مبدأ جديد للنقض يحسم عدم انتقال المكان المؤجر للنشاط الحرفي أو التجاري لورثة ورثة المستأجر الأصلي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:55 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبدأ جديد للنقض يحسم عدم انتقال المكان المؤجر للنشاط الحرفي أو التجاري لورثة ورثة المستأجر الأصلي

محكمة النقض
محكمة النقض
محمد جمعة
نشر في: السبت 1 أبريل 2023 - 1:59 م | آخر تحديث: السبت 1 أبريل 2023 - 1:59 م

- قانون 1997 قيد امتداد العقد لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي فقط ولمرة واحدة اعتبارًا من 1977

- اتجاهين داخل النقض بسبب الأثر الرجعي للقانون.. والمحكمة الدستورية أقرت بدستوريته عام 2002

- هيئة النقض تحسم المسألة الخلافية وتؤكد: قانون 1997 راعى المزاوجة بين حقوق مؤجري الأماكن غير السكنية ومصالح مستأجريها
حسمت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض، عدم استمرار عقد إيجار الأماكن المؤجرة للنشاط الحرفي أو التجاري لورثة ورثة المستأجر الأصلي اعتبارًا من 27 مارس 1997، في ظل ما انتهت إليه من سريان قيد امتداد العقد بعد وفاة المستأجر الأصلى لورثته حتى الدرجة الثانية ممن يستعملون العين في ذات نشاط مورثهم من تاريخ العمل بقانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في 9 سبتمبر 1977.

ومضمون ذلك هو عدم امتداد هذا العقد إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة فقط، وليس ورثة ورثته، وهو ما يعني أن شخص واحد سيستفيد بعقد الإيجار بعد وفاة المستأجر الأصلي (أو من اكتسب هذه الصفة قبل صدور قانون 1977)، وذلك حتى يتحقق الغرض التشريعي -في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا- بقصر الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار على جيل واحد من المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي.

تأتي هذه المسألة ضمن العديد من المسائل المتعلقة بالإيجار القديم، تتعلق هذه المرة بالمكان المؤجر لنشاط حرفي أو تجاري وحدود امتداد وانتقال عقد الإيجار من المستأجر الأصلي الذي توفي إلى ورثته حتى الدرجة الثانية، ومدى جواز امتداد العقد إلى ورثة الورثة في ظل حكمين للمحكمة الدستورية العليا وتعديلات قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.

• بداية تعديل القانون

في فبراير 1997 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وذلك فيما نصت عليه من "استمرار إجارة العين لمزاولة نشاط حرفى أو تجارى لصالح ورثة المستأجر بعد وفاته"، حيث كان استمرار العقد لصالح الورثة في ظل هذا النص دون أي قيد أو انتهاء.

وجاءت تعديلات القانون السابق بالقانون رقم 6 لسنة 1997 مقيدة لامتداد العقد دون نهاية في هذه المسألة، ونصت الفقرة المُعدّلة على أنه: "إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهني أو حرفي، فلا ينتهى العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلى طبقًا للعقد، أزواجًا وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكورًا وإناثًا من قصر وبلغ، يستوى فى ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم".

وأضافت المادة: "واعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا القانون المُعدل لا يستمر العقد بموت أحد من أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة".

الإشكالية في المسألة التي عرضت على الهيئة سببها ما نص عليه القانون الجديد من أثر رجعي في العمل بالمادة سالفة الذكر اعتبارًا من تاريخ العمل بقانون 1977، رغم أن المحكمة الدستورية العليا قضت في إبريل 2002 برفض دعوى تطالب بعدم دستورية هذا الأثر الرجعي، مؤكدة أن المادة واللائحة التنفيذية لا تنطوي على ثمة مخالفة دستورية.

وقبل الحكم بدستورية الأثر الرجعي انقسمت محكمة النقض لاتجاهين، أحدهما أعطى الحق لورثة المستأجر الأصلي في مد العقد لورثتهم مرة واحدة بعد العمل بقانون 1997، والآخر أعمل الأثر الرجعي بامتداد العقد لمرة واحدة فقط من تاريخ العمل بقانون 1977.

• الواقعة التي أثارت المسألة

تعود الواقعة إلى دعوى أقامها مؤجر أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية عام 2002 بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ في 1 نوفمبر 1991 وتسليم المكان، على سند أنه بموجب ذلك العقد استأجر المستأجر الأصلي حانوت لاستخدامه في بيع الأحذية الجلدية، وبعد وفاته عام 1995 امتد العقد إلى نجله في ذات النشاط إلى أن توفى في 8 سبتمبر 2002، وأصبح وضع يد ورثة ابن المستأجر الأصلي دون سند قانوني، فامتنعوا عن تسليم العين رغم إنذارهم.

حكمت المحكمة لصالح ورثة المُؤجر بإنهاء عقد الإيجار، وهو الحكم الذي أيدته المحكمة الاستئنافية، فطعن عليه ورثة المستأجر أمام محكمة النقض.

وقررت الدائرة المدنية المختصة بمحكمة النقض بجلسة 21 فبراير 2023 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيه لوجود اتجاهين في شأن موضوع الدعوى.

• اتجاهين داخل محكمة النقض

أوضحت الدائرة التي أحالت الدعوى أن بعض الأحكام ذهبت إلى أن لورثة المستأجر الأصلي -الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في القانون- أن ينقلوا إلى ورثتهم أزواجًا وأقارب حتى الدرجة الثانية حق الإجارة وبالشروط الواردة فيها لمرة واحدة بعد 27 مارس 1997 (تاريخ العمل بالقانون)، تأسيسًا على أن أحكام التشريعات لا تُطبق إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

بينما ذهبت أحكام أخرى إلى أن نص الفقرة المشار إليها بالقانون يسري من تاريخ العمل بقانون 1977، بما مؤداه أن المشرع ارتأى سريان القانون بأثر رجعى من التاريخ الأخير، وأن قيد امتداد العقد بعد وفاة المستأجر لورثته حتى الدرجة الثانية ممن يعملون في ذات نشاط مورثهم لمرة واحدة يسرى من تاريخ 9 سبتمبر 1977.

• حكم الهيئة

قالت الهيئة إن القانون رقم 6 لسنة 1997 ليس إلا حلقة من حلقات التشريعات الاستثنائية الصادرة لتنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجرين والمستأجرين، وقد راعى المشرع بهذا القانون المزاوجة بين حقوق مؤجري الأماكن غير السكنية ومصالح مستأجريها تحقيقًا للتوازن في العلاقة الإيجارية والمساواة بين طرفيها.

وأضافت أن القانون نص على امتداد عقد إيجار تلك الأماكن على زوج وأقارب المستأجر الأصلي بالشروط والقيود الواردة بالمادة الأولى من هذا القانون، تقديرًا منه لحقوق ورثة المستأجر المذكور لاستمرار مورد رزقهم ومصدر عيشهم وحفاظًا على تواصل نشاط المراكز الحرفية والمهنية والصناعية والتجارية، وحرصًا من المشرع على عدم الإضرار بمؤجري هذه الأماكن.

وأضافت أن القانون قرر عدم استمرار العقد بموت أحد من أصحاب حق البقاء في العين، إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة، وذلك حتى لا يتحول حق المستأجر في استعمال العين -وهو حق مصدره العقد دائمًا حتى مع قيام التنظيم الخاص للعلاقة الإيجارية وتحديد أبعادها بقوانين استثنائية- إلى نوع من السلطة الفعلية يسلطها المستأجر مباشرة على العين المؤجرة مستخلصًا منه فوائده دون تدخل من المؤجر.

وتابعت بأنه إذ لو جاز هذا التحول لخرج هذا الحق من إطار الحقوق الشخصية، وصار مشبهًا بالحقوق العينية ملتئمًا مع ملامحها، وهو ما يناقض خصائص الإجارة باعتبار أن طرفيها -وطوال مدتها- على اتصال دائم مما اقتضى ضبطها تحديدًا لحقوقهما وواجباتهما، فلا يتسلط أغيار عليها انتهازًا وإضرارًا بحقوق مؤجرها، متدثرين في ذلك بعباءة القانون، ولأنها -فوق هذا- لا تقع على ملكية العين المؤجرة، بل تنصب على منفعة يغلها، مقصودة في ذاتها، ومعلومة من خلال تعيينها، ولمدة طابعها التأقيت مهما استطال أمدها.

وأوضحت الهيئة أن المادة تفيد -على ما أبانت عنه الأعمال التحضيرية للقانون- أن قيد امتداد العقد بعد وفاة المستأجر لورثته حتى الدرجة الثانية ممن يعملون في ذات نشاط مورثهم لمرة واحدة من تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 الحاصل في 9 سبتمبر 1977، بما مؤداه أن المشرع حرص على قصر الاستفادة من الامتداد القانوني على جيل واحد من المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي، وسريان القانون رقم 6 لسنة 1997 في خصوص الفقرة الأولى بأثر رجعى من التاريخ الأخير.

ذلك أن المستفيد وإن كان في حكم المستأجر الأصلى فهذا لا يعنى أكثر من حلوله محله في كافة الحقوق التي تترتب على العلاقة الإيجارية ولا يؤدى إلى تغيير صفته من كونه مستفيدًا إلى مستأجر أصلى، وإلا لكان في ذلك توسعة في مفهوم النص وامتداد العقد إلى أكثر من جيل، على خلاف مقصود النص وحكم المحكمة الدستورية في الدعوى 44 لسنة 17 قضائية دستورية الصادر بعدم دستورية النص القديم بقانون 1977 الذي صدر قانون 1997 تصحيحًا له، وفقًا للهيئة.

وبالتالي فإنه اعتبارًا من 27 مارس 1997 لا يستمر عقد الإيجار بموت أحد من أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة، وليس ورثة ورثته، فإن مات أحد من هؤلاء المستفيدين لا يستمر العقد لصالح أى من ورثته وينقضي العقد بوفاة مورثهم، والقول بغير ذلك من شأنه امتداد عقد الإيجار لأكثر من جيل وعلى خلاف ما تنص عليه المادة الأولى من القانون والمادة الثامنة من لائحته التنفيذية.

وانتهاءً وبعد فصل الهيئة في المسألة المعروضة عليها، قررت العدول عن الاتجاه الآخر الذي يسمح بانتقال العقد إلى ورثة الورثة لمرة واحدة بعد 27 مارس 1977، وأعادت الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه على ضوء ما انتهت إليه. وهو ما يشير إلى أن الدائرة ستحكم برفض طعن ورثة المستأجر وتأييد إنهاء عقد الإيجار.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك