يحيى قلاش نقيب الصحفيين: تقييد حرية الصحافة والإعلام أكبر خدمة نقدمها للإرهاب - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 6:51 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يحيى قلاش نقيب الصحفيين: تقييد حرية الصحافة والإعلام أكبر خدمة نقدمها للإرهاب

نقيب الصحفيين يحيى قلاش
نقيب الصحفيين يحيى قلاش
حوار ـ ميساء فهمي:
نشر في: الأحد 12 يوليه 2015 - 11:46 ص | آخر تحديث: الأحد 12 يوليه 2015 - 11:46 ص

• هناك من يحارب لكى تعود الأمور إلى ما قبل 25 يناير

• اعتبار الصحفى غير وطنى إلى أن يثبت العكس فكرة استبدادية

• من يرفض مواد قانون الإرهاب المقيدة للحريات هو الأكثر حرصًا على مصلحة مصر.. ومطلبنا واضح وهو إلغاء المادة 33

• رفضت التطوع بإرسال وجهة نظرنا للحكومة حول مواد قانون الإرهاب.. والتعامل المؤسسى يضمن لنا الجدية


معركة جديدة تخوضها نقابة الصحفيين، ضد بعض مواد مشروع قانون مكافحة الإرهاب، وعلى رأسها المادة 33 التى تم رفضها بالإجماع فى الإجتماع الأخير لمجلس نقابة الصحفيين وكبار الكتاب ورموز المهنة، والتي تنص على أن "يعاقب بالحبس الذى لا يقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أيه عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة فى هذا الشأن".

«الشروق» حاورت يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، ليتحدث للمرة الأولى باستفاضة عن أزمة مشروع قانون مكافحة الإرهاب، وتجاهل النقابة في وضع المواد المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام فيه، وقراءته للمشهد الحالي ومستقبل حرية الصحافة والإعلام في مصر.

• فى رأيك.. من السبب فى أزمة الصحفيين مع مشروع قانون مكافحة الإرهاب؟
ــ السبب هى العقلية التى لا يريد البعض تغييرها فى نظرته للصحافة وللإعلام، فهذه العقلية تتعامل باعتبار أن الصحفى مُدان إلى أن تثبُت براءته، وأنه متهم حتى يثبت العكس، وأن الصحفى غير وطنى إلى أن يثبُت العكس، وهذه نظرة كانت سائدة قبل ثورة 25 يناير، فهناك من يتعامل مع الصحافة بفلسفة عقابية بها تربص وعداء لحرية الصحافة، وهذا فكر ينتمى للدولة الاستبدادية، وهو فكر يمثل خطورة على الدولة، وإذا عُدنا لأول تقرير رسمى أصدرته لجنة تقصى الحقائق بعد 25 يناير فسنجد أن أحد أسباب قيام الثورة هو التضليل الإعلامى، وهو ما أدى لفقدان المصداقية فى الاعلام، وتضليل الحاكم والمسئولين وانفصالهم عن الشعب، فأدى ذلك إلى الانفجار، وهذا خيار بين الدول الديمقراطية والدول غير الديمقراطية فى الانحياز لحرية الصحافة.

• لكن الجماعة الصحفية تعرضت لانتقادات من بعض الإعلاميين بسبب تمسكها بإلغاء المادة 33 من قانون الإرهاب؟
ــ حرية الصحافة لها ثمن، والاستبداد يوهمك أنك تملكت وتحكمت فى حين يفاجئك بانفجار مدوٍّ تكون آثاره غير حميدة، فبعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو ودستور 2014، تشعر بأن هناك من يحارب لكى تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير، وقد حضرت إفطار الأسرة المصرية، الذى دعا له الرئيس السيسى، وقال كلاما واضحا بأنه لا عودة لما قبل 25 يناير، وأن أى شخص فى المجتمع المصرى يتصور أنه يمكن العودة لما قبل هذا التاريخ فهو واهم، فالذى يحدث الآن للإعلام والصحافة وطريقة التعامل معهما هو مؤشر «إحنا رايحين فين بالظبط»، ولا أدرى لمصلحة من عودة هذه المدرسة العقابية، وكذلك ترزية القوانين، واختلاق أزمة فى غير أوانها، فى الوقت الذى يُجيِّش المجتمع نفسه لمواجهة الموجة الإرهابية السوداء الأخيرة، ووجود حالة اصطفاف تلقائية وطبيعية من كل طوائف الشعب.. نقابات وأحزاب وقوى سياسية خلال الفترة الأخيرة، ثم يأتى هذا المشروع ليُقيد الحريات، بجانب اعتراضات جهات أخرى على بعض مواد القانون، ومنها المجلس القومى لحقوق الانسان، ونقابة المحامين، ومجلس القضاء الأعلى.

• هل تعتقد أن البعض يرغب فى تقييد حرية الصحافة تحت مُسمى محاربة الإرهاب؟
ــ هناك بعض المواد فى مشروع القانون الجديد تقيد حرية الصحافة والإعلام، وهذه أكبر خدمة نقدمها للإرهاب، فالسؤال هنا «هل الإعلام جزء من المواجهة أم لا؟»، و«هل بالإعلام نواجه الإرهاب أم نُرهب الاعلام؟».
لقد وجدنا أنفسنا بشكل مفاجئ ندافع عن أنفسنا، وأصبحنا مطالبين بالتأكيد على أننا وطنيون ولا نحتاج لوصاية أحد، وأن الصحفيين على قوائم الاغتيال، والإرهاب يستهدفنا، وهناك محاولات للوقيعة بين موقف نقابة الصحفيين وبين فئات من الشعب يحركها رموز فى الإعلام تنتمى لمدرسة إعادة الأمور إلى ما قبل 25 يناير، وإدخال البلد فى متاهات أخرى وأزمات متلاحقة، فالوقيعة بين الإعلام والشعب والدولة وقيعة مفتعلة.

• البعض اتهم الجماعة الصحفية بأنها لا تساند الدولة فى حربها ضد الإرهاب؟
ــ لم يقل أحد إن نقابة الصحفيين ضد أى إجراءات تتخذها الدولة فى مواجهة الإرهاب، أو أن الإعلاميين يدافعون عن الإرهاب، فهذا كلام مضلل مثل الإعلام المضلل قبل 25 يناير، واتهامات خطيرة وغير حقيقية، نحن عندما ننادى بحرية الإعلام والصحافة فهذا يعنى أننا نتمسك بحرية المواطن وحقه فى المعرفة وفى توافر المعلومات، فالإعلام والصحافة يُبصرون الحاكم والمسئول عن أى مشكلة ليتم حلها قبل أن تتفاقم وتنفجر.
وبخلاف نظرة الوصاية فاتهامات الإعلام بعدم الوطنية خدمة للإرهاب، من خلال تكتيف وشل الإعلام الوطنى المحلى مما يجعل المواطنين يستقصون الأخبار من الإعلام المضاد أو القنوات التكفيرية، فبعد أن انصرف الناس عن تلك القنوات ندفعهم نحن للعودة لها مرة أخرى.
كل هذه التصرفات تهدد الأمن القومى، فالعقلية العقابية تُفكر بنفس منطق الأربعينيات والخمسينيات، فالفضاء الإعلامى لا يوجد به فراغ، وبالتالى المواطن أصبح لديه خيارات كثيرة ومتنوعة، ولا يستطيع أحد إجباره على متابعة قناة أو جريدة بعينها، فهناك من يملك فراغ ذلك الفضاء الذى أصبح قرية صغيرة لا يمكن حجب أى شىء فيه، وبالتالى هناك مصلحة وطنية عليا فى هذه اللحظة الفارقة من تاريح البلد أن يكون هناك دور إيجابى ومتقدم للاعلام، فتاريخ الإعلام المصرى والصحافة المصرية طول الفترة الماضية لا يستحق أن يتم التعامل معهم بهذه الطريقة.
كل المعارك السابقة كان الجميع يحارب، فالجندى يحمل سلاحه والصحفى يحمل قلمه، والجماعة الصحفية قدمت شهداء حفروا أسماءهم فى سجلات النقابة، وامتزج دمهم بدماء الجنود الذين استشهدوا على الجبهات المصرية.

• لكن هناك نسبة غير قليلة من الشعب توافق على فرض الرقابة على الصحافة والإعلام كنوع من مساندة الدولة؟
ــ من يرفض مواد قانون الإرهاب المقيد للحريات هو الأكثر حرصا على البلد، وقلبه عليها بشكل حقيقى، لأن المواطن العادى مصلحته مع إعلام بلده، ومعالجة أى أخطاء لا تكون بالمنع، والارتباك الإعلامى أثناء أحداث الشيخ زويد الأخيرة ليس مسئولية الإعلام، بل مسئولية عدد من الجهات المعنية والمسئولة فى البلد، هذا اليوم شهد ارتباكا وخللا فى المنظومة بأكملها بالدولة، ورد فعلنا حول أحدث هذا اليوم هو إصدار بيان فى اليوم التالى لتلك الأحداث، شددنا فيه على أن المصلحة العليا كانت تقتضى التأنى فى الخبر، كما أن بعض المواقع التى شعرت بالخطأ، وبعض الوكالات حسنة السمعة مثل رويترز وقناة «سكاى نيوز» أجرت عملية مراجعة لنفسها.
نريد للإعلام أن يدخل فى مواجهة مع الإرهاب دون تقييد، فالمربوط يكون لقمة سائغة للإرهابيين، لكن التحرر يعكس شعورا بالمسئولية، الإعلام والصحافة ليسوا أقل من الجنود على الجبهة، فالصحفى مستعد أن يضحى بحياته من أجل بلده، ولا يمكننا وضعه فى قانون مع الإرهابيين، الإعلام المضاد خنجر فى ظهر البلد.

• وماذا عن انحياز عدد من أبناء المهنة للحكومة بخصوص المادة 33 من قانون الإرهاب؟
ــ أنا أُقدر مشاعر بعض زملائى ومشاعر كل مواطن فى مصر، لكننى أقول لهم إن الصحفيين يملكون نفس الحرص على البلد، ومن الخطر الشديد أن نقدم خدمة مجانية تطوعا للإرهاب، فهو ليس فى صالح البلاد، وأتحمل أنا وزملائى فى مجلس النقابة المسئولية الكاملة لمنع تقييد الصحافة، لأننا نعلم جيدا تبعات تلك المواد فى قانون الإرهاب، فلسنا فى حرب فئوية و«مش عايزين مزايا ولا على راسنا ريشة»، بالعكس أطلقوا الإعلام ليكون فى مكانة متقدمة فى مواجهة الإرهاب، يؤدى دوره مثله مثل أفراد الجيش، وجميع المؤسسات الأخرى عليها المشاركة فى هذه المعركة الشاملة، فهى ليست معركة أمن فقط، وإن كان للأمن دور عظيم، لكن على الجميع أن يؤدى دوره فيها.

• كيف ترى تجاهل وزارة العدل للنقابة فى وضع المواد الخاصة بالصحافة، خصوصا أن المادة 33 لم تكن موجودة فى القانون قبل الأحداث الأخيرة؟
ــ اجتماع رئيس الحكومة وبعض الوزراء ومنهم وزير العدل مع وفد نقابة الصحفيين وبعض رؤساء تحرير الصحف، الأربعاء الماضى، كان به إحساس بأن هذا القانون يحتاج إلى حوار مجتمعى، وأن النقابة لها حق بالفعل فى أن يتم مراجعتها، وعلينا ترسيخ قاعدة دولة المؤسسات، وكنت رافضا لفكرة التطوع بإرسال وجهة نظرنا للحكومة حول المواد المتعلقة بالصحافة فى مشروع قانون الإرهاب، فوجهة نظرنا أعلناها وقلنا لن نخاطب أحدا إلا إذا كان هناك تعامل مؤسسى مع الأمور، لأنه سيضمن لنا جدية التعامل مع الموقف، ونحن نعتبر أن اجتماعنا مع رئيس الحكومة هو بداية لحوار نتمنى أن يؤخذ بجدية، ونتمنى ألا يكون الاجتماع لامتصاص غضبنا، لأنه ليس شخصيا، بل حرصا على البلد وعلى دورنا فى المعركة، وإذا كانت هناك أى اتجاهات إيجابية فنتمنى أن تُترجم إلى قرارات حقيقية، تنزع فتيل الأزمة، وتجعلنا جبهة موحدة ضد العدو الحقيقى.

• هل تتوقع بأن تنفذ الحكومة وعدها بإلغاء المادة 33 أم ستكتفى بتعديلها؟
ــ مطلبنا واضح وصريح، وهو إلغاء المادة وليس تعديلها، وإذا كان هناك مجال لتطبيقها فيكون خارج قانون الإرهاب، بعد تعديلها لنزع العوار الدستورى منها، ونزع صفة التعميم والاقتصار على العمليات الحربية والعسكرية، اجتماع مجلس النقابة مع رؤساء تحرير الصحف يوم الخميس الماضى انتهى بإجماع الحاضرين على عدم وجود تلك المادة فى القانون، فضلا عن بعض الملاحظات الخاصة بمواد أخرى فى نفس القانون التى تحتاج لإعادة صياغة وضبط حتى لا يتم تفسيرها بشكل ينال من دور الصحافة والإعلام فى مواجهة الإرهاب، وهذا الوقت لا يمكن فيه تحويل الخلاف إلى معركة كبيرة تستنزف طاقتنا، وهو خلاف قابل للحل، وأتوقع من رئيس الجمهورية، الذى يستعد لحدث كبير وهو افتتاح قناة السويس الجديدة خلال أيام، أن يُنهى الأزمة لأنه حريص على تماسك الجبهة الداخلية.

• هناك مواد أخرى مقيدة للحريات فى قانون مكافحة الإرهاب، ما موقف النقابة منها؟
ــ فى بيان النقابة الأخير نادينا بالأخذ فى الاعتبار جميع ملاحظات المؤسسات الأخرى التى لها اعتراضات على القانون، وفى مقدمتها المجلس القومى لحقوق الإنسان ونقابة المحامين، فبعض رجال القانون القريبين من دوائر الحكم فى الدولة لديهم ملاحظات جدية على القانون، وبالتالى يجب الاستماع لكل الآراء، تجنبا لأى فتنة قد تحدث عكس مصلحة الوطن.

• كيف ترى مستقبل حرية الصحافة فى ظل كل ما يحدث؟
ــ حرية الصحافة هى مستقبل البلد، ونحن ننحاز لدستور 2014 وسنترجمه ترجمة حقيقية، والصحافة لها مستقبل فى بناء الدولة والمجتمع الديمقراطى، والموقف يتطلب إنشاء نقابة للإعلاميين، لوجود فراغ تشريعى وفراغ فى مسألة التنظيم الذاتى لمهنة الإعلام المرئى والمسموع، ونقوم الآن بترجمة المواد المتعلقة بالصحافة والإعلام فى الدستور لمنظومة تشريعات جديدة تعيد بناء منظومة الإعلام، لكى نتمكن من إطلاق يمكن أن نطلق عليه لقب «إعلام 25 يناير ــ 30 يونيو»، واللجنة التأسيسية لإعداد التشريعات الصحفية والإعلامية اقتربت من الانتهاء من منظومة التشريعات، لتساند نقابة الإعلاميين، التى طالبنا بإنشائها، فى تنظيم الإعلام المرئى والمسموع الذى يُمارس حاليا بحالة من الفوضى لا يوجد لها مثيل فى العالم، كما نحتاج للخروج بتلك التشريعات سريعا للضبط الذاتى للمهنة، وهو ما سيجعل الإعلام ينطلق فى مرحلة جديدة من خدمة الوطن، لتحقيق شعار الحرية الذى لن يتحقق إلا بحرية الإعلام والصحافة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك