فلتتوقف إسرائيل عن سياسة الغموض - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فلتتوقف إسرائيل عن سياسة الغموض

نشر فى : الأربعاء 30 يناير 2019 - 12:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يناير 2019 - 12:10 ص

فى نهاية يناير 2013 هاجمت إسرائيل لأول مرة فى الأراضى السورية شحنة سلاح إيرانى كانت فى طريقها إلى حزب الله. وبعد أيام قليلة على ذلك تطرق وزير الدفاع آنذاك إيهود باراك إلى الهجوم قائلا: «حذرنا، وفى النهاية تحركنا»، وقد قصد بقوله هذا إن إسرائيل هى خلف الهجوم.
لقد أزال باراك، من خلال إعلان مسئولية إسرائيل بصورة مباشرة وواضحة عن هذا الهجوم، الغطاء الشفاف من الغموض الذى كان يُفترض أن يلف عمليات إسرائيل فى سوريا. ربما يكون أراد بذلك إيصال رسالة حادة إلى السوريين والإيرانيين، أو ربما أراد أن يضع أسس «إرثه» كوزير دفاع، كما فعل رئيس الأركان المنتهية ولايته غادى أيزنكوت، الذى كشف عقب انتهاء ولايته أن الجيش هاجم آلاف الأهداف فى سوريا.
ومنذ ذلك الحين نفذت إسرائيل مئات الهجمات على الأراضى السورية، استهدفت فى معظمها ــ إذا لم يكن كلها ــ شحنات سلاح متوجهة من طهران إلى بيروت. وفى بعض الأحيان هوجمت مخازن سلاح أو مصانع، تعود فى جزء منها إلى الجيش السورى، وكانت تستخدم لتخزين أو لإنتاج سلاح متقدم لحزب الله.
لقد امتنعت إسرائيل غالبا من تحمل مسئولية هذه الهجمات، لكن الغموض لم يكن موجودا، وإنما لعبة «يبدو لى». السوريون تقريبا بصورة دائمة تحدثوا عن الهجمات، ولو فى وقت متأخر مع إخفاء الأهداف الدقيقة التى هوجمت. وأحيانا كان الروس والأمريكيون يسبقون السوريين فى الإعلان عن الهجمات، الأمريكيون كانوا يتخوفون من أن يتهموا بعلاقتهم بها، الأمر الذى كان من المحتمل أن يورطهم فى الحرب فى سوريا، لذا كانوا يسارعون إلى وضع المسئولية على عاتق إسرائيل.
يساعد الصمت الإسرائيلى قبل كل شىء على أن يخفى عن العدو كم هو مكشوف ومخترق من جانب القدرات الاستخباراتية والعملانية الإسرائيلية، كما أنه ضرورى للجهود الرامية إلى عدم إحراج بشار الأسد أو قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس، لأن تحمل إسرائيل المسئولية رسميا سيحرجهما ويدفعهما إلى الرد. وفى كل الأحوال، عمليا، لم يكن الغموض موجودا بصورة دائمة.
يعنى الغموض أن الطرف الثانى ليس مقتنعا بأن إسرائيل هى وراء عملية أو هجوم ضده أو فى أراضيه. والأمثلة على هذا كثيرة: عمليتا اغتيال عماد مغنية أو محمود المبحوح نسبتا إلى إسرائيل. وكان تقدير حزب والله و«حماس» أن إسرائيل هى وراء الاغتيالين، لكن من دون وجود دليل قاطع، امتنعا من تحميل إسرائيل المسئولية ومن الرد.
فى السياق السورى، الغموض ربما يكون ذا فائدة بالنسبة إلى الجمهور الإسرائيلى، لكن ما وراء الحدود ليس لدى الناس أدنى شك فيما يحدث. وحتى من دون الإعلان رسميا عن المسئولية، فقد تعامل جيراننا مع هذه الهجمات بصفتها عمليات إسرائيلية. ولمحت مجموعة كبيرة من وزراء الأمن والجنرالات مرارا وتكرارا، وأوضحت أحيانا، أن إسرائيل هى المسئولة.
وبالتالى يبدو من المبالغة الادعاء بأن التصريحات التى برزت أخيرا فى إسرائيل هى التى دفعت الإيرانيين إلى الصعود درجة والرد على هجمات إسرائيل. فى نهاية الأمر، فى إيران كما فى سورية، لا تحدد السياسة بحسب عناوين الصحف فى إسرائيل. فالإيرانيون لا يهمهم الرأى العام فى إسرائيل أو «الكلام المتغطرس» لزعمائها، وإنما الواقع على الأرض.
وفى الواقع، نجحت إسرائيل من خلال عملياتها فى عرقلة، وحتى كبح، محاولات طهران إحكام قبضتها على سورية. وبما أن المقصود هو المصلحة الإيرانية العليا، تصر طهران على تغيير قواعد اللعبة، وخصوصا أن الحرب فى سورية توشك على الاقتراب من نهايتها، وأن العلاقات الروسية ــ الإسرائيلية تمر فى أزمة.
لقد حان الوقت لاستبدال الغموض، الذى لم يكن موجودا قط، بتصريحات واضحة تشرح ما هى خطوط إسرائيل الحمر التى لن تسمح لطهران بتجاوزها.

إيال زيسر
يسرائيل هَيوم

التعليقات