- كوستا: الإسكندر الأكبر نشر السلام ووحد الشعوب
أكدت الدكتورة كاليوبي بابا كوستا، مديرة معهد الأبحاث اليونانية بالإسكندرية، أن الإسكندر الأكبر قدم نموذجا فريدا للسلام من خلال فكرة توحيد الشعوب، مشيرة إلى أن مدينة الإسكندرية لا تزال تعبر حتى اليوم عن الروح الهلينستية التي تمتد عبر الأجيال.
وأوضحت أن فكرة الوحدة الإنسانية تجسدت في الإسكندرية واستمرت مع دفن الإسكندر على أرضها، ليصبح لقبه "الأكبر" انعكاسا لمسار مختلف في تاريخ البشرية.
جاء ذلك خلال فعاليات ندوة نظمتها مكتبة الإسكندرية، اليوم السبت، على هامش معرض "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"، حيث تناولت كوستا رؤية الإسكندر بوصفها واحة تجمع بين الحياة والموت، والشغف، والحقيقة والأسطورة.
وأشارت إلى أنه في عام 332 قبل الميلاد انتقل الإسكندر من دلتا النيل إلى ممفيس، ثم أسس مدينة الإسكندرية، مؤكدة أن اليونانيين استفادوا من النيل تجاريا مع احترامهم العميق للثقافة المصرية، ما أوجد تمازجا بين الأسطورة والتاريخ واحترام الأديان.
وأضافت، أن اليونانية أصبحت لغة سائدة في النشاط التجاري والثقافي، وتحدث بها مختلف من عاشوا في مصر آنذاك، بمن فيهم اليهود، في إطار مجتمع متعدد الثقافات.
من جانبها، قالت الدكتورة منى حجاج، أستاذة الآثار اليونانية الرومانية في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، إن الإسكندر الأكبر تحول من قائد تاريخي إلى بطل أسطوري، مشيرة إلى أن إنجازاته لم تكن طبيعية في سياق التاريخ، إذ قاد إمبراطورية كبرى امتدت من اليونان إلى مصر وبلاد فارس، جامعةً بين الواقع والأسطورة في شخصية واحدة.
بدوره، أوضح الدكتور محمد عبدالغني، أستاذ الآثار اليونانية في الإسكندرية، أن العداوة بين اليونان والفرس بدأت منذ عهد فيليب الثاني واستمرت حتى عصر الإسكندر الأكبر بين عامي 330 و310 قبل الميلاد، مؤكدا أن الإسكندر نجح في إنهاء هذا الصراع عبر تأسيس إمبراطورية موحدة، وعقد معاهدات مع فينيقيا وفلسطين، إلى جانب إنشاء قوات بحرية لحماية مصر ومواجهة الفرس.
وأشار إلى أن الإسكندر دخل مصر بسلام، حيث رحبت به القبائل، لافتا إلى أن هيرودوت وعدد من المؤرخين ذكروا الفظائع التي ارتكبها الفرس بحق المعابد الدينية في مصر، موضحا أن الإدارة الفارسية كانت معادية للدين رغم تكيف الفرس مع المجتمع المصري، بينما احترم الإسكندر مشاعر المصريين وقدس عقيدتهم.
في السياق ذاته، أكدت الدكتورة صوفيا أفغيرينو كولونيا، أستاذة التخطيط الحضري والإقليمي بكلية الهندسة المعمارية في الجامعة التقنية الوطنية بأثينا، أن آلاف السنين من الروابط الحضارية تجمع بين المصريين واليونانيين، مشيرة إلى أن رؤية الإسكندر في بناء الإسكندرية جعلتها نقطة التقاء بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
وأشادت بالدور الثقافي والمعرفي للمدينة، مستشهدة بالفيلسوفة هيباتيا بوصفها نموذجا فريدا، وبالشاعر كفافيس، مؤكدة أن الإسكندرية مدينة صامدة بتعدد حضاراتها ولا مثيل لها في العالم.
وأضافت أن فكرة الثقافة العالمية انطلقت من الإسكندرية، وأن المدينة الجديدة لا تزال تحمل أفكارا هيلينية ورؤى مستقبلية تقوم على الاستدامة وبناء المجتمعات الإقليمية.