كيف تطرف عشماوي.. وما دلالات تسليمه لمصر؟ - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تطرف عشماوي.. وما دلالات تسليمه لمصر؟

نشر فى : الجمعة 31 مايو 2019 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 31 مايو 2019 - 8:07 م

يعرف الجميع تنظيم «أنصار الشريعة» الذى قتل 14 ضابطا وجنديا من الشرطة المصرية فى محافظة الشرقية بقيادة أحمد عبدالرحمن، ولكن لا يعرف من المنظر الفكرى له.

ويعرف الجميع تنظيم «المرابطون» الذى قاده هشام عشماوى والذى قام بأفظع العمليات والتفجيرات ومنها عملية الكتيبة. ١٠١ والهجوم على مراكز حرس الحدود المصرية المعروفة باسم الفرافرة (1)، (2) عملية الهجوم على ضباط الأمن الوطنى بالواحات، فضلا عن تفجير مديريتى الأمن فى القاهرة والدقهلية.

ولكن لا أحد يعرف المنظر الحقيقى والمفكر الذى علم هشام عشماوى فكرة التكفير التى أودت به وبتنظيمه إلى ثنائية «التكفير والتفجير».

وكلنا يعرف مجموعة ضباط الصاعقة المفصولين الذين جاء بهم المقدم طارق أبو العزم وهشام عشماوى ووليد بدر وعماد عبدالحميد، والذين خططوا ونفذوا لعمليات خطيرة فى مصر منها ما سبق ذكره ومنها محاولة اغتيال اللواء/ محمد إبراهيم بتفجير سيارة مفخخة فى موكبه والتى خطط لها ونفذها ضابط الصاعقة المفصول/ وليد بدر ومنها عملية الواحات التى خططها عشماوى مع تلميذه عماد عبدالحميد.

ولكن لا أحد يعرف المفكرين التكفيريين الذين حولوا فكر هؤلاء الضباط من الاعتدال إلى التطرف، ومن اعتقاد أهل السنة إلى عقيدة الخوارج والتكفير.

وكلنا يعرف تنظيم أجناد مصر الذى قاده «همام محمد عطية» الذى قام بعشرات التفجيرات وخاصة فى محافظة الجيزة وميدان النهضة حتى استطاعت أجهزة الأمن القضاء عليه ، ولكن لا أحد يعرف المنظر الرئيسى والأساسى لهذا التنظيم التكفيرى.

كل هذه التنظيمات المسلحة لم تأت من فراغ ولم تولد بين عشية وضحاها، فقبل الضغط على زناد السلاح أو الضغط على مفجر القنابل والألغام كان هناك الفكر الذى أمر بذلك.

ومعرفة المفكر الذى ألهم التنظيم الفكرة التكفيرية شىء هام، فالمفكر الأساسى لهذه المجموعات هو رفاعى سرور، وهو أحد تلاميذ عبدالمجيد الشاذلى الذى هو من أنبغ تلاميذ الشيخ سيد قطب.

وتحركت فكرة التكفير عبر هذا المثلث حتى شاء القدر أن ينشر رفاعى سرور هذه الأفكار فى شرق القاهرة كلها انطلاقا من منطقة المطرية، ثم جاءت فرصته الكبرى لنشر أفكاره عبر مجموعات «حازمون» التى اكتسحت القطر المصرى كله بعد ثورة يناير.

واستقطب الشاذلى وسرور الشيخ/ حازم أبو إسماعيل ودعماه وأمرا جميع أتباعهما بدعمه وكونا الغطاء الفكرى والدعوى لحركته.

كانت هذه المجموعة من الضباط مثل غيرها لا يعرف عقلها فكر التكفير ولم تتشرب نفسها أفكاره حتى التصقت مع العشرات من الشباب عقب ثورة يناير بمنظرين من أقوى منظرى التكفير وهما عبدالمجيد الشاذلى ورفاعى سرور، وهذه التنظيمات استغلت الغياب الكامل لمؤسسات الدولة المصرية مع الفراغ الأمنى الكامل وتوحدت مع المجموعات السيناوية الهاربة من السجن، واستغلت وجود مدربين فلسطينيين ذوى كفاءة عالية فى مثلث «رفح الشيخ زويد العريش» فى شمال سيناء والوجود المكثف لأسلحة الجيش الليبى ومتفجراته الحديثة، فضلا عن إرسال بعض الشباب لسوريا وليبيا للتدريب والقتال.

كل هذه العوامل صبت فى تكوين تنظيمات تكفيرية تفجيرية شرسة بدأت عملياتها وتفجيراتها بعد اسقاط حكم الاخوان ،وهى تعتبر أشرس وأفظع عمليات إرهابية فى تاريخ مصر كله.

كانت هذه هى البداية الحقيقية لهشام عشماوى.. فمن هو الرجل؟

هشام عشماوى ضابط الصاعقة المفصول من الخدمة هو الذى كون تنظيم «المرابطون»، وهذا التنظيم كان جزءا من أنصار بيت المقدس الذى كان يقوم بعملياته فى سيناء وغيرها وذلك قبل مبايعته للبغدادى وتحوله لداعش ولاية سيناء، ورفض عشماوى وتلاميذه ترك القاعدة، وكونوا تنظيما وحدهم ظل على ولائه للظواهرى، وتنظيم «المرابطون» بقيادة عشماوى، انضم إلى مجموعات مختار بلمختار واعتبر نفسه الفرع المصرى له، وقام بعمليات كثيرة قبل وبعد الانفصال، منها محاولة اغتيال اللواء/ محمد إبراهيم والفرافرة 1، والفرافرة 2، ومذبحة العريش 3 وتفجير القنصلية الإيطالية بالقاهرة، والذى خطط عملية الواحات أما منفذها فهو تلميذه عماد الدين عبدالحميد والذى نعاه البيان.

التحق هشام بالجيش المصرى فى التسعينيات ثم التحق بالصاعقة المصرية واعتنق بعض الأفكار التكفيرية على يد الضابط السابق طارق أبو العزم «المحكوم عليه بالمؤبد حاليا» فتم فصله من الخدمة، سافر إلى سوريا عبر تركيا متسللا ثم عاد إلى مصر وانضم إلى أنصار بيت المقدس بسيناء، ذهب إلى ليبيا ليشارك فى الحرب ضد القذافى، عاد للقاهرة بعد 30 يونيه وعزل مرسى، تولى التدريب فى أنصار بيت المقدس بسيناء، وخطط ورصد مع تلميذه عماد عبدالحميد «قائد عملية الواحات» اللواء/ محمد إبراهيم، أما الذى فجر العبوة فهو تلميذه الضابط/ وليد بدر وهو المسئول عن مذبحة العريش الثالثة، والفرافرة 1 و2.

اختلف هشام مع داعش فى درنة مما حدا بالأخيرة إلى تكفيره وإهدار دمه، معظم تلاميذ هشام عسكريون سابقون أو مدنيون حصلوا على تدريبات راقية فى سوريا أو ليبيا، ولذا فإن معظم عمليات «المرابطون» تتميز بالاحتراف والتخطيط العسكرى وتجهيز الإنجازات والكمائن التى تحسنها الصاعقة.

ولكن ما هى الدلالات الاستراتيجية لتسليم هشام عشماوى لمصر؟ يمكننا تلخيصها فى الآتى:
أولا: ذراع مصر الأمنية والعسكرية والسياسية أصبحت تطول مناطق كثيرة فى الشرق الأوسط منها ليبيا على سبيل المثال لا الحصر، ومعظم الدول الآن حولها ضعيفة أو شبه مفككة وقد تحتاج إلى عونها الأمنى أو العسكرى أو السياسى بحيث أصبحت مصر من الدول القوية فى المنطقة مرة أخرى.

ثانيا: خطر الإرهاب المقبل على مصر من الناحية الغربية قد تلاشى تماما، وأن هذا التهديد قد انتهى تقريبا، فقد كان هشام عشماوى فاعلا ومؤثرا فى تكوين وتشغيل وتأطير المجموعات القاعدية التكفيرية فى هذه المنطقة، وساعد على تلاشى هذا الخطر عوامل أخرى منها بسط النفوذ السياسى المصرى داخل ليبيا، والنشاط المصرى داخل إفريقيا وكذلك سيطرة الجيش الوطنى الليبى على مفاصل مهمة داخل التراب الليبى.

ثالثا: القبض على هشام عشماوى وتسليمه لمصر سيعطى دفعة معنوية هائلة للجيش والشرطة المصرية وتشجيعهم لإنهاء الخطر المقبل من الشرق مثلما أنهوا الخطر المقبل من الغرب.

رابعا: القبض عليه سيعطى انتكاسة معنوية للإرهابيين وخاصة من دواعش سيناء الذين يتدهور موقفهم يوما بعد يوم، ويتلقون ضربات قاصمة ويزداد موقفهم العسكرى والأمنى والمالى والتسليحى سوءا بعد إغلاق جميع المنافذ التى كانت تمولهم ماليا وتسليحيا وقتل الكثير من قادتهم البارزين.

كما سيؤدى القبض على عشماوى إلى إحباط كبير فى الروح المعنوية لكل الذين يمارسون الإرهاب أو يفكرون فيه.

خامسا: وقوع عشماوى فى قبضة الجيش والأمن المصرى يعنى أن الإرهاب كله عبر العصور لا مستقبل له ولا جدوى منه ومصيره الزوال، وأن الدولة مهما كانت حالتها ووضعيتها ونظامها ملكية أو جمهورية فقيرة أو غنية، شفافة أو فيها مشاكل، ديمقراطية أو ديكتاتورية، متقدمة أو متخلفة، ستنتصر على الإرهاب، لأن الدولة مهما كانت فيها من هنات فهى أفضل وأأمن وأرقى للناس وأرحم بهم من الميليشيات، وأن أسوأ دولة أفضل من أحسن ميليشيا، وأن فقه الدولة يتسع للناس جميعا، أما فقه الميليشيات فهو لا يتسع إلا لها ثم يضيق بعد ذلك حتى على أصحابه.

سادسا: القبض على عشماوى يعنى تناغم مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والسيادية وبسط نفوذها ليس فى مصر فحسب ولكن خارجها أيضا، وأن ثمة شراكات استراتيجية بينها وبين الدول الأخرى، وأن هذه الدول أصبحت تثق فى عودة اللياقة والقوة إلى هذه الأجهزة مرة أخرى.

سابعا: بداية النهاية لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش فى إفريقيا عامة وشمالها خاصة، بعد انهيار المشروع الفكرى والعقائدى للقاعدة وداعش، كما أن مستقبل القاعدة فى الشمال الإفريقى كله قد قارب على الزوال، وسينعكس ذلك على تونس والجزائر والمغرب وتشاد، ومالى، ويطال نيجيريا وبوكو حرام.

وتواكب ذلك كله مع امتداد مصرى إلى إفريقيا سيحرم خصوم مصر من ملعب كبير كان يمكنهم السيطرة عليه، وتحول إفريقيا لمساحة مفتوحة للاستثمارات المصرية وخاصة فى مجالات المقاولات والطب والدواء.

ثامنا: ترسيخ جديد للقاعدة المعروفة والمستقرة، أن أى تنظيم أو ميليشيا مسلحة مهما كانت قوته لا يستطيع أن يهزم دولة مهما كان ضعفها، فعند الوقوف على المحك ينحاز الناس للدولة ويقفون إلى جوارها، فضلا عن ثبات مؤسساتها واستقرار نظم عملها، وعمق وتجذر الأسس التى تقوم عليها مؤسسات الدولة بالنسبة للميليشيات التى لا تقوم على قاعدة ثابتة أو عمق تاريخى أو أسس مستقرة أو نظم ثابتة.

تاسعا: هشام عشماوى فى قيادته العسكرية لأنصار بيت المقدس فى سيناء وكذلك تنظيم «المرابطون» فى ليبيا، يؤكد القاعدة المستقرة أن قيادة التنظيمات الإرهابية فى العالم عادة ما تسند لمصريين مثل أيمن الظواهرى، وعشماوى وعشرات غيرهما فى التنظيمات العالمية.

التعليقات