إشمعنى هو؟ - أميمة كمال - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إشمعنى هو؟

نشر فى : الأحد 30 مايو 2010 - 4:47 م | آخر تحديث : الأحد 30 مايو 2010 - 4:47 م

 كنت قد كتبت الأسبوع الماضى عن لغز منتجع السليمانية، وكيف أن الحكومة تركت صاحبه يبنى بمنتهى الهمة فيللات، وموتيلات، وملاعب، وأرض جولف على طريق مصر ــ إسكندرية الصحراوى، ثم كاشفتنا فجأة بأنه مخالف، وكأنها عادت إليها الذاكرة بعد ما يزيد على ربع قرن من بداية نشاط صاحب هذا المنتجع. ولم تخجل منا عندما أعلنت على الملأ أنه ليس من حقه البناء إطلاقا، بل كان عليه فقط زراعة الأرض التى حصل عليها بسعر يقل عن جنيهين للمتر الواحد. يعنى اعترفت أنه اشترى متر الأرض بأقل من ثمن علبة سجائر كليوباترا، ويا ريتها حتى علبة «بوكس» أو «سوبر».

ولم أكن أقصد بالطبع التركيز على مخالفات صاحب هذا المنتجع وحده، ولكن كنت أتسأل ما إذا كانت الحكومة تنوى البحث عن أصحاب منتجعات آخرين سواء على نفس الخط الصحراوى أو غيره، أم أن السليمانية هى نهاية المطاف. ولم يصل طموحى، ولعله لن يصل يوما، أن يفتح المسئولون هذا الملف بجد.

أو أن يحاسبوا كل من بنى أرضا، كنا ننتظر منها أن تطرح لنا زرعا، أو أن يستردوها منهم.

لن تفعل. ليس فقط لأن الحكومة لم تعد تملك من القوة ما تسمح لها بتنفيذ القانون، ولكن لدواعٍ خاصة بمراعاة صلة الرحم. فإذا ما أخذت الحكومة الأمر مأخذ الجد، فستجد أن عليها أن تطرد الكثير من ذوى القربى من أسر المسئولين وأصحابهم، وأبنائهم، وأحفادهم، وربما قبلها سيكون على كثير من أعضاء الحكومة ذاتهم أن يسلموا مفاتيح فيللاتهم.

لم أصدق يوما أن الحكومة سوف تنفذ تهديدها وتسحب الأرض وما عليها سواء من صاحب السليمانية أو أقرانه، ولكن كل ما كنت أقصده أن تأخذ الحكومة حقها من الضرائب على الأرباح التى تحققها هذه الشركات من بيع المتر بآلاف الجنيهات بينما اشتروها بأقل من ثمن نصف علبة مارلبورو.

ولكن ما زاد يقينى من أن الحكومة لن تنفذ تهديدها بسحب أراضى السليمانية وما عليها، تنفيذا لبنود العقد بين وزارة الزراعة وبين صاحبها، هو التصريح العلنى الصارخ الذى قام به صاحب منتجع السليمانية الأسبوع الماضى. فبدلا من أن يخفى مبانيه وملاعبه عن الأعين، نشر إعلانا على صفحتين يفتخر فيه دون أى مواربة بما قام به. وأعلن صاحب المنتجع عن أنه حقق «بفضل الله» سكنا حضاريا لنحو 30 ألف نسمة، وبصدد طرح عدد محدود جدا من الفيللات.. والأهم أنه أعلن عن رقم ترخيص المبانى الذى حصل عليه. والحقيقة أن صاحب السليمانية كان فى إمكانه لو أراد أن يتجمل أو يحسن الصورة، حتى ولو على سبيل مجاملة الحكومة. كان يمكن له أن يشترى كام كيلو من الخيار أو البرسيم أو الجرجير أو الكابوتشى أو الكيوى، أو الكوسة وهى الأفضل.

وينشر فى إعلانه صورة له وهو يبتسم مع عدد من الفلاحين (الكومبارس) وهم يسلمونه المحصول فرحين وهم يغنون «محلاها عيشة الفلاح فى أرض الاستصلاح».

ولكن يبدو أن صاحب المنتجع قد فضل المكاشفة مع الحكومة. ويبدو أن مكاشفته هذه قد استفزت الحكومة وخرج السيد أمين أباظة وزير الزراعة فى تصريحات صحفية يتوعد صاحب السليمانية بفسخ العقد، وبإزالة المخالفات التى اقترفها، وباسترداد الأرض التى استولى عليها، واعتبر الوزير أن فى الإعلان الذى نشره إدانة كاملة له. ثم حذرت هيئة التعمير والتنمية الزراعية المواطنين بعدم التعامل مع هذا المنتجع ووصف مسئول كبير بالزراعة هذا الإعلان بالمضلل.

وطبعا هذا المشهد يضع هيبة الحكومة على المحك. وقد يكون كافيا لدى البعض لكى يتوقع أن تسارع الحكومة، منعا للحرج، بتنفيذ تهديدها حتى ولو من باب الحفاظ على ما بقى من ماء الوجه. ولكن بالنسبة لى الأمر ليس على هذا النحو. لأن الحكومة لو فعلت هذا فسوف يكون عليها أن تنفذ تهديدها مع المخالفين الآخرين، خاصة أن صاحب السليمانية سوف يرفع عليها قضية تحت دعوى «اشمعنى أنا» وهى دعوى نافذة.

ومن لا يصدق فعليه أن يعود إلى مصير نائب القمار فى مجلس الشعب الذى كان متلبسا بتهريب 550 تليفونا محمولا دون دفع الرسوم الجمركية، وحكم عليه بالسجن عامين وبغرامة مالية. ومع ذلك تمت تبرئته بدعوى اسمها «اشمعنى أنا» بعد أن أثبت محاموه أن وزير المالية يتصالح مع جميع المتهربين، لذلك له الحق هو الآخر فى التصالح. إشمعنى هو؟

okamal@shorouknews.com

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات