قُبلة فى الهواء للسادة النواب - محمد موسى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قُبلة فى الهواء للسادة النواب

نشر فى : الثلاثاء 30 أغسطس 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 أغسطس 2016 - 9:35 م
جلسة الأحد الماضى فى البرلمان كانت بين الأهم فى دور الانعقاد الأول، لأنها شهدت مناقشة قانون ضريبة القيمة المضافة، وهو قانون سيترك ندوبه طويلا على قلوب وجيوب المصريين.

الجلسة التاريخية بدأت بقبلة فى الهواء من رئيس المجلس إلى نوابه، فى مداعبة معتادة كما كتبت مواقع الأخبار، وانتهت بمشادات ومؤتمر صحفى عقده نواب معارضون للقانون، وتهديد من رئيس المجلس بتذنيبهم أمام لجنة القيم، وكشف مستورهم.

فى بداية الجلسة عاتب الرئيس نوابه على انصرافهم للمحمول ومكالماته، وعاقبهم بأجهزة التشويش، لإجبارهم على متابعة ما يقال، فالقانون «شديد الأهمية، وبه مصطلحات فنية»، كما قال، ودخل المجلس أجواء مناقشة الضريبة.

من حق الدولة أن تزيد مواردها، لكن الضريبة الجديدة ضربة قاصمة للطبقات الوسطى والدنيا، مع صعود التضخم إلى مستويات قياسية أخيرا، ومن قبل البدء فى تطبيقها. يخضع للضريبة شركات ومصانع ومتاجر ومكاتب خدمات، وأفراد غير مرتبطين بمكاتب أو شركات، كالمحامين والمهندسين وأرباب الأعمال الحرة، فكيف نقتنع بما قاله رئيس المجلس، من أن طبقة محدودى الدخل لن تضار من القانون، وكيف نتصور الفقراء خارج كل الأسواق التى سيدهسها القانون بخطواته الثقيلة؟

رفض أعضاء من تكتل «25 – 30» هذا القانون جملة أو تفصيلا، وهى آراء متوقعة فى أى برلمان فى العالم. لكن رئيس المجلس أوقف الكلمات، وقرر التصويت بالأيدى على إغلاق باب النقاش، فانسحب النواب الغاضبون.

فى البهو الفرعونى، تحدث المنسحبون للصحفيين عن أسباب رفضهم للقانون، ولأسلوب مناقشته بالمجلس، وهذا حق النواب فى شرح مواقفهم، وحق الرأى العام فى أن تبلغه الصحافة بحقيقة ما جرى.

إلى هنا نحن أمام أجواء برلمانية طبيعية، لكن رئيس المجلس قرر الارتقاء بهذه الأجواء إلى عالم الإثارة، وهو يؤكد أن «هذا التصرف لن يمر مرور الكرام»، وأن لديه موضوعين فى منتهى الخطورة ستتم مناقشتهما فى جلسة سرية، «تخص اتصالات تمت بين عدد من أعضاء المجلس، ومنظمات فى الخارج».

قرر رئيس المجلس إحالة أعضاء التكتل إلى لجنة القيم، ووافق باقى الأعضاء.

وضحت الصورة.

من يتجرأ على مناقشة القانون بجدية أو الاحتجاج على التصويت اليدوى، ثم يبلغ الرأى العام والصحافة بموقفه فهو عميل، يتلقى تعليماته من منظمات الخارج.

وكالة رويترز وصفت المنسحبين بأنهم ينتمون لتكتل يسارى يضم نحو 60 نائبا، وكتب عماد جاد أنهم يمثلون «المعارضة الوطنية التى تحمل هموم الوطن وتعبر عن هموم عموم المصريين وفى المقدمة البسطاء والمطحونون».

لماذا ينفى مجلس النواب عن نفسه شرف الارتباط بهموم الوطن والمواطن، فيرسل قبلاته فى الهواء لنواب الموبايل والمناوشات اللفظية الجارحة، ويصف محاولة النواب الجادين بأنها «محاولة لإسقاط البرلمان».

الذين يريدون إسقاط البرلمان هم من اختاروه من مربع واحد لا يمثل كل المصريين، وأغروا أعضاءه بعلاقة حب من طرف واحد مع الحكومة، يبلعون لها الزلط مهما كان حجمه، ويتنافسون فى حبها، فيسجلون مخالفات دستورية ولائحية بعضها جسيم، ويمررون الجَمَل من سم الخِياط. لماذا يريد المجلس دخول التاريخ على أنه برلمان التزويغ والغياب وسقطات الواتس آب، واللعب على الموبايل فى لحظات تقرير مصير الوطن؟

قُبلة أخرى فى الهواء لنواب الموافقة، وطوبى لمن سيعاقبهم رئيس المجلس على جديتهم، وكل العزاء لقلوب الشعب التى كانت معلقة بنوابه، ثم فاجأتهم أمطار الضرائب الموسمية والاستوائية.
محمد موسى  صحفي مصري