاب الأجانب من أوروبا وأمريكا اللاتينية، صاروا يتوجهون إلى مكتبة تنمية للزيارة والتقاط الصور التذكارية، وتسجيل مرورهم بهذا المركز الثقافى النشط، فى وسط البلد.

إننى أوجه ندائى هذا، ومن هنا، مع أساتذتى وأصدقائى رفقاء المهنة والقلم إلى أصحاب القرار، وإلى من يعنيهم أمر هذا البلد ومستقبله وشبابه، ارفقوا بخالد لطفى وأصدروا قرارًا بالعفو عنه وإخراجه من محبسه، فلم يجرم الرجل ولم يقتل ولم يمارس إرهابا بل كان كل ما قام به من نشاط وما أدى من خدمات لسوق النشر وتوزيع الكتاب وتسويقه، وللثقافة المصرية والعربية، حركة حقيقية جادة ونشطة وما قدمه خلال السنوات التسع الماضية هو بكل المقاييس إنجاز كبير، عجزت مؤسسات بأكملها عن صنع مثيله! أفيكون هذا جزاءه ومصيره؟!

وأختتم مقالى هذا بما ختمت به أستاذتُنا الجليلة عبلة الروينى مقالها أمس فى (أخبار اليوم): «هذه رسالة إلى الرئيس السيسى بتوقيع الأم المكلومة، وثلاث بنات صغيرات هنّ (بنات خالد)، أكبرهن لم تتجاوز الخامسة من عمرها!! نداء من أسرة خالد لطفى، ومن جموع الكتاب والمثقفين، طلبًا للعفو الرئاسى عن شاب، اختصمت 5 سنوات من عمره وجعًا وألمًا وظلمًا».