الجميع يتذكره بفكره الراقي وموسوعيته القانونية الفريدة.. احتفاء بإسهامات رجائي عطية في ندوة اتحاد كُتاب مصر - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 4:26 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجميع يتذكره بفكره الراقي وموسوعيته القانونية الفريدة.. احتفاء بإسهامات رجائي عطية في ندوة اتحاد كُتاب مصر

أسماء سعد - تصوير: سلمى محمد خضر
نشر في: الجمعة 3 مارس 2023 - 7:23 م | آخر تحديث: الجمعة 3 مارس 2023 - 7:23 م

مي رجائي عطية: لم يكن يتوقف عن الكتابة وظل محافظا على إنتاجيته حتى وفاته
شريف عارف: تأثيره لم يكن له حدود وكان مؤرخا ومفكرا وقانونيا بارعا
«فقيه قانونى من طراز رفيع، مفكر عشق القراءة والكتابة، ومحامٍ أخلص لمهنته حتى الثوانى الأخيرة فى عمره»، هو نقيب المحامين الراحل رجائى عطية، الذى انهالت عليه كلمات الثناء والإشادة والتقدير، خلال ندوة موسعة نظمها اتحاد كتاب مصر، لمناقشة «الرحلة القانونية والثقافية» لرجائى عطية.
نخبة من الكتاب والشخصيات العامة وكبار المحامين، شاركوا فى الندوة فى حضور مى رجائى عطية، نجلة المفكر الموسوعى والرجل القانونى الراحل، حيث أجمع الحضور على أن عطية صاحب رحلة قانونية وثقافية مليئة بالكنوز، وأن عطاءه لمصر لم يكن له حدود، وأن إسهاماته ستظل باقية فى وجدان المصريين، حيث قرر اتحاد كتاب مصر تكريم نجلة الراحل وإهدائها درعا للاتحاد.
وقد أهدت مى رجائى عطية لاتحاد الكتاب، مجموعة من مؤلفات والدها الصادرة عن دار الشروق، من بينها «فى مدينة العقاد الفكر والفلسفة والحياة»، «فى مدينة العقاد ــ العبقريات والتراجم الإسلامية» ــ «فى مدينة العقاد ــ جولات الأدب والفكر»، و«حقائق القرآن وأباطيل الأدعياء»، و«تجديد الفكر والخطاب الدينى».
===أثره باقٍ لا يزول
وأكدت أن فقدان أبيها ورحيله أحدث لها معاناة كبرى على المستوى الشخصى، وأنه رغم اعترافها بوجود «أثر باقٍ» له لا يزول، إلا أن ذلك لم يكن أبدا أكبر من مسألة الحزن والفقد على رحيل قامة بحجم رجائى عطية، حيث تطرقت بعدها إلى مجموعة من سماته المتفردة، حيث قالت: كان لديه احترام خاص للأوراق، لكل ما هو مكتوب، مع اهتمام بالغ بالتفاصيل خلال عملية الكتابة، وتحديدا فى إبداعاته المختلفة.
واصلت: بلغت درجة اهتمامه واعتنائه بالتفاصيل، أن مجرد «علامات الترقيم» كانت تشغل حيزا من اهتمامه، فلا شىء عشوائيا فى عالم رجائى عطية، وكان لديه حرص شديد على إعمال مراجعة وتدقيق لمقالاته ومتابعة رد الفعل عليها، ليطمئن أنه قام بتلك العملية على نحو مثالى.
«شخص لا ينام.. قادر على الكتابة فى جميع الأوقات»، بتلك الكلمات عبرت مى رجائى عطية عن تعلق والدها بعملية الكتابة، كان ينام فى الثانية صباحا ويستيقظ فى الخامسة، مجرد أن تأتى له فكرة المقال يشرع فى الكتابة أيا كان ما يقوم به من نشاط آخر.
«أنا للمحاماة سأعيش لها وأموت عليها» بتلك الكلمات أعادت مى رجائى عطية تذكير الحضور بكلمات والدها اللافتة، والتى تحققت بالفعل حيث صعدت روحه إلى بارئها خلال ممارسته لعمله وقيامه بإحدى المرافعات، حيث أوضحت أنه ليلة وفاته كان يعمل من 8 صباحا إلى 11 مساءً فكان حريصا باستمرار على إنتاجيته الهائلة حتى لحظاته الأخيرة.
وأشارت إلى أنه كتب خلال مسيرته الثرية 140 كتابا منها 100 كتاب أدبى و40 كتابا قانونيا، وعندما يتم استضافته فى إحدى البرامج كان يرفض أن يرسلوا إليه الأسئلة أو سكريبت الحلقة، كان يبلغ الجميع باستعداده للإجابة على أية أسئلة فى جميع المجالات دون إعداد مسبق، وأوضحت: «رجائى عطية كان يعشق لقب الأستاذ فقط لا غير»، كان يميل إلى هذا اللقب دون غيره.
وعن عشقه لعملية القراءة، أوضحت نجلة نقيب المحامين الراحل، أنه كان نهما للغاية لعملية القراءة حتى اللحظات الأخيرة من حياته، موضحة أنه دائما ما كان يعود إلى البيت حاملا لمجموعة كبيرة من المكتب، والتى شكلت يوما تلو الآخر قوام مكتبة مهولة كان يملكها وينهل منها باستمرار.
وواصلت: كان أبى يملك شغفا حقيقيا للعلم والمعرفة وللتعلم، والرسالة التى أراد أن يجعلها تصل للشباب هى ضرورة أن يملكوا رصيدا كبيرا من الثقافة، فكان قد بلغ الـ 83 من عمره، وكان لا يزال يشترى الكتب ويقرأها بنهم فقد كان ينام وفى يده الكتاب.
== عطية واحد من أعمدة التاريخ المصرى الحديث
وقال الكاتب الصحفى شريف عارف، إنه بمجرد التفكير فى شخصية رجائى عطية، تتبادر إلى الذهن تساؤلات فورية، هما إذا كان مفكرا، أو محاميا من طراز رفيع، أم فيلسوفا له رونق خاص، أم مؤرخا أو كاتبا أو باحثا إسلاميا، فقد كان له طابع موسوعى بحق وبرع فى كل ما سبق، مضيفا أن تلك الشخصيات العظيمة مثل «البصمات الإنسانية» لا تتكرر، قائلا: أرى أن شخصية رجائى عطية أشبه ما تكون بالمؤرخ المصرى الكبير عبدالرحمن الرافعى، وأيضا عبدالعظيم رمضان، فى رأيى أنهم جميعا أعمدة التاريخ المصرى الحديث.
وتابع بالقول إنه بالنظر إلى أوجه الشبه مع عبدالرحمن الرافعى، فسنجد أن الأخير أيضا كان محاميا، جعلت منه الظروف والسياقات التاريخية والسياسية، جزءا أساسيا فى الحركة الوطنية، وكان داعما لمصطفى كامل فى الحزب الوطنى فأصبح جزءا أساسيا منه، وفى رأيى أن الظرف التاريخى جعل من رجائى عطية أيضا شخصية مؤهلة لأن تلعب هذا الدور التاريخى.
وواصل بتأكيده على أن تأثير رجائى عطية لم يكن له حدود، وهو تأثير ممتد حتى وقتنا هذا، وأن الشخصيات التى يطغى تأثيرها بهذا الشكل، يكون أثرها ممتدا وباقيا بشكل أكبر حتى بعد وفاتهم.
فيما أشارت بعدها الكاتبة منى ماهر عضو اتحاد الكتاب إلى أنها كانت دوما ما تتابع رجائى عطية باستمرار، وتترقب ظهوره، وكانت فى كل مرة تتأكد من قدر وطنية هذا الرجل، وأنها دوما ما تعتز بالشخصيات التى تظهر عشقها لمصر وحرصها على البلاد، وذلك بخلاف أن آراءه، كانت محل إعجاب بالنسبة لها وبالنسبة للكثيرين، وأنها كانت دوما ما تتساءل هل الشخص الوطنى الذى يحب مصر بكل هذا القدر الهائل، هل تبادله البلاد أيضا حبا وتقديرا بنفس القدر وتساعده على أن يظل خالدا وباقيا.
وواصلت: ظلت العديد من الأسئلة تدور فى رأسى عن مدى تقدير الوطن والمواطنين لرجائى هطية، حتى ذهبت إلى عزائه، وانبهرت بشكل كبير من كم الحضور، وتأثرت بشدة، حيث وجدت سرادقا كبيرا، والجميع يتسابق للمواساة وتقديم واجب العزاء، فأدركت أن ما قدمه عطية من حب لبلاده سيظل باقيا فى قلوب محبيه من المقدرين لدوره.
== المحاماة لديه هى رسالة إنسانية
بعدها أكد المحامى عادل عبدالرازق عضو اتحاد الكتاب، على أن رجائى عطية موجود معنا فى كل لحظة وكل دقيقة، نتذكر على الدوام طريقة مرافعته وأدائه فى المحاماة، فالمحامى فى عقيدة رجائى عطية هو المدافع عن الغير باستمرار، حيث ظل يبذل كل الجهد لكى يجعل للمحامى مهنة وكرامة سامية.
اتفق مع ذلك المستشار والروائى محمد عبدالعال، الذى أشار إلى أن المحاماة فى نظر رجائى عطية هى رسالة كان يريد أن يخرج بها من نطاق المحاماة باعتبارها مجرد مهنة إلى أن تصبح رسالة حقيقية، وأن المحامى أو رجل القانون يجب أن يكون كما قال الأستاذ رجائى عطية موسوعيا وهائل الاطلاع وسيفه يكون الإقناع باستمرار، وهذا ينطبق على الراحل الكبير حيث كان يقدر المعرفة، ويظل فى المقام الأول مفكرا من طراز رفيع، وأنه فيما يخص كونه رجل قانون ونقيبا للمحامين، فكان حريصا على أن يستعيد الصورة القوية البهية للمحامين.
أما الكاتب الصحفى ماهر حسن، فقال إن أحد أهم مزايا رجائى عطية، هو أنه كان فى غاية التواضع، كقامة قانونية وفكرية تكن الاحترام الشديد للجميع، وهو ما توافق معه المحامى مصطفى الهوارى، الذى قال إن رجائى الإنسان له شخصية مركبة متعددة الجوانب بسبب إبداعاته فى مجالات عدة، ويملك لمحات ليس من السهل أن تجدها متكررة بمثل ما ترسخت فى تلك القامة المعرفية الهائلة.
وأكد أنه عند قراءته لفكر أستاذ رجائى، وجد أن هناك شخصيتين أثرا فيه تأثيرا كبيرا، أولهما محمد عبدالله محمد وهو لم يكن فقط محاميا وإنما مفكر وسياسى وشاعر متعدد الجوانب، وهذا أعتبره نفس طراز نقيب المحامين الراحل، وهو شخص موسوعى بطبعه لا يجذبه إلا الموسوعيين، كما أننى وجدت أيضا أنه تأثر بعباس العقاد بشكل كبير.
استطرد حسن: عندما قرأت كتاب «جولات فى فكر العقاد» الصادر عن دار الشروق لرجائى عطية، وجدت أن هذا الكتاب سيعرف القارئ على العقاد كما لم يعرفه من قبل.
أما المحامى إبراهيم سعودى، فقال: تربطنى رابطة فكر وحب وتقدير برجائى عطية، لم أتخط لحظة فراقه ورحيله، فهو نفسه كان بهذا القدر من الوفاء لأعلام الفكر والمحاماة، كاشفا عن أنه يعمل على كتابة مؤلف عن عن رجائى عطية يرتكز خلاله على الحديث عن «رجائى عطية الأب» و«خاتمة رجائى عطية»، فمسألة الأبوة شديدة الوضوح خلال مسيرته فى التعامل الراقى مع كل تلاميذه، حيث كان أبا حقيقيا لهم بكل معنى الكلمة.
يشار إلى أنه فى أواخر مارس من العام الماضى، رحل الفقيه القانونى القدير والمفكر الإسلامى الكبير رجائى عطية، نقيب المحامين عن عمر ناهز الـ 84 عامًا، إثر سقوطه مغشيًا عليه أثناء تواجده فى محكمة جنوب الجيزة.
وقدم عطية، عددا من الكتب الأدبية والفكرية المختلفة، التى امتزج بها الفكر والتنوير والوسطية وإثراء الوعى، بالتعاون مع دار الشروق، والتى نشرت له مجموعة من أنجح الكتب التى قدمها خلال مسيرته الحافلة بالمحطات المهنية والإبداعية.
ويأتى ضمن هذه الأعمال الصادرة عن دار الشروق: تجديد الفكر والخطاب الدينى رجائى عطية، توفيق الحكيم وعودة الوعى، جولات الأدب والفكر، دماء على جدار السلطة، ماذا أقول لكم؟، حقائق القرآن وأباطيل الأدعياء، رسالة المحاماة، فى مدينة العقاد ــ العبقريات والتراجم الإسلامية، فى مدينة العقاد ــ الفكر والفلسفة والحياة، نور الله فى الآدميين.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك