تزخر صحراء جنوب سيناء بالعديد من الأسرار التي تجمع بين التاريخ والجغرافيا، والطبيعة الخلابة، والأودية التي تتوسط الجبال، ومنها وادي "الصفحة" الذي يقع على بعد كيلومترات قليلة من قرية الشيخ عوّاد بمدينة سانت كاترين، بين الصخور الصامتة ليهمس بأسرار قاطنيه منذ آلاف السنين.
قال الشيخ جميل عطية، أحد مشايخ مدينة سانت كاترين، إن وادي "الصُفحة" أحد أندر المواقع الأثرية التي ما زالت تخفي أسرار حضارات تختبئ وسط الطبيعة بعيدًا عن الزحام، ويزخر بالآثار النبطية والبيزنطية التي تعد شاهد على عبور الزمن دون أن تطمسها الرياح والجبال أو عوامل التعرية.
وأوضح عيطة، في تصريحات لـ"الشروق"، أن وادي الصفحة يعد من المواقع الأثرية المسجلة رسميًا منذ عام 2010، ويقع جنوب مدينة سانت كاترين بحوالي 20 كيلومترًا. وتتميز المنطقة بكونها مركزًا استيطانيًا قديمًا نشأت خلال الفترة النبطية من القرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي، واحتفظت بهيكلها العمراني رغم مرور القرون.
وأكد عطية، أن هذ الوادي ليس مجرد مكان يوجد فيه آثار بين الجبال فقط، بل يعد قصة مصريّة قديمة لم تكتب بعد، وموقعٌ أثري نادر يجمع بين التاريخ والجغرافيا ينتظر تسليط الضوء عليه، ودمجه ضمن خريطة السياحة الثقافية والبيئية بالمدينة.
وأشار عطية إلى أن المنطقة تضم 14 مبنًى أثريًا عند سفح الجبل، وشيّدت من الحجر الجرانيت المحلي، وتتوزع بين حجرات سكنية بأشكال مستطيلة ومربعة، إضافة إلى 10 منشآت دائرية أعلى الجبل يُعتقد أنها كانت تُستخدم كمقابر قديمة، كما جرى العثور على بقايا عظام بشرية، وكسر فخار وأدوات استخدام يومية.
وأضاف أن هذه الآثار تشير إلى أنه كان يوجد حياة كاملة ومنتظمة في الوادي، وهذه الحياة تعكس مهارات المصري القديم في الفنون المعمارية، وأسلوب معيشته المتطورة نسبيًا مقارنة بالبيئة الجبلية القاسية.
وطالب عطية، بوضع الوادي على قائمة المناطقة السياحية البيئية الأثرية، والاهتمام به كونه موقع تاريخي يستحق مزيدًا من الدراسة والحماية.