في ليلة ممطرة ‎‎ - محمود قاسم - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في ليلة ممطرة ‎‎

نشر فى : الجمعة 28 يناير 2022 - 9:05 م | آخر تحديث : الجمعة 28 يناير 2022 - 9:05 م

 

هذا هو عنوان الفيلم، كما كتب على شريط العرض، وليس كما جاء فى الموسوعات «ليلة ممطرة»، والفيلم من تأليف وإخراج وإنتاج توجو مزراحى عام 1939، والفيلم يشكل نقطة تحول لثلاثة أطراف معا هم المخرج والممثلة والمطربة ليلى مراد ويوسف وهبى، حيث إن نجاح الفيلم الذى لحن كل أغانيه محمد القصبجى، فكان ذلك فاتحة لانتاج مجموعة أخرى من الأفلام الرومانسية الغنائية المشابهة للمجموعة نفسها ومنها: «ليلى بنت مدارس»، و«ليلى فى الظلام» و«ليلى بنت الريف» و«ليلى»، كما أن الفيلم يعد نقطة نحول ملحوظة فى مسيرة المخرج من السينما الكوميديا الساذجة مع بطولات كل من فوزى الجزايرلى وشالوم وعلى الكسار إلى أفلام ذات قيمة إنسانية اقتبسها المخرج من نصوص أدبية عالمية ومنها فيلم «ليلى» عن المسرحية الفرنسية «غادة الكامليا» تاليف ألكسندر دوماس الابن، وأيضا فيلم «فى ليلة ممطرة» المأخوذ عن مسرحية فرنسية للكاتب والمخرج مارسيل بانيولو، والجدير بالذكر أن توجو مزراحى فتح باب اقتباس هذه النصوص وغيرها فى السينما المصرية طوال عقود القرن العشرين، أى أنه أول من اقتبس أعمال بانيول، وإن كان قد قام بتغيير تفاصيل النص الفرنسى المكتوب فى اكثر من معالجة بأسماء متعددة تجمع بين السيناريو السينمائى والروائى والمسرحى كل فى طبعة خاصة، ولقد قام بانيول بتحويل كل من «سيزار» و«ماريوس» و«فانى»، وفى مصر كانت الأفلام الشهيرة هى «توحيدة» و«شاطئ الذكريات» و«نغم فى حياتى» التى تدور أحداثها جميعا فى الموانئ أسوة بالنص الاصلى، باعتبار أن الشخصية الرئيسية تعيش فى مجتمع الصيادين وتطمح إلى الهجرة إلى الشاطئ الآخر من المحيط، ونحن نتوقف عند هذا الأمر لأن مزراحى كان شديد الحرص بلا سبب فى أبعاد أبطاله عن شاطئ البحر، وهو أمر مدهش للغاية لأن كل أفلام مزراحى السابقة تدور عند شاطئ الإسكندرية مدينته المولود به، يبدو أن المخرج الذى غادر الإسكندرية للعمل فى القاهرة بقية سنواته المهنية، ويبدو أنه قرر أن يطلق الثغر فى كل أفلامه التالية ولم يعد اليه رغم ان فيلم اليوم سكندرى الحدوتة والموضوع، وأمام هذا غيَّر أو اختصر القصة ليجعل الزوج البديل أحمد «يوسف وهبى» هو الرابح من زوجته سنية.
«فانى» فى النص الاصلى تحب زوجها سيزار الذى هاجر عن الميناء وتركها وفى احشائها جنين، وامام فكرة الشرف المصون فإن أباها يزوجها لرجل فى مثل سنه لعدة سنوات وهو ينسب الوليد الصغير إلى هذا الرجل الأكبر سنا حتى يعود سيزار ذات يوم كى يستعيد حبيبته وابنه، وكما نلاحظ فإن أفلام مثل «توحيدة» و«نغم فى حياتى» قد التزم تماما بالنص الذى كتبه بانيول، أما توجو مزراحى فقد اختصر نصف الرواية وجعل من العاشق رجلا شريرا يغتصب الفتاة كى يجبر أهلها الأغنياء على أن يتزوج منها، فصار شرير الفيلم الذى يجب أن يموت فى النهاية، وهى نفس المصائر التى عاشها العاشق الوغد فى فيلم «شاطئ الذكريات»، كما جسده شكرى سرحان.
نحن فى مجتمع الأغنياء فى القاهرة حيث الأب رجل أعمال كبير يقرر حماية اسمه من فضيحة ارتكبتها ابنته سنية فيتفق مع أحد العمال فى مؤسسته الصناعية كى تتزوج من الابنة مقابل دخل شهرى كبير، والغريب فى الفيلم أن أحمد يتصرف على أنه عامل فقير رغم أنه حاصل على دبلوم الهندسية العليا لكن الفيلم اهتم بالتحول البطىء الذى حدث بين زوجين غريبين اقترنا بشكل اجتماعى واهٍ، كى تلد المرأة ابنا له اب شرعى، ويعيش أحمد فى بيت الثرى ويقترب الزوجان عاطفيا من بعضهما، وفى تلك اللحظة يعاود العاشق الشرير الظهور ويبدأ فى ابتزاز الاسرة، وخاصة سنية كى يتزوجها ويعيد ابنها اليه، وهنا تبدأ الصراعات بين الأطراف والشرير ويهنأ أحمد بزوجته التى أحبها.
فى الفيلم استعان مزراحى بممثلين تواجدوا بعد ذل فى اغلب أفلامه ومنهم منسى فهمى والد سنية الذى رأيناه فى أكثر من فيلم مع المخرج، ومنها دور الأب فى فيلم «ليلى»، وهو رجل حريص على ألا يتزوج ابنه من امرأة خاطئة لقد ذكرنا من قبل أن هذا الممثل من نجوم الصف الأول فى الاندماج التمثيلى، وهو يستحق تكريم سينمائى يخصه.
لاشك أن فكرة «فانى» صارت غير صالحة فى بلادها منذ النصف الثانى فى القرن العشرين، ما يدل على المجتمعات الغربية سرعان ما تحركت اجتماعيا ضد الكثير من الممنوعات، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية فصارت فكرة الخطيئة والشرف صالحة للماضى فقط، أما المجتمع الشرقى فلا يزال منغلقا بشدة على مفاهيمه التى ورثها منذ مئات السنين، وعليه فإن فكرة الفترة يمكن أن تتجدد فى أفلام جديدة من أجل الشرف المصان، الشرف فقط فى الأعضاء الجنسية.

التعليقات