المقاطعة وسيلة وليست غاية - ريم سعد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المقاطعة وسيلة وليست غاية

نشر فى : الإثنين 29 يونيو 2009 - 10:23 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 يونيو 2009 - 10:23 ص

 فى معرض الجدل الدائر حول اختلاف موقفى مجدى الجلاد وفهمى هويدى إزاء الحديث الصحفى مع أوباما الذى حضره صحفى إسرائيلى، عرض عمرو الشوبكى فى مقال بالمصرى اليوم بتاريخ 11 يونيو 2009 لموقف تعرض له منذ سنوات حين كان عضوا فى جمعية الصحفيين الأجانب بفرنسا ورفض عرضا بالترشح لعضوية مجلس الإدارة بسبب وجود صحفى إسرائيلى ضمن أعضاء المجلس ما كان سيفرض عليه التعامل معه بشكل مباشر.

مع الوقت أصبح الصحفى الإسرائيلى رئيسا للجمعية ولم يجد من يواجهه، وعاد الشوبكى إلى مصر وظل فى داخله سؤال حول سلامة موقفه آنذاك. وأورد هنا نص إجابته: «وظلت إجابتى الداخلية كما قال الأستاذ فهمى ضميرية ونفسية خالصة، لأنى أعتبر أن التطبيع هو نسج علاقة مباشرة وثنائية مع الإسرائيليين.

 ولكن لن نقاطع العالم لأن هناك إسرائيليا فى ندوة أو احتفال عالمى، أما التفاعل المباشر والمحدود مع الإسرائيليين حتى لو كان ينطلق من نفس المنطق أى أن الداعى جهة دولية أو عالمية، فالخيار الشخصى هو الحاكم فى الموضوع ويحترم فيه كلا الرأيين، من حضروا ومن لم يحضروا».

إن موقف الشوبكى وتساؤلاته بشأنه يمثل تنويعه على مواقف وتساؤلات مشابهة أوردها بعض الكتاب فى الفترة الأخيرة فى إطار تزايد الجدل واحتدامه حول مسألة التطبيع والمقاطعة. وتعود أهمية الجدل فى اللحظة الحالية إلى أنه لم يعد كما فى السابق مناظرة بين طرفى نقيض مع أو ضد المقاطعة وإنما هو الآن يدور أساسا فى داخل معسكر المقاطعة بين من يرونها مسألة واضحة ومحسومة وبين من يرونها إشكالية جديرة بالتفكير والتفكيك.

 وتزداد الأسئلة ومعها الانشقاقات مع اتساع رقعة المناطق الرمادية ومع ظهور متغيرات جديدة لم تكن فى الحسبان، هل نعتبر مثلا الاشتباك مع إسرائيليين فى غرف الدردشة على الإنترنت تطبيعا أم لا؟ وما هو موقفنا من فلسطينيى 48 الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، والذى يرى الكثير منا وجوب تفادى التعامل معهم أخذا بالأحوط؟

المزعج فى الأمر أن المقاطعة تحولت من وسيلة لمقاومة العدو والضغط عليه وتحقيق مكاسب سياسية إلى أداة لشق صفوفنا والتناحر فيما بيننا واستنزاف طاقات فكرية وسياسية كان الأجدر أن تبذل فيما هو أكثر نفعا. كما أن غياب الاحترام لعنصر «الخيار الشخصى» واستخدام العقوبات النقابية وغيرها يقلل من قيمة المقاطعة كحركة اجتماعية تلقائية وينزع عنها صفة أساسية من صفات الحركات الشعبية الناجحة وهى طواعية المشاركة.

أتفق مع صلاح عيسى فى دعوته بمقاله فى المصرى اليوم بتاريخ 13 يونيو 2009 القوى الوطنية الرافضة للتطبيع إلى جمع صفوفهم والتنسيق بين مواقفهم ولكن ليس بهدف إعادة «ضبط تعريف مصطلح التطبيع» وإنما بهدف إيجاد ساحة حوار آمنة تطرح فيها الأفكار بحرية وصراحة دون الخوف من الوصم والتخوين والتصنيف.

 أتفق معه أن المنطقة مقبلة على «هجمة تطبيعية» ولهذا السبب تحديدا فإن الفترة المقبلة لن ينفع معها تعريف واحد جامع مانع. المقاطعة لكى تؤتى ثمارها لا بد أن تكون ذكية ومتحركة وقادرة على تطوير أدواتها باستمرار.

المقاطعة وسيلة وليست غاية. هى مجموعة أدوات لتحقيق أهداف سياسية ويجب أن تكون كفاءتها وقدرتها على تحقيق هذه الأهداف محط مراجعة مستمرة. المقاطعة تقاس بفاعليتها السياسية ولا يقاس عليها المعدن الأخلاقى للأفراد.

التعليقات