«الست» التى ملأت الدنيا وشغلت الناس - سمير عمر - بوابة الشروق
الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 1:49 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

«الست» التى ملأت الدنيا وشغلت الناس

نشر فى : الأحد 30 نوفمبر 2025 - 6:55 م | آخر تحديث : الأحد 30 نوفمبر 2025 - 6:55 م

أعجبنى الإعلان الترويجى لفيلم «الست» المأخوذ عن قصة حياة كوكب الشرق أم كلثوم، وساءنى ما تعرض له الفيلم من هجوم قبل أن يعرض، بسبب ما اعتبره البعض اختيارا غير موفق للنجمة منى زكى فى أداء دور كوكب الشرق، وأفزعنى ما حمله رد مؤلف الفيلم أحمد مراد فى معرض دفاعه عن اختيار منى زكى بشكل خاص، وعن فيلمه الذى لم يعرض بعد بشكل عام. 

أقول أعجبنى الإعلان لأنه حمل الكثير من عناصر التشويق لفيلم مأخوذ عن قصة حياة من «ملأت الدنيا وشغلت الناس» لنحو نصف قرن من الزمان ، وما تزال سيرتها العطرة حاضرة بقوة رغم مرور نصف قرن على رحيلها.

إن الاقتراب من سيرة أم كلثوم هو مغامرة دون شك، فالسيدة التى ولدت بقرية صغيرة فى ريف مصر أواخر القرن التاسع عشر، لم تكن مطربة عظيمة الموهبة وحسب، بل كانت عبقرية استثنائية فى كل جانب من جوانب شخصيتها، لذا فإن محاولات تجسيد شخصيتها وإعادة تقديمها لجمهور هذا الجيل أمر بالغ الصعوبة  

أقول ساءنى ما تعرض له الفيلم قبل عرضه إنطلاقا من أن النجمة منى زكى التى تلعب دورها لا تشببها، أو لأن «الماكياج» لا يقدم صورة طبق الأصل من كوكب الشرق، وهنا بيت القصيد كما يقولون، إذ ليس من الضرورى أن تحمل منى زكى ملامح أم كلثوم، وليس من اللازم أن تكون بذات المواصفات الجسمانية، فالأهم أن تكون الممثلة قادرة على استحضار روح أم كلثوم وشخصيتها، وهذا أمر لو تعلمون عظيم. 

وهذا يأخذنى إلى ما أفزعنى فى رد الكاتب أحمد مراد مؤلف الفيلم، فقد سار مراد فى معرض رده فى ذات الطريق الذى رسمه منتقدو الإعلان الترويجى، ومن ثم الفليم المرتقب عرضه ، فكأن من انتقد ومن دافع، لا يعرف قدر «الست» ولا يدرك مواطن العبقرية فى شخصيتها. 

يروى عمنا محمود عوض عن أم كلثوم: 

كنا فى ستديو 47 بالإذاعة  مايو 1972: ابتسامتها تملأ الاستديو، الموسيقيون يتزاحمون خلفها، المهندس زكريا يراقب، بليغ حمدى قلق. أنا مضطر لاقتسام القلق معه، فلا يوجد غيرنا. 

أم كلثوم تخرج. إنها جاءت لتستريح. أهلا أهلا. 

-لازم متجيش إلا إذا كلمتك أنا؟

قلت لها: إنك صاحبة الحق فى ذلك. 

شىء ما يقلقنى، لا يمكن أن تستدعينى أم كلثوم بهدف سماع بروفة، لا هى عادتها ولا أنا أريد. إذن .. ماذا؟ 

قالت أم كلثوم بطريقة عابرة: مش تقول مبروك لمدحت؟

قلت: نحن لسنا أصدقاء تماما، ولكن باعتباره ابن ابن شقيقتك، أقول له مبروك.. إنما مبروك على إيه؟ 

قالت أم كلثوم بشعور من الفخر والاعتزاز: خطبت له بنت ناس كويسين أوى. 

-عظيم. 

صمت… 

ثم قالت أم كلثوم: انت هتتجوز امتى؟ 

قلت: مش عارف. 

قالت: على فكرة أنا فيه حاجة محيرانى فيكم انتم ولاد اليومين دول.. انت ما بتتجوزوش ليه؟

-مش عارف .. أنا لم أفكر. 

-أمال بتفكر فى إيه؟ 

إنها الأم، أم كلثوم الرقيقة، أم كلثوم، إنها تتكلم عن بنت الناس وبنت الأصول ومدحت واهتمامها بمدحت، و.. بدأ التسجيل. 

يروى محمود عوض عن أم كلثوم الكثير، وهو الذى اقترب منها وإن فى سنوات عطائها الأخيرة فيكشف العديد من جوانب عبقريتها وشخصيتها المتفردة.

«أن تكون قريبا من أم كلثوم معناه أن تعيش فى دنيا أم كلثوم، دنيا أم كلثوم هى الغناء. إن الغناء كان هو فكرتها الأولى عن الحياة.

إن اللغة داخل منزلها كانت دائما: ما هو موعد الحفلة؟ موعد التسجيل؟ موعد البروفة؟ 

حينما تغنى، أو حتى تستعد لكى تغنى، فإنها كانت تطير فى الهواء حتى وهى فوق كرسى. إنها تسبح فوق المسرح كما لو كانت لها أجنحة خفيفة غير مرئية، لحظتها تذوب الإنسانة فى صوتها.

إن تقديم فيلم عن «الست» ليشاهده أبناء هذا الجيل الغارق فى «إيقاع أغانى المهرجانات» مهمة صعبة، وهذا ما يقلقنى أكثر من ملامح منى زكى ومكياجها.

 

سمير عمر كاتب صحفي يمتلك خبرة تمتد لنحو ثلاثة عقود في مجال الصحافة والإعلام
التعليقات